منذ عدة أشهر لاحظ المواطنون في ولاية الخرطوم جدية (مريبة) وغريبة في تشجير الكثير من شوارع الخرطوم الرئيسة بأشجار النخيل، وانقسم الناس حينها إلى قسمين الأول أخذته عاطفة وحب وذكريات (صادقة ونبيلة) أو أخذه إحساسه الجميل بالنخلة الفارعة العظيمة فاستحسن هذا المشروع الذي يقف خلفه معتمد الخرطوم الفريق ركن أحمد عثمان أبو شنب. أما القسم الثاني من الناس والذين في تقديري كانت نظرتهم للموضوع أكثر عمقاً وذكاء، نظروا لهذا المشروع بعين متحفظة تماماً على فكرة تشجير الخرطوم بأشجار النخيل.. وكان حدسهم وحده قد أوجد فيهم هذه الحالة من التحفظ ورسم أمامهم استفهامات كبيرة حول مشروع تشجير الخرطوم بأشجار النخيل. فالكثير منهم يعرف أن كلفة تشجير الشوارع بنخيل (المزارع) باهظ الثمن هذا بالمقارنة من تشجيرها بأشجار النيم مثلاً تجعل في الأمر شبهة فساد.. الكثير من هؤلاء المتحفظين على مشروع (نخلنة) شوارع الخرطوم استنكروا الأمر رغم أنهم لا يعرفون أن الفرق بين سعر النخلة وسعر شجرة النيم هائل جداً، فكلفة شتلة النخيل الواحدة تصل إلى ما يقارب الثلاثة آلاف أي (تلاتة مليون) بالقديم، في الوقت الذي لا يزيد فيه سعر شتلة النيم عن 10 جنيهات فقط..! الخرطوم التي يعاني نصف سكانها من العطش كان أكيداً لنا منذ بدء مشروع تشجير الشوارع بالنخيل الباهظ الثمن هذا أن محلية الخرطوم ومعتمدها أبو شنب لن يستطيعوا رعاية هذه الأشجار المكلفة وسقايتها وحمايتها من الموت.. كما أن الأكيد أيضاً أن جدوى تشجير شوارع الخرطوم بالنيم واللبخ أكبر بكثير من تشجيرها بالنخيل (الغالي) نخيل المزارع غير الظليل. معلوماتنا تقول إن محلية الخرطوم قامت بشراء ما يقارب ال2000 نخلة كاش ولكم أن تحسبوها و(تضربوها وتشوفوها كم بس أضرب في ألفين ونص)..! أما الواقع الآن فهو ما تلاحظونه من موت الكثير جداً من نخلات معتمد الخرطوم الباهظة الثمن هذه.. والتي ماتت موت الأبطال، ماتت غير منبطحة وغير متهاوية.. بل تيبست كائناً ميتاً لكنه يقف شاهداً على الفشل وعلى ملف يجب التحقيق فيه مع الجهات التي قامت بتنفيذ هذا المشروع وإهدار ملايين الجنيهات في مشروع فاشل. من أين أتت محلية الخرطوم بهذه الشتول ومن صاحب المصلحة..؟.. ولماذا أشجار نخيل قليلة الجدوى وليست أشجار نيم رخيصة ومفيدة وحميمة وحميدة..؟ هل استعان أصحاب مشروع (نخلنة الخرطوم) - كما أسميه - بذوي الخبرة والدراية في موضوع التشجير وهل قاموا بدراسة هذا المشروع..؟ ما هي تكلفة هذا المشروع الفاشل بالضبط وكيف تم الحصول على تلك الشتول؟؟ هل سمعتم بمناقصة أو عطاء أو شيء من هذا القبيل؟ أليس من حقنا أن نصف الأمر بأنه أمر مريب؟ أليس من المفترض أن يتم التحقيق في قضية (نخلنة الخرطوم) غامضة التفاصيل خاصة بعد أن بدأت الأشجار تموت..؟ يجب التحقيق في هذا المشروع بأكمله.. نناشد الأمن الاقتصادي والدولة والوالي وكل السلطات المعنية مراقبة هذا النوع من الإهدار أن تباشر التحقيق في مشروع النخلنة الفاشلة. شوكة كرامة لا تنازل عن حلايب وشلاتين. اليوم التالي