الأقحوانة الأولي: من روض أبي داؤود العطايا والنعم من لطف الله بالعباد والحنو علي الأفئدة من سجاياه جل سبحانه , فكم من نعيم أغدق علي البرية فأحارها عجبا فحمدت, نعم الله لا تحصي و لو حصر العارفون. في ليلة هادئة حالمة دافئة احتلها السكون والإنصات, جاء وعد السنا يفضي لبراحات الدنا بعد أن عجفت رحام الأمهات عن حناجر الفطرة والسليقة والبساطة, خرجت بربر تتزين بالنجيمات و الدفوف والزغاريد الراقصات كالعبير, ولد من رحم التواضع فضوع الفراغ بالطرب و أعلن الضياء انفتاق سنبل النغم فكان أبو داؤود جاء حانيا وجاثيا مزمار داؤود لأبي داؤود, وقال هيت لك فأفعل ما يحلو لك فأنا طوع أخيلة الجنوح ومراقي التأمل, فأول ما صدح تالياً كلام الله بصوت عذب تهدج من وقعه وقع الصدى فهدي وأصاب قلب شيخه (عبد الصادق) بالرضا وتجلت حلاوة الصوت فجعلت خلوة شيخه ب(معينيفة؛ أحد أحياء بربر) ترتج انجذابا وبكاءً, أعاد كتاب الله مرات حتي أضحي (عريفا) لطيفا شفيفا كنسمة السحر رغم بدانته وآدميته كان وضيئا وحفي به ذلك اللوح وهو يخط عليه: "ن والقلم وما يسطرون" بدأ يخطو بخطو حثيث قبالة الفضاء الوافر من المدى فتربى صوته علي الأمدوحات النبوية التي كانت تعطر سماء الليالي الحبلى فيدع لصوته العنان حتى يبلغ الفضاء نشوةً و طرباً متنقلاً بين الاحمدية و القادرية حتي طاب له المقام في كل دوح. ذاب الشيخ في شدو الإنشاد فدبت فيه حالة من الجذب الصوفي بعد أن تغلغل حب (أحمد) فيه؛ فأحال حاله لعحب فأنطرب الجسد وأنتفض .. يا السراي يا السراي جافوا النوم عقدوا الراي لمتين يا مولاي .. لامتين يا مولاي يقولها حينا خاتما بها البيت في الأمدوحة ومرة أخري تساؤلية وتارة أخري آملا متأملا , هكذا الأداء ممتدا للامحدود منفطراً كالعقد المنثور فيتناثر نغما وطربا و أكتفاءا لم يبارح باب المدح النبوي قط بل سلك كل دروبه وحواريه و أذقته, فحينا تجده متبتلا بين انكسارات الروح في روض برعي اليمن (يا رب صل علي النبي المجتبى .. ما غردت في الأيك ساجعة الربا) و تارة متوجّداً بشوق ابن الفارض (زدني بفرط الحب فيك تحيرا .. و أرحم حشا بلظى هواك تسعرا) و أخري منجذبا هائما بين جنان حاج الماحي (صلاة و سلام لي محمدا .. خاتم الكرام سيدي احمدا ) و له تجليات حكايات وإنتكاءات و شجن [email protected]