عندما تختل موازين العمل السياسي في أي دولة علي إمتداد العالم وتخطلط بالمعتقدات الربانية تجعلها نقاط إنطلاقها لبث الكراهية وإغتصاب حقوق الإنسان ونهب المال العام دون وجه حق، تشيع وقتها المؤامرات السياسية من تراز الخبث والمكر المذموم وتقدم المصلحة الشخصية علي مصالح الأمم والأوطان، وتتفجر شحن الصراعات والخلافات تسخر فيها كل الأسلحة المدمرة لبلوغ أعلى مراتب العظمة والفخامة بالقوة والتسلط علي الجميع، ويترتب علي هذا الوضع الظلامي إحتقان سياسي عام وإختناق المجتمع بقيود قانون الغابة الذي ينسف الحريات بكل أنواعها ولا ينصف إلا ذوي السلاح والمال وشاغلي المناصب العليا ومكتنزي ثروات البلاد كذوي (الجلاليب البيضاء والشوارب الدائرية) الذين يرقصون اليوم علي المنصات العريضة المنصوبة علي ظهور وجماجم الفقراء والمهمشين، يحتفلون عليها بنجاحهم في قهر المجتمع وتشريده وتشتيته، محاولين جعله يخضع لسياسات السلطان الجائر المتجبر الذي يدير أعماله السياسية تحت ركام الدولة المنكوبة. صار الوضع العام في السودان مرير جدا لا يطاق طعمه ووضعت عليه كل إستفهامات الحيرة وعلامات التعجب والدهشة حد الجنون، وتهوم عصافير الأسئلة حول الرؤس المهمومة بحال الوطن المستلب وشعبه المقهور000؟ ∆ كيف نفسر تخندق النظام في موقفه الرافض لإجراء الإصلاحات السياسية والإقتصادية ووضع الإستراتيجيات التصحيحية لمسارات المستقبل الآتي، بقيام حوار شامل وشفيف بطرائق سليمة وسلمية تنتج إتفاق سلام يعيد ترتيب الدولة السودانية من جديد. ∆ كيف يرفض النظام الإنقاذي إنقاذ ملاين الأسر من الجوع والعطش والنوم تحت الخيام البلاستكية والقماشية وبعضهم علي العراء في الصحاري الممتدة، وتمنع السلطة إغاثتهم وإعادتهم الي بلدانهم مكرمين. ∆ لماذا يجند النظام مليشياته ويدفعها دفعا نحو الحرب لتحرق المدن والقرى وتمارس ابشع انواع التعذيب ضد أحرار وحرائر السودان. ∆ ما الذي جعل وفد المؤتمر الوطني يرتد الي الخرطوم مسرعا تاركا خلفه آمال الشعب الطامح في دولة سلام وأمن ومواطنة وديمقراطية. ∆ اليست هذه المواقف نقاط سوداء تعبر عن الإنبريالية الإسلاموية النتنة التي تستكثر علي شعبنا السلام والعيش الكريم. ∆ الم يأتي الوقت المناسب لتلتفت فيه الحكومة الي هموم المواطن البسيط وحقوقه الإنسانية المشروعة وحقه في المشاركة في إدارة الدولة سياسيا وإقتصاديا وأمنيا وإختيار حكامها والتمتع بخيراتها، ∆ ام أن الحقوق في مفهوم نظام المؤتمر الوطني لا ترد الي أهلها إلا بالقوة، وإن أراد الشعب تحقيق حلمه عليه أن يخرج الي ميادين الكفاح حيث تقف شرطة النظام العام وقوات الدفاع الشعبي وقوات الدعم السريع والكتائب الجهادية. ∆ ألا يدرك النظام الحاكم أنه مرفوض شعبيا ومعزول دوليا ومراوغاته مع المعارضة والمجتمع الدولي لا نفع منها وعناده المستمر سيقوده الي مواجهات داخلية وخارجية وسيقود البلاد الي المزيد من الشقاء و التشقق. لذى علي القوى السياسية والشعبية والمدنية توسيع دوائر الإحتجاج وتنويع آليات الثورة بالتزامن مع الحراك الطلابي القائم والتناغم الكلي مع إنتفاضة الأطباء والمحالون الي الصالح العام تعسفيا من كل مؤسسات الدولة، وسيأخذ الوضع العام شكل مختلف في المرحلة القادمة، خاصة في ظل تمسك النظام بعدم تقبله لمسائل التغيير والتحرر وإعادة هيكلة الجيش والشرطة وجهاز الأمن الوطني وحل المليشيات التابعة للمؤتمر الوطني والدخول في حوار قومي صريح يحقق السلام الإجتماعي والتحول الديمقراطي ويعالج سقم سياسات العنصرة والإستبداد والفساد المستشري في البلاد، فلا يمكن إحداث التغيير المطلوب إلا بضغط النظام الإنقاذي وجعله يتراجع عن مواقفه وهذا بالتأكيد امر يحتاج الي ترتيب اوراق المعارضة السودانية وجمع صفوفها بتوسيع تحالفها وتوحيد رؤيتها تجاه امهات القضايا المطروحة علي الساحة، ففي هذا الصدد نلاحظ مجمل التحولات الأخيرة التي جرت علي الصعيدين الداخلي والخارجي بعد فشل الجولة التفاوضية الخامسة عشر، حيث تجانس رؤى الوسط السياسي السوداني مع انقلاب الرأي العام العالمي ضد النظام، وهذا يجعلنا نسرع في التعامل مع مستجدات الراهن والإسراع بقطار التغيير الي المحطة الأخيرة وهي تحرير السودان وبناء دولة جديدة تسع شعبها. سعد محمد عبدالله القاهرة [email protected]