دائما ما تتطور مجالات الحياة بسبب تراكم الخبرات والإنجازات والتعلم من الأخطاء وتصحيحها وبالأفكار التى تسعى دائما إلى اكتشاف كل ما من شأنه أن يسهل الحياة على الإنسان ويجعلها أكثر راحة .. الصحة واحدة من المجالات التي تطورت بشكل مبهر في كل العالم ، وعلى إثر ذلك تمكنت كل الدول من إنشاء أنظمة رعاية صحية متطورة جدا ونجحت في أن تحمي مواطنها من كل ما يضر بصحته وتقدم له الخدمات الصحية أينما وجد ، لم يعد هناك سبب يجعل أي حكومة تعرض مواطنيها للأمراض إن لم تكن هي نفسها مريضة. أغلب الامراض يسببها الوضع البيئي عموما فكلما تحسنت البيئة تحسنت معها صحة الانسان ، فنظافتها تقضى على الأمراض ، وجمالها يحسن النفسيات، وتطورها المستمر يطور الحياة الاجتماعية ويصبح سلوك الإنسان متناغما مع شكل البيئة . حكومتنا لا تولي صحة البيئة اهتمامها مطلقا ، وأما البيئة دون تدخل من قبل الدولة فلا يمكن لها أن تتحسن ، وعليه لا يمكن للمواطنين أن يحافظوا على صحة دولة كاملة مهما تضافرت جهودهم ، لأن الأمر له علاقة بسياسة الدولة ، فهي التى تكبل المواطن وتقيده بسوء سياساتها أوتجعله فاعلا ومهتما ومشاركا لها بحسن سياساتها ، والذي يحدث في السودان أن سياسات الحكومة ضد البيئة وضد المواطن . وجهت وزارة الصحة بولاية الخرطوم بإغلاق المطاعم والكافتيريات المخالفة للاشتراطات الصحية فوراً، وشددت على ضرورة تفعيل الرقابة على الأطعمة والباعة الجائلين بالأسواق ومن عرض الخضروات والفاكهة في الأرض ، وقالت إن الأطعمة والمأكولات الملوثة تؤدي إلى انتشار الإسهالات المائية وأن الصحة مسؤولية تشاركية وتحتاج إلى تضافر الجهود ، وهنا تأتي المصيبة الحكومة لا تعترف بمسؤوليتها ، فهذه الفوضى انتشرت تحت رعايتها لأنها لم تلتزم بواجباتها ، ثم كيف يمكن للمواطن أن يشاركها ومسؤوليته هو تبدأ حين تكتمل مسؤوليتها هي . المواطن يمكنه أن يحافظ على النظافة ويبلغ عن التجاوزات والأخطاء وأن يقوم ببعض الأنشطة الداعمة لنظافة البيئة ورعايتها ، ولكن لا يمكنه رفع مكبات النفايات وقد عجزت عنها المحليات ، ولا يمكنه تصريف المياه الراكدة لأن البلد بها أزمة مصارف ،ولا يمكنه إنشاء حمامات عامة حتى يمنع التبرز في العراء ، فالبلد بها أزمة حمامات ، لا يمكنه أن يمنع الناس من بيع المأكولات والخضراوات على قارعة الطريق او يغلق الكافتريات غير المطابقة للمواصفات مع العلم أنها كلها غير مطابقة للمواصفات ولكنها ظلت تعمل بعلم الحكومة ، ولا يمكنه أن يغير في الأسواق التى أصبحت عبارة عن مصانع نفايات ومرتع للحيوانت الضالة .. المواطن لا يمكنه أن يراقب المياه وطرق توصيلها في المواسير وتقاطعاتها مع الصرف الصحي ،هذه هي مسؤولية الحكومة التى لا يمكن للمواطن أن يشاركها فيها أبدا ، و يكفي ما يدفعه من أموال ضخمة لتقوم بكل هذه المهام و بأفضل ما يكون . كل الكوارث الصحية التى تواجه السودان اليوم سببها الأساسي هو عدم التزام الحكومة بمسؤوليتها مع أنها أهم المسؤوليات وأبسطها فكيف يمكن للمواطن ان يضمن حياته مستقبلا وكيف للسودان أن يمضي إلى الأمام ؟ أحد المواطنين يتبع للجان الشعبية ومهموم بالمشاكل الصحية اتصل بى قائلا : لماذا لا نتفق ونطالب بأن يوضع السودان تحت الوصاية الدولية إذا كانت الحكومة عاجزة عن أبسط المسؤوليات ؟ لقد يئس المواطن من الحكومة للدرجة التى أصبح فيها يتمنى الاحتلال . التيار