هزت حادثة انتحار اللاجئة الأثيوبية ( الارومية ) حرقا أمام مكتب المفوضية السامية للأمم المتحدة للاجئين بالقاهرة جدران الضمير الإنساني ، حينما اشعلت النار على نفسها ضمن سيدتين أخريتين وشاب ، علي مرائ من كاميرات مكتب المفوضية أمس الأول 26 من شهر يوليو الجاري ، في منظر ينفطر له القلب حسرة ، أدت إلى وفاتها متأثرة بإصابات بالغة غطت كل جسدها ، بعد أن تم نقلها الى المشفى لتلقي العلاج ، لتخلف وراءها طفلتين لا مأوي لهما ولا آوي . تأتي هذه الواقعة بعد أن أعيت المفوضية انتظارهم بمنحهم مواعيد مقابلة تحديد الوضع والتي تزيد مدتها في الغالب عن السنتين ، قاسوا خلالهما كل أنواع البؤس والشقاء بدولة لا يموت اللاجئ فيها ولا يحيا ، ودون معونة تلبي احتياجاتهم اليومية . ليجد اللاجئ نفسه مضطراً أمام خيارات ثلاثة : إما ركوب البحر المتوسط ليغدو في سفينة تتأرجح بين كفي الحظ فتوصله الي الضفة الأخرى ، ليختصر بذلك انتظار السنين إن تلتقمه حيتان المتوسط - حيث لم يكن هذه الفرصة متاحة للجميع - ، وإما التسول في الطرقات والأسواق والكورنيش لجلب لقمة العيش ، وهنا غالباً ما يواجه اللاجئ المتسول خطر مداهمة وملاحقة تجار أعضاء الآدميين الذين يتواجدون بكثافة في مثل هذه الأماكن ﻷخذ بعض( الإسبيرات) من جسمه المنحول قبل أن يلقي ببقية جثمانه علي المجاري ومجمعات النفايات . أو التوجه نحو المصانع و الشركات للبحث عن أعمال يوميه بأجور ضئيلة تكاد تفي أجرة المواصلات فضلاً عن أن تكفي لتغطية إيجارات الشقة ومتطلبات أفراد الأسرة اليومية . أكملوا سنين الإنتظار وكلهم أمل في أن يحظوا ب( البطاقة الزرقاء ) التي تؤكد أحقيتهم لوضع اللاجئ ، والتمتع بحق الحماية الدولية ، وإعادة التوطين في دولة يحترم إنسانها الإنسان والإنسانية . ليفاجئوا بعده بخبر مفاده رفض المفوضية منحهم وضعية اللاجئ ، كما قررت بموجبه سحب البطاقة الصفراء ( بطاقة الحماية المؤقتة ) التي بحوزتهم . الأمر الذي دفع بالبعض منهم مرغمين إلي السعي لوضع حد لحياتهم عبر الانتحار . ما حدت بالإدارة العامة لمكتب المفوضية بالقاهرة الإعلان الفوري عن إغلاق المكتب الرئيسي للمفوضية ب6 أكتوبر وتوقف أنشطتها لحين إشعار آخر ، حسبما اوردته المفوضية عبر صفحتها على الفيس بوك . علماً بأن هذه الحادثة لم تكن الأولى من نوعها ، فقد شرعت سيدة سودانية أيضاً في الانتحار شنقاً بالقرب من ذات المكتب "حسبما ذكره بعض شهود عيان كانوا قد هرعوا لإنقاذها بعد جهد . إلي جانب وفاة لاجئ سوداني آخر ويدعي ( عوض )نتيجة إهمال الجهات المختصة ، حيث ظل يصارع المرض زهاء الأربعة أشهر علي مرمي حجر من مكتب المفوضية قبل ان تصعد روحه إلي بارئها بعد يومين فقط من نقله الي المستشفى . وكأن المفوضية تتلذذ بمشاهدة معاناة اللاجئين القابعين أمام مكاتبها !! فهل يا تري ستستدعي هذه الوقائع الأخيرة تدخل رئاسة المفوضية العليا -بجنيف- لإعادة النظر حول مئات الآلاف من اللاجئين من مختلف دول الحرب والاضطهاد بمكتب مصر ، قبل ان يحذوا حذو هذه السيدة الأثيوبية ورفيقاتها ؟؟! وما المانع من أن يمنح ملتمسوا اللجوء فترة زمنية قصيرة أقصاها شهر او شهرين لتحديد أوضاعهم رفضاً كان أو قبولاً بدل السنتين ؟؟! بل أين تذهب كل هذه الأموال المخصص دفها شهرياً لكل اللاجئين وطالبي اللجوء بالعالم ...أين ؟؟! وما هي الاحترازات التي ستنتهجها المفوضية للحيلولة دون تكرار وقوع مثل هذه الكوارث البشعة . أسئلة ستظل تطارد ذوي الضمائر الحية ممن يهمهم سلامة وكرامة أولئك المستضعفين . ودمتم . [email protected]