د/ بشير محمد آدم - مدير جامعة الإمام المهدي السابق [email protected] يحسب للمؤتمر الوطني سماعه لصيحات وأنات جماهيره واستجابته لمطالبها المشروعة بمراجعة أداء الولاة في عدد من ولايات السودان وتغيير نظام إختيارهم بالتعيين وليس الإنتخاب الذي عكس ممارسات سالبة لا تمت للديمقراطية في شيء وإنما تكرس للجهوية والقبلية والشللية. لم يضق صدر المؤتمر الوطني بالإنتقادات التي وجهت لتغيير قانون بإلغاء الإنتخاب بالتعيين وأتاح الحرية للنقد وإبداء الرأي. واعتبرها فرصة لتصحيح المسار والرغبة في تثبيت دعائم الحكم الراشد وإثبات أن العلة ليست في التنظيم ومنهجه وإنما في من خذلوا تلك الفكرة بطموحاتهم الشخصية وشرههم للسلطة والمال وضيق أفقهم الإدارية. عدد من هؤلاء الولاة أصبحوا أباطرة وسلاطين وصارت الولاية ملكاً لهم يرتعون فيها ما شاء الله لهم (ولذلك ريع محسوبيهم) ويفعلون ما يريدون. في ولاية النيل الأبيض إشتكى المواطنون وبح صوتهم قبل مجيء الوالي كاشا من تردي الأوضاع المعيشية وكثرة الخلافات والتكتلات المصلحية وأخبار الفساد المزعوم التي تزكم الأنوف والتجاوزات في كل شيء، خاصة في مجال الأراضي بمدن كوستي وربك والدويم. ولاية النيل الأبيض لها ميزات كثيرة علي غيرها من الولايات وتعتبر من الولايات الكبيرة من حيث المساحة وتعد أطول الولايات، حيث تحدها ولاية الخرطوم شمالاً ودولة جنوب السودان جنوباً. هي ولاية السكر الأولى بالسودان ولكن" مساخة" حكوماتها لم يجعلهم يتذوقون طعم السكر. تمتلك الولاية مساحات واسعة من الأراضي الخصبة على جانبي النيل الأبيض وفي مناطق الزراعة الآلية التي يمتلك فيها كبار مسؤولي الولاية مشاريع زراعية تأخذ جل وقتهم على الرغم من تقلدهم مسؤوليات تنفيذية. تمتلك الولاية أيضاً مشاريع زراعية على شريط النيل الأبيض شرقاً وغرباً وكانت تلك المشاريع خير معين لمواطن الولاية ليس المزارعين فحسب وإنما كان خيرها يعم جميع مكونات المجتمع. كانت ولاية النيل الأبيض في ما قبل مجيء الوالي كاشا حقل تجارب للحكومات الفاشلة في التي صبر عليها أهلنا في بحر أبيض كثيراً؟ سوء وتردي في الخدمات الصحية بمستشفيات الولاية والمراكز الصحية، كما كانت عدد من مدارس الولاية في مرحلة الأساس تفتقر لمقاعد لإجلاس التلاميذ ونحن في الألفية الثالثة تعيش تلك المدارس بيئة سيئة للغاية تنعدم فيها مياه الشرب والحمامات، والمعلمين ليسوا أكثر حظاً من تلاميذهم في بعض المدارس(مدرسة الرقيق بقرية الحوطية مثلاً) التي تقع على مرمى حجر من عاصمة الولاية وتعتبر وصمة عار في جبين تلك الفترة التي ولت غير مأسوف عليها! حال الطرق في مدن الولاية يغني عن سؤالها (الطريق الواصل الجزيرة أبا بالطريق القومي،الطريق من بداية كبري كوستي بربك شرقاً حتى السوق الشعبي بكوستي، ...) كما أن المواطنين في عشرات القرى والمدن (كوستي مثال) يشتكون من سوء الطرق لأن الوالي السابق وحكومته لم يهتموا بتسوية الطرق واكتفوا فقط بفرض الرسوم والجبايات غير المنطقية، يا ترى كم كيلو متر من الطرق أنجزت الحكومة السابقة ؟ أ بالأحرى كم كيلو متر قلعت وخربت بحجة التصليح ولكنها ظلت ترابية (طريق المنطقة الصناعية). لم تكن للولاية قبل الوالي كاشا خطة واضحة محددة الأولويات والأسبقيات ومعلومة المدى وبميزانية مرصودة لتطوير وتنمية الولاية؟ ظلت تلك الحكومات حكراً على المحاسيب والمقربين، حيث تتناقل مجالس الولاية أن الوزير الفلاني أو المعتمد الفلاني أو التنفيذي الفلاني تربطه صلة قرابة بالوالي أو بأحد كبار التنفيذيين أو التشريعيين بالولاية أو من القبيلة الفلانية. كانت الولاية تدار بطريقة فيها شيء من الغموض كما ذكر أحد الوزراء السابقين في تلك الحكومات وبكادر ضعيف إدارياً ومهنياً وضع لكل منها "جرادة في فمها" كما يقول المثل. إعتمدت حكومات العهد السابق على إسلوب شيلني وأشيلك، أحميني وأحميك على حد قول أحد الصحفيين وشهدت الولاية في ذلك العهد تراجعاً مخيفاً في مجال الخدمات الأساسية والحال في ريف الولاية يغني عن السؤال ولم تفلح الولاية في استغلال موارد وثرواتها ولا الإستفادة من خبرات أبنائها. يرى البعض أن حساب إنجازات الشنبلي لا تحتاج ‘لى آلة حاسبة. أما عن الكهرباء بقرى الولاية ومشروع كهربة المشاريع الزراعية فمن الواضح أن الحكومة السابقة كانت تهدف من تلك الفرقعة إلى إقناع وزارة المالية الإتحادية وبعض الكبار بتوفير التمويلات اللازمة تحت ستار المشروعات التنموية والشاهد أن سكان العديد من القرى التي يعيشون في ظلام دامس يتسامرون ليلاً على ضوء القمر ويتعجبون من طلب سلطات حكومة الولاية من كل قرية دفع ما لا يستطيعون على دفعه كمقدم حتى يمكنهم الإستمتاع بخدمات الكهرباء في المستقبل غير المنظور. عجزت حكومة ما قبل الوالي كاشا عن توفير مياه شرب نقية على الرغم من أن معظم قرى ومدن الولاية تبعد خطوات قليلة من النيل الأبيض ولكنها ما زالت تشرب كدراً وطينا ومستجدي النعمة يشربون المياه الصحية من مال إنسان الولاية. عانت الولاية في بعض الأوقات من ندرة وارتفاع أسعار بعض السلع الضرورية. كان مواطن ولاية بحر أبيض يتعرض لأبشع أنواع الإهمال واللامبالاة من مسؤولين جعلوا كل همهم ذواتهم وأقربائهم ومحسوبيهم الذين أثروا من قوت المواطن. كانت في أحاديث بعض المسؤولين كثير من الإمتنان على المواطنين بتقديم الخدمات الضرورية الأساسية وكأنهم يديرون منظمة خيرية تقدم العون والمساعدات لإنسان بحر أبيض في حين أن الأصل أن تقدم تقدم تلك الخدمات للمواطنين باعتبارها حقاً مشروعاً بحكم المسؤولية القانونية عنهم. أسوء ما انتهجته حكومات عهد ما قبل الوالي كاشا هو إعتماد القبلية والجهوية منهجاً لإدارة الولاية وليس أدل على ذلك من إلحاق إسم القبيلة باسم الوالي. سيطرت النزعة القبلية على تقلد الوظائف بالولاية على حساب الخبرة والكفاءة وظلت الوظائف التنفيذية حكراً على الجهوية والعنصرية القبلية على حساب الكفاءة والخبرة والمواطنة، يتحدث الكثيرون عن أن المشاركة