لا يخفى على أحد الأثر الهائل الذي أحدثته الشبكة العنكبوتية في حياة الناس أجمعين حيث أصبح من الصعب جداً - بل من المستحيل - الاستغناء عنها ولو لجزء يسير من اليوم .. فبهذه الشبكة الافتراضية تنظم حركة ملايين القطارات والحافلات وعبرها تقلع عشرات الآلاف من الطائرات في المطارات العالمية يومياً وتهبط في نظام دقيق ومعقد ، ومن خلالها تدير الشركات العملاقة أعمالها وتعقد الصفقات المليارية عبر القارات. حتى على مستوى الأفراد يلجأ الناس في دول العالم المتقدم إلى شبكة الانترنت للبحث عن أي شيء .. قراءة أخبار العالم في الخمس دقائق الأخيرة ، أو الاطلاع على البورصة وأسعار الأسهم ، أو معرفة حالة الطقس المتوقع قبل أن يغادر المرء فراشه أو يدير محرك سيارته .. كما يستطيع سداد إيجار مسكنه وفاتورة استهلاكه للكهرباء والماء والغاز أو شراء طعامه وملابسه وسائر حاجياته بواسطة هذه الشبكة العملاقة .. وفي السودان ما فتئت وزيرة الاتصالات د. تهاني عبد الله تنادي وتستحث وتبشر بالحكومة الاليكترونية ، إلا أن الواقع للأسف يقول إننا ما زلنا بعيدين كل البعد عن هذا الحلم .. فمن حيث البنية التحتية تظل خدمات الانترنت في السودان هي الأبطأ مقارنة بكثير من دول العالم ، ويعاني مرتادو الشبكة حتى داخل ولاية الخرطوم - ناهيك عن بقية الولايات - معاناة شديدة في تصفح كثير من المواقع المهمة مثل يوتيوب وغيرها .. وينقطع الاتصال عدة مرات عند محاولة إرفاق ملف ذي حجم متواضع في رسالة بريد اليكتروني ، ومن الصعب جداً إجراء مكالمة مرئية بوضوح كما يحدث في بقية دول العالم .. ليس من الصعب على الهيئة القومية للاتصالات في السودان ترقية خدمات الانترنت وزيادة سرعته وفعاليته ، إذا أرادت القيام بذلك وكانت جادة في مسعاها، ولكن كيف يمكن إقناع المؤسسات الحكومية والجامعات والمدارس وسائر دواوين الدولة بضرورة إنشاء مواقع رسمية لها على الشبكة كي تخاطب الجمهور من خلالها أو ترد على أسئلته واستفساراته ؟؟ .. دخلت قبل قليل إلى محرك قوقل أبحث عن موعد تسجيل الطلاب الجدد بجامعة السودان للعلوم والتكنولوجيا لهذا العام ، فلم أجد أي إجابة في أي موقع .. ذهبت إلى موقع الجامعة الاليكتروني الذي يفترض فيه أن يعكس أنشطتها وأخبارها ويكون حلقة وصل بين الجامعة وطلابها والزوار من جميع أنحاء العالم، وفي ذهني أن هذه الجامعة كانت قد احتفلت قبل فترة بإحراز المركز الأول على جامعات السودان كافة بتطبيق بروتوكول الانترنت (النسخة الأخيرة) IPv6 للمستودعات الرقمية ، إلا أنني فوجئت بأن الموقع بائس جداً يمكن لأي مبتدئ أو هاوٍ أن يصمم موقعاً أفضل منه .. والموقع على فقره لا يتم تحديثه بالبيانات والمعلومات لأنني عندما دخلت إلى تبويب أمانة الشئون العلمية لأبحث عن موعد تسجيل الطلاب الجدد وجدت أن آخر ما تم نشره هو تقويم العام الدراسي 2013 – 2014 م !! لماذا لا يكون بهذه الجامعة مكتب به موظف واحد أو اثنين مهمتهم الأساسية هي تحديث هذه البوابة الاليكترونية بالبيانات وتغذيتها بأخبار الجامعة على مدار الساعة ، خاصة وأننا نعيش في عصر رقمي تنتقل فيه المعلومة من أدنى الأرض إلى أقصاها في سرعة البرق؟ كيف تستطيع هذه الجامعة إقناع جامعات العالم الأخرى بعقد شراكات معها إذا كان موقعها الذي تطل عبره على العالم لا يوفر معلومات كافية عنها ؟؟ وكيف تكون هذه الجامعة جامعة للعلوم والتكنولوجيا وهي لا تؤمن بدور العلم والتكنولوجيا في الحياة أو لا تمارس ذلك عملياً وتوليه الاهتمام المطلوب؟؟ [email protected]