* الحديث عن اعتداء مواطنين على مستشفى ام درمان والتعدى بالضرب على الاطباء، وتدمير معدات طبية بقيمة (500 مليون جنيه)، منها جهاز للتنفس كان موصلاً بمريضة مما ادى لوفاتها ..إلخ، فيه طمس للحقيقة وتزييف للواقع!! * فالذى إعتدى على المستشفى، وضرَب الأطباء ودمر الأجهزة وتسبب فى وفاة مريضة، هو الحكومة وليس شخصا آخر، وذلك بسبب تجاوزها الغريب عن كل حالات الاعتداء السابقة التى وقعت على الاطباء وتركها تمر بدون عقاب، بل حتى بدون فتح بلاغات ضد المعتدين والتحقيق معهم، وتقديمهم للعدالة بسبب الحصانة القانونية التى ميزتهم بها الحكومة وحمتهم من القانون، مما أغراهم على تكرار الجريمة المرة تلو الأخرى، بدون اى سبب سوى اعتقادهم الخاطئ ان الاطباء اهملوا او قصّروا فى علاج مريض لهم، مما شجع غيرهم على ممارسة نفس السلوك الاجرامى، كما حدث فى الإعتداء الأخير على مستشفى ام درمان من مواطنين من شمال مدينة ام درمان أصابهم الغضب من وفاة قريب لهم بالمستشفى التى نُقل اليها للعلاج من نزيف حاد بسبب طعنة سكين!! * لو أوقفت الحكومة الإعتداءات السابقة منذ الوهلة الأولى، وأخضعت المعتدين للحساب، لما تكررت الاعتداءات حتى وصلت الى ما وصلت اليه من عنف وتدمير وقتل وإستهانة بالقوانين وهيبة الدولة، وتعطيل العمل فى المستشفيات، وتهديد ارواح الناس!! * الحكومة هى المتهم الأول، وليس من إرتكبوا هذه الاعتداءات، فهم شركاء فقط فى الجرم، ومنفذون لإرادة الحكومة، التى لم تفعل اى شئ لايقاف الاعتداءات السابقة ومعاقبة المعتدين!! * مئات الاعتداءات وقعت على المستشفيات، وتعَرَض الاطباء للضرب والاهانة، والمعدات للتدمير، والمرضى للحرمان من العلاج، وأضرب الأطباء عن العمل أكثر من مرة مطالبين بتوفير الحماية لهم، وايقاف الاعتداءات، ومعاقبة المعتدين الذين كان معظمهم من القوات النظامية التى حصنتها الحكومة والمجلس الوطنى الخاضع لها، بقوانين حصانة غريبة توفر لها الحماية من القانون، والافلات من العقاب حتى عند ارتكاب أفدح الجرائم، ونشرت الصحف الكثير من أخبار الاعتداءات، وكتب كثيرون عن ضرورة التصدى لها بكل صرامة، وإعادة النظر فى قوانين الحصانة التى تميزهم عن بقية المواطنين، وتغريهم بارتكاب الجرائم وهم فى مأمن عن الحساب والعقاب .. ولكن ذهب كل ذلك أدراج الرياح، وظل المعتدون يرتكبون جرائهم البشعة، ويهددون السلام العام، بينما الحكومة تتفرج، وربما كانت تصفق لهم، وهى سعيدة بما يفعلون!! * ولم يتوقف الامر عند الإعتداء على الأطباء والعاملين بالمستشفيات، بل أخذ فى التوسع ليشمل فئات أخرى فى المجتمع، كما حدث فى واقعتى الاعتداء على صحفى ومهندس، لم يُعرف رسمياً من قام بالاعتداء عليهما، بل لم تبذل الشرطة وأجهزة حفظ الأمن الأخرى جهدا لضبط الجناة، كالذى تبذله فى ضبط مرتكبى الجرائم الأخرى، مما أدى لانتشار الشائعات الكثيفة حول طبيعة الجريمتين، وهوية الجناة والمحرضين!! * وكان من الطبيعى، ان يتمدد الفعل الاجرامى، ويزداد شراسة وعدوانية كما حدث فى واقعة مستشفى ام درمان، ولن تكون مفاجأة إذا وقع ما هو أبشع، وبدأ الناس يأخذون حقوقهم بأيديهم وانتشرت الفوضى وصبغت الدماء الكثيفة كل ارجاء الدولة، فالعنف لا يولد إلا العنف، والاعتداء يولد الانتقام .. وما أسهل أن يتحول الانسان الى وحش كاسر لا يمل من رائحة الدماء، عندما يكثر عليه الظلم وتتوالى الاعتداءات!! [email protected]