وكان ده كبيرك يا تعبان .. فتش ليك على كبير أكبر عقلا وأقل فسادا وأصدق لسانا! وحينما كتبت "السودان" هكذا، ضمن العنوان أعلاه، فإنى أعنى تلك الكلمة – المجردة - تماما أى "السودان" كله شمالا وجنوبا، حتى لا أكون أنانيا فأختزل إسم "السودان" فى الجزء الشمالى وحده وعند التخصيص يجب أن يكتب هكذا "شمال السودان" و"جنوب السودان" لأن السودان "المطلق" تعنى دولة قديمة ضاربة فى جذور التاريخ ربما تكون اول دولة ظهرت فى الكون تحت أى مسمى كان، تختلف عن الوضع الراهن ، ينتمى اليها الإنسان الشمالى والجنوبى، ومن حق كل منهما أن يفتخر بالإنتماء اليها. _________ ومن ثم اقول .. ظللنا ننأى بأنفسنا من التدخل فى شئون دولة جنوب السودان بعد إعلان إستقلالها وأن نحترم خيارات شعبها "الشقيق" والا نعلق على كثير من الأحداث التى تتدور مما يحدث غيظا فى قلوب حزب الكراهية والإستعلاء "الإسلاموى" بكافة فروعه، لأنهم يتمنون كلما يزيد من لهب النيران التى تشتعل هناك بدلا من المساعدة فى إخمادها وفى حالة العجز أن يلتزم "الحادب" الصمت، لأن التصريحات المنحازة لا تقدم أو تؤخر، بل تزيد من الخلافات الدائرة وتجعل السيطرة عليها أكثر صعوبة. كنا دائما نلتزم ذلك الموقف الواعى والمدرك للأمور حتى لو كان طرف من الأطراف المتصارعة أقرب الينا من الطرف الآخر .. ولنا فى الجنوب إخوان واصدقاء نعتز بأخوتهم وصداقتهم من كآفة الجهات. كنا نلتزم ذلك الموقف تجاه الجنوب ونحن ندرك حساسية النقد حتى لو كان مخلصا ومن أجل مصلحة الجنوب، مثلا التزمنا الصمت ونحن نشعر بالحزن والأسف والجنوب لا يرفض تعيين "سفير" ينتمى لزمرة الإرهابيين والدبابين الذين تلطخت اياديهم بدماء شهداء الجنوب ايام الحرب الإسلاموية الجهادية القذرة، ذلك "السفير" معروف بأنه أحد المشاركين فى التخطيط لمحاولة إغتيال الرئيس المصرى الأسبق حسنى مبارك فى إثيوبيا وكنا نتمنى أن يحدد "الجنوب" إسم السفير الذى "يرضاه" لكى يأتى للعمل فى الجنوب ممثلا للشمال كما ظلت تفعل "مصر" مع النظام الإرهابى خاصة بعد ثورة 30 يونيو 2013، والوضع فى الجنوب ومنذ إستقلاله أكثر صعوبة من الوضع الحالى فى مصر. التزمنا ذلك "الصمت" ونحن نشعر بالحزن والاسف وأحد اشقاء "عمر البشير" يحتفى به فى "جوبا" وينشر له لقاء مطول ينتقد فيه الجنوب وسياساته فى بجاحة وبدون خجل متحدثا عن "إستغلال" لخيرات الجنوب لا إستثمار فيه كما أدعى. التزمنا الصمت ونحن نسمع ونرى بأعيننا عدد كبير من الكارهين للجنوب ولا زالوا وقتها محسوبين على "نظام" الخرطوم وهم يجنون من خيرات الجنوب و"يغرفون" الأموال غرفا، وكنا نتمنى أن يتبنى التنفيذيون فى الجنوب من أنفسهم خطة تستقطب وتستوعب من هم أقرب اليهم فكرا ووجدانا، خاصة الخبراء والعلماء من إخوتهم فى الشمال الذين شردهم نظام "الدواعش" فى الخرطوم لأنهم "شرفاء" لا يباعون أو يشترون ، لكى يعملوا الى جانب إخوتهم الخبراء والعلماء فى الجنوب فى المجالات المختلفة للنهوض بالدولة الحديثة والوليدة وهى الأقرب اليهم والأحق بهم من غيرهم ويكفى ان إسمها مقترن بإسم السودان، أولئك العلماء والخبراء فى مجالات عديدة تتلهف عليهم دول الغرب والخليج، وأنا