مكر الجبهة الإسلامية السودانية، التي عجم كنانتها عراب الحركة الراحل "حسن الترابي" والتي أتت بحكومة الإنقاذ، كانت لها مقدرة التمويه والكذب المحكم مما استعصى على أعتى أجهزة المخابرات العالمية مثل "CIA" و "KGB" والموساد والمخابرات المصرية، فك شفراتها. عندما ذهب البشير رئيسا للجمهورية وذهب الترابي لسجن كوبر بقصد التمويه امام العالم ودول العرب. لو لم يصرح الترابي في حلقاته بقناة الجزيرة "شاهد على العصر" لما عرف المواطن السوداني العادي، كيف جاءت حكومة الإنقاذ وكيف جاء البشير وكيف جاءت معه نخب الإسلاميين المتعطشة للسلطة والتمكين. تقول قرائن الأحوال ويقول التاريخ السياسي السوداني ان الصادق المهدي كان يعلم بكل خبايا دولة الاخوان الإسلامية والتي يلعب فيها الصادق الأخ المسلم المجند من قبل الترابي، دورا رئيسا. كان يعلم بالشفرة المموهة وكلمة السر الاخوانية، كما أوضح الدكتور ادريس البنا عضو مجلس السيادة وقت إذا. الصادق الذي تآمر مع الترابي لخلع المحجوب رئيس الوزراء والجلوس في مكانه. الصادق الذي تآمر مع الترابي لطرد أعضاء الحزب الشيوعي من البرمان واختلاق فتنة معهد المعلمين. الصادق الذي كرث فترة حكمه للحصول على تعويضات شركة آل المهدي. الصادق الذي تنفق عليه حكومة الإنقاذ اسوة بأنفاقها على آفة السودان الأخرى آل الميرغني، الصادق الذي تصالح مع السفاح نميري قاتل الآلف من الأنصار في الجزيرة أبا وجامع ود نوباوي، هو نفس الصادق الآن المحب للسلطة والسيادة والذي يستعد لتقبل أي منصب من يد البشير. السياسة السودانية في عهد الإنقاذ بمكرها وكذبها وتمويهها وخباياها داخل دهاليز حكومتها العميقة، استعصت مقاصدها واتجاهاتها، على الكثير من المحللين السياسيين محليين كانوا او أجانب. لكن حلقات الراحل الترابي كشفت هول ما مر به الشعب السوداني المظلوم وما سيمر به مستقبلا ما دام الإنقاذ على رقاب العباد وما دام الصادق المهدى لايزال يٌنظر ويغازل السلطة والشعب بانه هو المنقذ. ولعل ما صرح به الصادق يوم أمس هو ما ينتظره البشير وعصبته. رسالة رئيس حزب الأمة التي اعقبت لقاء قوى نداء السودان الاخير بالعاصمة الفرنسية «باريس» في الفترة من الثامن عشر والى الثالث والعشرين ، يقول: " أدعياء الوطنية هواة الإفراط يوهمون الناس أن مجرد الحوار هو تفريط في حقوق الشعب السوداني، وأن التطلع لمخرج سلمي من حيث هو تفريط في المصلحة الوطنية. يقول: نحن نحاور نظام الطغيان منذ أواخر القرن الميلادي الماضي بيد، ونعمل من أجل الانتفاضة الشعبية المخططة باليد الأخرى." ويقول: " الحوار التحضيري المزمع ليس امتداداً لحوار قاعة الصداقة بل هو مستقل بذاته. من الواضح وان لم يشر الى ذلك صراحة المقصود هو الحزب الشيوعي وحزب البعث العربي الاشتراكي ومن سار على نهجهم المناهض للتوقيع على خارطة الطريق الافريقية واغلاق كل الأبواب التي تقود الى محاورة النظام القائم الذي يرى فيه الحزبان وضعا لا بد من استئصاله بكل السبل. ومن ناحية اخرى ، يبشر الصادق بان قوى نداء السودان والحكومة على مقربة من جولة تفاوضية تعقب عقبة «خارطة الطريق» . صرح الصادق بذلك كأنه لم يٌكرم بنياشين البشير في افراح ليالي السمر والبزخ في القصر الجمهوري. وكأن ابنه عبدالرحمن لم يجلس بجانب البشير كنائب في القصر بدون مشورته. وكأن ابنه الثاني لا يعمل في المخابرات بدون مشورته. ومن صياغة تصريح الصادق هل يُفهم ان اليد الأخرى التي تعمل للانتفاضة هي يد ابنه داخل القصر الجمهوري؟ ام تواجده شخصيا في القاهرة بصفة مستديمة، هي اليد التي تحاور نظام الطغيان منذ أواخر القرن الميلادي الماضي؟ لمن يوجه الصادق المهدي بيت الشعر الذي استشهد به فب آخر تصريحه؟! " من ليس يفتح للضياء عيونه هيهات يوماً واحداً أن يبصرا" هل يقصد نفسه؟ ام يقصد الشعب السوداني، المغلوب على امره والذي ينتظر أضعف الايمان ليفتح للضياء عيونه كي يبصر بواسطة الصادق مستقبله الضائع. كما قلت ان التكهن بما يحاك خلف السياسة السودانية التي تخبز في افران الإنقاذ على أيدي الاسلامين بقيادة عرابها الاسلامي الراحل الترابي، صعب جدا التكهن بها. يٌشتم ان علاقة الإنقاذ السرية وتوافد ممثلي الحكومة المستمر للقاهرة واجتماعاتهم السرية والعلنية مع الصادق، تحمل نفس أسلوب الترابي المشفر. الإنقاذ لم يبقى لها قناع تتستر من خلفه. سقطت محليا وعالميا وعربيا واسلاميا. سرطان الفساد لم يترك في خلاياها خلية واحدة سليمة. وبعد فشل المشروع الإسلامي الكاذب، وفشل السودان كدولة، تبعثر عتاولة الإنقاذ ورحل العراب، لم يبقى فيها إلا اسد العروبة ورجل افريقيا المكرم، المشير حسن البشير والذي قُدم له السودان في طبق من ذهب بواسطة الجبهة الإسلامية. لقد افلح البشير في شيء واحد واجاد دوره فيه. لقد تقدي بالإخوان قبل ان يتعشوا به وظل جاثما بكلكله على صدر الشعب المغلوب على امره. نجح في تفتيت الأحزاب واحد تلو الآخر وحتى الحزب الشيوعي معلم الأحزاب في السودان وفي الشرق الأوسط، لم يسلم من اختراقه. وها هو ينشطر قبل انعقاد مؤتمره العام السادس. البشير والعصبة التي تحيط به لحماية مصالحها ومصالحه ومصالح اخوته ومصالح السيدة الأولى وداد بابكر، العصبة التي تنتهز سذاجة البشير وتطبل له وتكرمه في أي بقعة تريدها، وآخرها جامعة ادس ومهزلة قميص يوسف أي قميص "ميسي" لاعب كرة القدم العالمي بواسطة محترفة عالمية ضحكت على عصبة البشير وعليه. نفس العصبة تعمل مع البشير لاستدراج آخر كرت سياسي لها. الكرت الأخير "لإنقاذ الإنقاذ" هو الصادق المهدي. الصادق لا يزال يتعطش ويحلم بدولة المهدى الإسلامية التي أدخلت الترابي بالانتساب لها بعد زواجه من بيت المهدي. وبعد اهدار الوقت بحوار قاعة الصداقة لإطالة عمر الإنقاذ، ها هو الصادق يستعد لحوار جديد ويقول: " الحوار التحضيري المزمع ليس امتداداً لحوار قاعة الصداقة بل هو مستقل بذاته" فيا ايه الشعب الذي صبر حتى أبصر اجنحة الإنقاذ تنتف بعضها البعض وأبصر السودان بدون وجيع لسنوات. "حمدتى" والامن الشعبي يحرس حكامه الإنقاذين في ضيعة كافوري. استعد ايه الشعب لعودة الصادق في منصب رئيس الوزراء والحاكم بأمر الله وبأمر البشير لأحياء حكومة المهدي الإسلامية الوهمية. وسيكون الصادق المظلة الآمنة لهروب الإسلاميين الي مليزيا وحاشية البشير الى ادس. للعلم وحسب تصريح موثوق به من ادس، ان البشير قد بني على حسابه الخاص للاستثمار مستشفى ومدرسة في أحد أقاليم اثيوبيا. والسيدة الاولي وداد بابكر ستبنى أكبر مستشفى في افريقيا في داخل العاصمة الاثيوبية ادس لحسابها الخاص للاستثمار أيضا. م/عبدالله الأسد خبير سابق بهيئة اليونيدو التابعة للأمم المتحدة [email protected]