( الى من يهمه الامر ) أرسل لى أحد الاصدقاء هذه القصة التى حدثت بين عمر بن الخطاب وأحد ولاته ، قال : ( طلب الخليفة عمر بن الخطاب – رضى الله عنه – من اهل حمص ان يكتبوا له اسماء الفقراء والمساكين بحمص ليعطيهم نصيبهم من بيت مال المسلمين .. وعندما وردت الاسماء الى الخليفة فوجئ بوجود أسم والى حمص ، الصحابى الجليل سعيد بن عامر الجمحى بين اسماء الفقراء !! فتعجب الخليفة من ان يكون والى حمص من الفقراء ، فسأل أهل حمص عن سبب فقره . فأجابوه انه ينفق جميع راتبه على الفقراء والمساكين ، ويقول : ماذا أفعل وقد أصبحت مسئولا عنهم أمام الله تعالى ؟! وعندما سألهم أمير المؤمنين : هل تعيبون شيئا عليه ؟ قالوا : نعم ، نعيب عليه ثلاثا : فهو لا يخرج الينا الا وقت الضحى ، ولا نراه ليلا ابدا ، ويحتجب عنا يوما فى الاسبوع !! فاستدعاه أمير المؤمنين ليساله عما يعيبه عليه الناس ، فقال الصحابى الجليل : - أما انى لا أخرج الا وقت الضحى ، لانى لا اخرج الا بعد ان أفرغ من حاجةأهلى وخدمتهم . فأنا لا خادم لى وامرأتى مريضة .. - وأما احتجابى عنهم ليلا ، لانى جعلت النهار لقضاء حوائجهم ، والليل جعلته لعبادة ربى .. - وأما احتجابى يوما فى الاسبوع ، لانى أغسل فيه ثوبى وانتظره ليجف ، لأنى لا املك ثوبا غيره ..! فبكى أمير المؤمنين عمر رضى الله عنه ) .. انتهت القصة فمتى يبكى عمر ؟!! هذا الخليفة الذى لايشك احد فى تقواه وزهده، ولا قسوته على نفسه وأهله فى سبيل توفير العيش والكرامة للآخرين ، قد وجد من ابكاه . ونجد اليوم بيننا من يقراون نفس القرآن ، ويلهجون ليل نهار بالاحاديث و.." هى لله " ثم يحتفل كبيرهم بالزواج الخامس لاحد مساعدية ، المتهم فى آخر قضية فساد ، أكل فيها مال الرعية التى هما مسئولان عنها أمام الله تعالى !! الا تستدعى مثل هذه المقارنة بين موقفين ، لاسبيل للمقارنة بينهما حقيقة (!) ، الاتستدعى التفكر فى امر أكبر : وهو موضوع الارتباط بين الدين والسياسة . فمن الواضح ان سيدنا عمر وواليه قد تشربا الاهداف النهائية للدين فعدلا ، دون ادعاء بتطبيق ما يدعى " الشريعة " ، التى فى عهدنا لاتهتم الا بلبس البطلون للمرأة وقطع يد السارق الذى لايجد قوت يومه ! كنت قد اردت ان اتوقف فى هذا المقال عند " فمتى يبكى عمر !! " ، ولكنى تذكرت الامر بالمعروف كأحد " الشعارات التى نسمعها يوميا من القوم ولا نرى لها ممارسة منهم . وتذكرت ، بين ماتذكرت، ماجاء على لسان أحد منظريهم فى بداية برنامجه التلفزيونى عن الفساد الذى عم القرى والحضر ، فكان يتحدث عن المصانع التى تعيد تعبأة الزيت المستخدم عديدا من المرات ولحم الحمير والجيف الذى يأكله المضطرون. ثم وقبل اسابيع قلائل لخص الامر فى جملة مفيدة جدا ، اذ قال " ان الاسلا ميين الذين يعرفهم لم يحكموا بعد !" ولاندرى أى صنف هذا الذى يتحدث عنه ، وهل هم من نفس الفئة والبلد ، أم سيستوردون ! غير ان نفس المنظر قال قبل ايام : هذه حكومة محترمة ويجب ان ينظر اليها الآخرون هكذا ، ولا يسعون الى ازالتها ، كما طلب أحد زعماء حزب البعث . هذا المنظر ، وآخرون من الاسلاميين ولاسباب مختلفة ، بدأوا يتحدثون عن مثالب فترة حكم الانقاذ ، ولكنهم كما يقول الخواجات : يضربون حول الشجيرة ، اذا صحت ترجمة : hitting around the bush" ". فهم اذا ارادوا اصلاحا حقيقيا فعليهم اتباعا لامر الدين " الامر بالمعروف ... " ان يواجهوا اصل المشكلة : هل استطاعت القوى الاسلامية ، ليس فى السودان ، وانما على مستوى العالم الاسلامى تطبيق شعار : الاسلام دين ودولة ؟! وهل هو شعار صحيح فى الاصل ؟