على يقين أنهم ما كانوا سوف يغالون أو يهتمون كثيرا للمال وللثروة لكى يعملوا مع إخوتهم فى الجنوب ولو ارادوا السلطة والمال والجاه لأغرقهم فيهم "النظام" الجاهز للدفع لكل من "يطبل" ويبيع ضميره ويغمض عينيه عن جرائم النظام وفساده. لى صديق عزيز من "جنوب السودان" نتحاور دائما وكلما ألتقينا أقول له مثلا أن خطر "داعش" على الجنوب هو بذات القدر على الشمال لأن "ممثل" داعش "الإقليمى" موجود وقريب جدا منكم ، وهو يتمثل فى قادة ورموز نظام "الخرطوم" ، لأن "داعش" ليس شبحا أو خيالا وإنما "فكر" له جذور ونصوص وفتاوى. كان ينفعل ويقول لى لا يستطيع "الدواعش" أن يدخلوا ارض الجنوب وإذا ارادوا فليجربوا أما بخصوص "عمر البشير" فقد حاربنا وحاربناه .. وقتل منا عددا وقتلنا منه أعدادا .. ونحن نشكره فى الآخر لأنه من أعطانا دولتنا فى سلام، فذهب الى حاله وذهبنا الى حالنا، وعليكم أن تحلوا مشكلتكم معه! كنت اقول للأخ .. نعم قتلتم من بين صفوف "مجهاديه" - المعتدين – الكثير، لكنه قتل وأباد منكم 2 مليون، من يواجهونه فى ميادين القتال والأبرياء، من ينتمون للجيش الشعبى وكذلك النساء والشيوخ والأطفال .. والجيش الشعبى لم يكن قوامه 2 مليون جندى! إضافة الى ذلك شرد الكثيرين وأحرق الزرع والضرع وقتالكم معه كان فى غابات الجنوب لا "غابة" الخرطوم. وإذا كنت يا اخى تتحدث عن "الإنفصال" أو "الإستقلال" - سمه ما شئت - فعمر البشير لم يمنحكم له عن طيب خاطر بل مجبرا وهو يعلم جيدا أن خسائر الإنظمة المدنية والعسكرية على نحو "خاص" وإضعافها بسبب الحرب فى الجنوب ، ظلت السبب الرئيس فى وقوع الإنقلابات وتغير الإنظمه فى الشمال بإستمرار ومنذ الإستقلال. وخطة "الإسلاميين" ومنذ أن أنقلبوا على النظام الديمقراطى فى 30 يونيو 1989 بل من قبل ذلك كانت واضحة، إما "أسلمة" كاملة لأهل "الجنوب" – صاغرين - وبكآفة الوسائل التى فى مقدمتها "القوة" .. أو أن يعملوا على تنفيذ الخيار الثانى عندهم وهو "فصل" الجنوب لكى يخلو لهم وجه الشمال وتنتهى ذريعة وجود عدد مقدر من السودانيين غير مسلمين، ضمن حدود الدولة السودانية، لهم حقوق دينية وإنسانية وبذلك لا يقف "المجتمع الدولى" فى وجههم رافضا تطبيق القوانين "الإسلامية" المتشددة التى يستخدمونها من أجل إرهاب الشعب وحمله على الإستكانة وإذلاله ثم حكمه لمدة 1000 سنة أو كما قالوا حتى يسلموا للسلطة "للمسيح" الذى تؤمن كآفة الأديان والمعتقدات والأفكار بعودته مرة أخرى فيملأ الأرض عدلا وسلاما كما ملئت ظلما وجورا. "عمر البشير" .. لم يرفع الراية البيضاء ويسلم للأمر معترفا بدولة جنوب السودان، حبا فى الجنوبيين أو لأنه رجل سلام كما أدعيت، ولولا ذلك لما أعقب إعلان إستقلال تلك الدولة وهو من بين الحاضرين والمتحدثين يوم الأحتفال بإستقلالها، "غلق" كامل لحدود يزيد طولها عن 2200 كليو متر وتوجيه شتائم عنصرية قبيحة لبشر مثل حشرات" .. وتبعه فى ذلك عدد من ذيوله مثل تلك التصريحات العدوانية الغبية كحديث "الحقنة" و"التمرة" و"شوت تو كل". أخشى إذا لم تكرر مثل هذه المعلومات أن يخرج جيل فى المستقبل، يدعى أن تلك الأحاديث غير صحيحة أو ضعيفة أو ليس لها سند! يا اخى يا "تعبان" .. أعرف كما سمعت بأنك "سياسى" شاطر .. وأعرف السياسة فيها كثير مما لا يقبله عقل أومنطق، لكن كلام مثل "البشير كبيرنا .. والماعندو كبير يشترى ليهو كبير" مستفز ومؤلم فى حق رفاق النضال الذين كانوا معك ذات يوم فى خندق واحد وإذا كنت منتظر خيرا من نظام "فكره" كاره لك وللجنس البشرى كله، فأنت واهم وسوف تجنى العدم والندم مثل كثير من الساسة الشماليين الذين وثقوا فيه، فهذا نظام يقوم على "فرق سد" ويؤمن بأن قوته تتحقق بإضعاف الآخرين. ذلك الحديث محزن ومستفز لأهالى اول - ضحايا - دولة "داعش" الناكرة فى السودان رحمهم الله الشهداء الأبرار " مجدى وجرجس وأركنجلو" .. إنه حديث محزن ومستفز لأسر وأهل شهداء رمضان 28 ضابطا ومعهم 150 جنديا ذبحهم النظام خلال ساعات معدودة .. هو محزن ومؤسف لأسر وشهداء 2 مليون من أهلك فى الجنوب و400 الف من شهداء أهلك فى دارفور .. ولعدد غير قليل فى جبال النوبة والنيل الأزرق والبجا والمناصير .. ولشهداء مظاهرات سبتمبر من الشباب والطلاب الذين سلط عليهم النظام مليشياته فأباد منهم 250 منهم وخلال ساعات. كيف يكون كبيرك يا تعبان " مجرم" حرب وإبادة وجرائم ضد الإنسانية مطلوب للعدالة الدولية، نرى كل يوم فاسدا فى نظامه لا تطاله محاكمة .. هل صدقت يا "تعبان" ما يفترونه كذبا أن المحكمة الجنائية لا تستهدف سوى الأفارقة .. وهل نفوا جرائمهم تلك؟ من حقك أن تلعب سياسة أخى "تعبان" ومن حقك أن تعمل لمصلحة شعبك فى جنوب وذلك واجبك، على شرط الا يكون على حساب رفاقك الذين حملوا معك السلاح ذات يوم بل الا يكون ذلك على حساب ابسط سودانى فى الشمال أو فى الجنوب .. والمستقبل للشمال والجنوب معا فى شكل أى علاقة يرتضيها الشعبان هم فى الحقيقة شعب واحد، لكن تأكد تماما ومهما فعلت وتنازلت، فذلك لن يتحقق فى وجود نظام "الدواعش" فى الخرطوم حتى لو سقيتهم من عسل نحل الجنوب "الصافى" ومن لبن ابقاره بل حتى لو تنازلت لهم من آخر نقطة بترول فى أبار الجنوب .. لأنهم سوف يطمعون فى المزيد. ولو كان فيهم خيرا أو باركة لما فرضوا على الجنوب رسوم عبور تزيد اليوم عن السعر العالمى للبترول! ولقد كتبنا عن ذلك وقتها وحذرنا من تلك الإتفاقية المجحفة، "حبا" فى الجنوب وأهله الذين هم أهلنا ومن يحب وطنه لا يقبل بظلم الآخرين. أخيرا .. إعتراف النظام بوصول الدكتور"رياك مشار" للخرطوم لدواعى إنسانية لا يرفضه إنسان سودانى فيه ذرة إنسانية، فى حقيقة الأمر وفى الظروف الطبيعية يجب أن تكون الأراضى السودانية فى شمال والجنوب مفتوحة لأى مواطن سودانى فى الطرفين بدون موانع أو شروط أو قيود، لكنى اشعر أن الإعلان عن دخول "مشار" بعد أكثر من يومين أكذوبة وأن دخوله السودان كان من قبل ذلك .. ذكرتنى تلك الأكذوبة نفى نائب رئيس جمهورية نظام الخرطوم – وقتها - "المرحوم" الزبير محمد صالح" دخول الشيخ المصرى الجهادى "عمر عبد الرحمن" المعتقل حتى الآن فى أمريكا، وقد كان ذلك النفى حيا وعلى الهواء مباشرة .. وقتها كان "عمر عبد الرحمن" يقبع داخل "الفندق الكبير" بشارع النيل قبل أن يغادر بعد ذلك وبعدد من الأيام متجها الى محطته الأخيره فى أمريكا. تاج السر حسين – [email protected]