جرت العادة في كل السنين الماضية خاصةً وبعد ان اقعده المرض وفقد بصره أن اتصل به مبكراً عند حلول اي مناسبة احييه متمنياً له الصحة وإكتمال العافية هو والاسرة والاهل, كان لا يتأخر في الرد على الجهاز ولا يفارق المكان الذي هو فيه وقد اصبح الوسيلة الوحيدة التي تربطه بعالمه الخارجي الفسيح الذي كان يتجول فيه مع الاصدقاء والأحبة الأوفياء الذين فتح لهم قلبه وبيته وأعطى من فيض كرمه واحترامه إلى كل من عرفه وتعرف عليه, شخص نبيل متواضع هادئ الطبع تشعر بالسكينة والاطمئنان عندما يحالفك الحظ وتعيش وتسكن معه سنين طويلة فيها ما فيها من صنوف الحياة الحلوة والمرة. اتصلت صبيحة عيد الفطر عدة مرات لم انجح في التحدث إليه, لم اتلقى رداً فقلت في نفسي الدنيا عيد وربما يكون خارج المنزل دون أن ياخذ الجهاز معه, حاولت الاتصال في اليوم التاني ولعدة مرات لأن القلق بدأ يساورني, وأخيراً رد علي صوت غير مالوف لدي قلت له أود الحديث مع الدكتور فقال لي ابنه انا لله وان إليه راجعون, والدي توفى. وقع الخبر كان مؤلماً وفشلت في مواصلة الحديث معة والتقطت انفاسي بعد برهة من الزمن طلبت منه التحدث مع والدته السيدة أميرة, واعتذر لي بأن ذلك غير ممكن وان هناك زحمة نساء كما أنها غير مهيأة لاستقبال مكالمة هاتفية, مضى يومان وأنا في حالة احباط وذهول لا ادري ماذا أفعل وأخيراً إهتديت إلى صديقي فياض حاج اسماعيل كي أتاكد من صحة الخبر ويسر لي عملية الاتصال بالسيدة أميرة عن طريق الأخ والصديق مرتضى البرير, ونجح فياض على الرغم من انه كان خارج الخرطوم في الاتصال بالاخ مرتضى ومعه أرملة عبد الوهاب الاخت أميرة وشقيقتها أرملة الراحل عبد المطلب شقيق عبد الوهاب الوهاب الأكبر. انني في هذا المقام اتوجه بالعزاء الحار لكل أخوان واهل الدكتور عبد الوهاب في الخرطوم والسريحةالذين عرفتهم وسكنت معهم فترة غير قصيرة من الزمن كما اعزي آل البرير في فقدهم الجلل وأخص السيدة أميرة والأخ الصديق مرتضى, الذي تشرفت بمعرفته اثناء الدراسة في جمهورية المانيا الديمقراطية, والفضل يرجع للراحل عبد الوهاب الذي جمعني وعرفني بهؤلاء الناس الطيبين الاخيار وانني لن انساهم وسأظل أذكرهم طالما بقيت حياً. ستظل كذلك ساكنة في ذاكرتي الظروف التي جمعتني لاول مرة بالدكتور عبد الوهاب وآخرين ولا زلت حتى اليوم أتواصل معهم كان ذلك أثناء مرحلة المدرسة الاهلية الوسطى بمدني اثناء رحلة نظمتها المدرسة الاهلية الوسطى بمدني لزيارة مدينة كوستي والتعرف على معالمها وكذلك زيارة مدرسة كوستي الوسطى واجراء مباراة في كرة قدم بين الفريقين ومن بين اللاعبين البارزين كان اللاعب عبد الوهاب وقد حافظ على مستواه عندما انتقلنا إلى مدرسة حنتوب الثانوية وشاءت الاقدار ان سكنا معاً في داخلية الزبير وأصبح هو الظهير الايسر للمدرسة على مدار اربعة سنوات, وبعد إنتهاء الفترة الدراسية في مدرسة حنتوب الثانوية جمعتنا مرة ثانية في المانيا حيث اكملنا فترة الدراسة الجامعية. تخرج هو من كلية الصيدلة جامعة يينا وعاد إلى السودان , وأسس اجزخانة افريقيا والتي كانت تواجه المدخل الرئيسي لمستشفى الخرطوم المركزي والتي أصبحت عبارة عن ملتقى لكل اصدقاء الراحل عبد الوهاب من سكان الخرطوم القادمين إليها من الخارج. مما لا شك فيه ان رحيل الاخ الصديق عبد الوهاب سيترك فراغاً يصعب ملؤه, لكننا سنظل نذكرة بالخير والعرفان والوفاء ما دمنا على قيد الحياة. في الختام لابد لي أن اتقدم بالعزاء الحار لزوجته المكلومة أميرة واولاده وجميع افراد الاسرة وآل البرير وآل الوالد ابراهيم حسن عامر وكل الذين زاملونا طوال فترة الدراسة وبعدها خاصة الذين تخرجوا من جامعات ومعاهد المانيا الديمقراطية التي أصبحت في ذمة التاريخ. نسأل الله أن يسكن الدكتور عبد الوهاب فسيح جناتة مع الشهداء والصديقين د.محمد مراد