الاعتراف بالفشل يا هؤلاء فضيلة وما أجملها من فضيلة لو ألحقتموها بإستقالة حقيقية غير قابلة للسحب أو المراجعة أو حتى إنتظار قبولها أو رفضها ، إستقالة مضمونها وعنوانها الفشل التام في إدارة شأن يهُم كل الناس والعجز في تقديم الخدمة كما ينبغي لها أن تكون وكما يُقدمها غيرنا من الدول الأضعف والأقل نمواً وموارد لا تلك التي تفوقنا ، رُبما أحلم أنا وغيري ونتمنى في حُدوث المُستحيل والواقع يُحدثنا أنّ الفاشل منّا نُمدد له للمزيد من الفشل بل ونعينه عليه ونفسح له من المساحات والبراحات الكبيرة لتنفيذ مشاريع الفشل عليها ونُمكنه من إعتلاء منابرنا ليُحدثنا عنها متى شاء وما علينا إلا أن نُنصت ونستمع وبلا جدال منّا لمشاريعه المُستقبلية معلومة النتائج.. والواقع يُكذب أحلامنا ويُكذِب أحاديثهم.. لم يعترف أحدهم يوماً بالفشل والعجز ولم تُحدثه نفسه بالتنازل طواعية بالاستقالة من وظيفته وتقديم إعتذار للشعب الذي تصدى ليتحمل نيابة عنه المسؤولية ، إستقالة ينسب فيها الفشل لنفسه ولنظامه الذي عجز عن تقديم المُعينات اللازمة له للنجاح في مهمته بلا مُبررات واهية أو أن ينسب فيها الفشل لغيره كما هو حالنا، عندها رُبما يجد من الشعب بعضاً من الإحترام والتقدير ، لا شئ بالطبع من أمنياتنا المُستحيلة تحقق أو سيتحقق بل يستمر الفاشل في وظيفته ليُحقق فيها أعلى مُعدلات الفشل ثم يترجل منها لغيرها ويُفسح المجال لفاشل آخر لتنفيذ سياساته الفاشلة وهكذا استمرت ساقية الفشل السياسي عندنا في دورانها حتى أوصلتنا إلى ما نحن فيه اليوم وما فيه نحن من تردٍ في كافة خدماتنا وأمورنا الحياتية أصبح أمراً لا يختلف عليه حتى المُكابر صاحب المصلحة من الناس.. علمونا قديماً أنّ الفشل هو الطريق للنجاح والدافع له عند تجاوزنا لأسبابه ومحاولة تصويب الأخطاء وعدم الوقوع فيها وعلمونا كذلك أنّ التكرار وكثرته يتعلم منه حتى المخلوق الذي لا يحمل عقلاً مثل بني البشر كي يستبين به الطريق ويُميّز به بين الخطأ والصواب ولكنه يتدارك أمره ويتعلم من أخطاءه ، لماذا لا يتعلم أهل الشأن من ساستنا من ما تكرر من أخطاء وقد وجدوا من الفرص والوقت ما يُمكنهم من تعديل سياساتهم وتدارك أخطاءهم مُستقبلاً إن أرادوا بنا وبأنفسهم خيرا ، سنوات طويلة جداً مرت كانت كفيلة بتحقيق حلم أبوالدرداق الشهير في زواجه المزعوم من القمرا ولكنها تسربت خصماً من أعمارنا القصيرة والنتيجة كانت قُصور كبير في تقديم أبسط الخدمات .. مُشكلة المواصلات تتأزم وتتعقد مع كُل صباح جديد وبلا جديد.. الكهرباء ما زالت في تذبذبها وانقطاعها المتواصل لم تشفع لنا أنهارنا ومياهها الجارية (بيننا) و(منّا) لإسعاد غيرنا ولم تُفيدنا محطاتنا الحرارية الهادرة في توفيرها لنا خدمة متواصلة بلا إنقطاع ، تتبعها المياه وشُحها ونهر النيل العظيم على مرمى حجر وحالنا أصبح شبيهاً بأبل الرحيل الشايلة السُقيا لغيرها وتشكوا العطش وغيرها وغيرها.. تباً للفشل وأهله... والله المُستعان.. بلا أقنعة.. صحيفة الجريدة [email protected]