السياسية والتشريعية والتنفيذية بالولاية تعتمد فقط على الموازنات القبلية وصلة القرابة على حساب الكفاءة والمؤهلات والخبرة. ولاية النيل الأبيض صارت في ذلك العهد ولاية الرجل الواحد الذي لا يأبه بالمشاركة الصورية للآخرين. يقال أن عدد المستشارين والمعتدين باولاية بدون أعباء شكلوا عبأً ثقيلاً على ميزانية الولاية خاصة أن هذه التعيينات في الغالب تتم بغرض الترضيات أو الموازنات بين القبائل. طبيعي أن تخفق حكومات بتلك المواصفات في إحداث تنمية متوازنة في الولاية رغم إمكانياتها المهولة. هكذا وجد الدكتور/ عبد الحميد موسى كاشا الولاية ومن الظلم أن نطالبه بمعالجة هذة الورثة الثقيلة في زمن وجيز. بالتأكيد لا يملك الوالي كاشا "عصا سحرية" ولا يمتلك حلولاً جاهزة ولكن من خلال ممارسته في الفترة الماضية تأكد للجميع أنه يملك رؤية واضحة للنهوض بالولاية.ىيحمد له رفع شعار المواطنة والسعى لمحاربة القبلية والإعتماد على الكفاءات بعيد عن أي جهويات. أطلت بعض المشاكل لرأسها ونأمل أل تعيق مسيرة الوالي كاشا. نتابع من على البعد الخلاف بين الولاية والصحفيين ونتمنى أن تغلب المصلحة العامة على الخاصة وأن يراعى مصالح الجميع وللصحافة والصحفيين دور متعاظم في دعم مسيرة الولاية بالنقد الهادف البناء الذي لا يشخصن الأمور ومشهود لكثير من صحفي الولاية بالموضوعية والحيد وتغليب المصلحة العامة على ما سواها، نأمل أن تكون تلك الصفحة قد طويت، كما نأمل أن يكون قد تمت تسوية الخلافات بين أطباء الولاية ووزارة الصحة بالولاية وأن تتوفر للمستشفيات الحد الأنى مما يمكن الأطباء والمستشفى من القيام بدورهم. أعتقد أن الوالي كاشا "زول نصحية" ويتقبل الرأي والنصح والمشورة وغالباً ما يتبنى ما يقتنع به ولا يأبه من أين أتى الرأي الصواب. نطالب الجميع بالتسامي فوق الخلافات وتقديم التناولات من هنا وهناك حتى تنعم الولاية بالأمن الإجتماعي حتى يتفرغ الجميع لتنمية الولاية ونهضتها. طال الزمن أو قصر سيغادر الوالي كاشا موقعه وبما رأيناه من بشريات في سياساته وما جعلنا نحلم معه في أن ولايتنا في مقدمة الولايات نتمنى أن نضع أيدينا في يديه وأن نمضي سوياً إلى الأمام. الدكتور عبد الحميد موسى كاشا لا أعتقد أنه رقماً أو عدداً يضاف لقائمة من تعاقبوا على ولاية النيل الأبيض ولكني شخصياً أعتقد جازماً بأنه قيمة بل قيمة إضافية للولاية فيجب ألا "ندس منه المحافير" وأن نعمل على تسهيل مهمته ليبقى بولايتنا أطول فترة ممكنة وأن نعضي بالنواجز على ما يقدمه لنا ولا نعضه. والينا الهمام نذكرك بملف الجزيرة أبا ونطالب ونؤمن على ضرورة مراجعة التظلمات في ملف أبا السكنية تكملة وقفله بصورة نهائية، كما نذكرك بأن مساحة أبا السكنية ضاقت بأهلها بعد تزايد الأسر والأفراد ولا حل إلا بفتح ملف أبا الجديدة ومواصلة الإجراءات التي بدلأت قبل عدة سنوات. كما يتطلع أهلي أبا لبداية المرحلة الجديدة من تسجيل الأراضي الزراعية بعد انتهاء فترة الطعون وتنقيح السجلات.