تترى حلقات الشيخ الراحل حسن الترابي في شهادته على عصر نظامه الإنقلابي الذي بناه وسقط من أعلى سقفه كما فعل صاحب القصر المنيف في المهندس سنمار ! لست هنا بصدد التعقيب على ما يخرج مع صورة الشيخ من كلام يتفاوت مابين لغة التششفي حيال الذين أسقطوه من عليائه وقد صعدوا على أكتافه ..ولا إقراره الضمني بعجزه في إيقاف إنحرافهم بمشروعه الذي كما زعم قد أراده مثاليا أكثر من كل الخلافات القديمة التي حملها وزر إنتكاسة الدولة الإسلامية .. وجاء هو لينهض بها فخذله حواريوه الذين إنجرفوا وراء عقيدة العسكر و باعوا قضية عقيدتهم التي تربوا عليها في مدرسته عقودا لإعلاء رايتها ولو فوق فهوة المدفع الرزام ! فكل ما قاله الشيخ من حقائق لم تعد أسرارا تلك التي أماط اللثام عنها ولم يكن أول من تحدث حولها .. فالفساد أصبح القاعدة والشفافية هي الإستثناء المفقود في كل جنبات حكم الإنقاذ قبل خروج الرجل مطرودا من أوسع أبواب التنكر له وبعده اثناء اشتعال وطيس المفاصلة أو حتى بعد التقارب الذي كاد أن يعيد لحمة المؤتمرين باشهر قليلة .. قبل رحيل العراب المثير للحيرة والجدل في حياته ومماته على حدٍ سواء وفشل ذلك المشروع الوهمي لم يعد يحتاج لشاهد أمام محاكم تاريخ هذا الوطن ..بل رغم تظاهر أهل النظام والحركة الإسلامية بأنهم سعوا لايقاف بث الحلقات بإفتعال جلبة ما في أذن القناة التي سدت مسامعها عنهم رغم خصوصية العلاقة بين تلك الآطراف والدولة الحاضنة للجزيرة بل التي تغذي شراينها بدماء البقاء رغم التكلفة العالية التي لا تغطيها اسواق الإعلانات ولا مداخيل التشفير ..! لكن السؤال الذي يحير الجميع وبما أن الحلقات سجلت في غمرة حنق الشيخ وغبنه ورغبته في فضح من باعوه إنتقاما من فعلتهم به .. ولعل التسجيل قد تم في العام الفين وعشرة وظلت الشرائط حبيسة في مكتبة الجزيرة ..ولم يتراجع الشيخ في هيجة عودته عبر حوار الوثبة في ظلمة النظام المترنح في ليله الطويل .. عما سجله للجزيرة وقد ظل سرا حبيسا الى أن قالت الجزيرة أن صاحب الشأن أوصى بعدم بث الحلقات إلا بعد وفاته بفترة حددوها صدقا عنه أم كان ذلك تزييفا في غيابه بعد أن تأكدوا بأن شاهدهم لن يعود لنقض غزله معهم ولن يتسنى له وهو في رحاب الله أن يأتي وينكر وصيته التي زعموها رغم أن اسرته قد أنكرت علمها بالأمر بصورة كاملة ! فالرجل كان بإمكانه أن لا يخشى شيئا لو أنه طلب بث تلك الحلقات أثناء تأجج نار الخلاف مع النظام ورئيسه بصفة خاصة وهو الذي قال فيه إبان تلك الفترة ما لم يقله مالك في الخمر .. بل طفق يبشع بجبنه حيال عدم تسليم نفسه للجنائية .. و لن ينسى له التاريخ عما قاله نقلا عن أحد قضاة جرائم دارفور وتحديدا حول حكاية الغرباوية التي طالها الشرف حينما وطأها من هو أرفع منها نسبا على حد روايته للإيقاع بغريمه البشير آنئذ ! مايهمنا هنا هل ستؤثر كل الإفادات التي نثرها الرجل من بين ضحكات سخريته واستخفافه في سلوك أهل النظام رئيسا وسدنة أو تلك الحقائق التي ستأتي تباعا .. بالطبع لا .. فسواء عندهم الآمر إن كان قد اباح شيخهم بكل ذلك القول في حياته أو بث بعد مماته ! فهم من تخانة الجلد بالقدر الذي لا تهمهم سياط النقد ولا جمرات التبشيع ولا يستحون من أدلة العهر ولا يلتفتون الى ملفات الفساد التي تثقل ظهور الأفيال ..ولكن .. يبقى السؤال قائما هل كانت الجزيرة صادقة في زعمها حول وصية الرجل .. وإذا كانت كذلك فماذا كان يعني به أو يقصد منه وهو في غيابه الأبدي بالطبع لن يشهد ردة الفعل عليه و لن ينعم بثماره خاصة وأن من خلفوه لم يلتفتوا لصوته الناقم على الجماعة التي استقصدها بالذم ..فالله وحده هو العليم القدير على كشف الحقيقة والتفسير . [email protected]