*كتبت كثيراً عن إحدى مشاكل صحافتنا.. *وهي نابعة من مشاكل تعقيداتنا السياسية نفسها.. *فالناس أصابهم (القرف) من كثرة هذه التعقيدات التي لا نهاية لها.. *سنوات طويلة ونحن نردد مصطلحات بعينها.. *مفاوضات ، خلاصات ، تفاهمات ، اختراقات ، و(مخرجات).. *والآن بدأ بعض الزملاء يطرقون على الوتر ذاته.. *وتر تأثر صحافتنا بعبثية واقعنا السياسي.. *ومن ثم انصراف القراء عنها إلى حد بات ينذر بالكارثة.. *فكل يوم يشهد تراجعاً في توزيع صحفنا.. *ومن أراد دليلاً على ذلك فلينظر إلى مواقعنا الإلكترونية.. *فسيلحظ عزوفاً واضحاً عن أخبار السياسة.. *وتحديداً عن أخبار أمبيكي وأديس والوسيط واللجان والحركات.. *ثم هذا كله كوم و (الحوار المجتمعي) كوم لوحده.. *وأنا شخصياً أقطع ذراعي إن كنت أفهم شيئاً عنه.. *أو تحرياً للدقة فهمت شيئاً واحداً فقط.. *وهو أنه صرفٌ على شيء لا لزوم له في الوقت الراهن.. *فعلى أي شيء يتحاور مجتمعنا السوداني؟.. *وهل مشاكله تحتاج لمفاوضات واجتماعات و(قاعات كلام)؟.. *وهل إذا خلص إلى توصيات سيُعمل بها؟.. *(أها) طيب توصياته معروفة سلفاً من غير كل هذه (القومة والقعدة).. *فكل فرد فيه يود أن يكون (إنساناً) وخلاص.. *أن يكون إنساناً محترماً لا تُنتقص حقوقه وحريته و(لقمة عيشه).. *فبالله عليكم (دي عاوزة ليها صيوانات ؟!).. *والآن- كما قلت- هناك تجاهل لأخبار مشاكلنا السياسية على مواقع النت.. *وكذلك على صفحات جرائدنا الورقية.. *ورغم ذلك لا تكتفي صحفنا بالأخبار هذه وإنما تضيف إليها تحليلات.. *تحليلات في طول وكستنا لا تهم الشعب في شيء.. *بينما مناظرة ترامب وهيلاري تابعها- بشغف- مئة مليون أمريكي.. *فالمواطن هناك يعرف أن الوعود لا تذروها الرياح.. *وأن الخطط الاقتصادية ستُطبق بحذافيرها لا محض ثرثرة جوفاء.. *وأن البرنامج الانتخابي يعلي من شأنه (كإنسان).. *وأن (قوة صوته) هي أساس الحكم في بلاده وليس (قوة السلاح).. *فالمطلوب من صحافتنا- إذاً- (الاهتمام) بما (يهم) الناس.. *هذا هو طوق النجاة الوحيد لها إن أرادت النجاح.. *ولتترك ساستنا (يخوضون خواضتهم) إلى أن (يرسوا على بر).. *وأعني- على وجه الخصوص- مشاكل الحوار.. *استئناف الحوار ، تعليق الحوار، مواصلة الحوار، إرجاء الحوار.. *أعوام وراء (أعوام) ونحن وراء (الأوهام).. *فإن كان الحاكمون والمعارضون لا يسأمون فالشعب (زهج).. *و(زهج) أيضاً من صحافة لا (تزهج) بدورها.. *صحافة باتت تتشابه في كل شيء مثل حديث (المخرجات) الممل.. *و(مخرجات) كلمتنا هذه أن نبعد عن (المخرجات).. *وإلا فلا (مخرج) لصحافتنا!!! الصيحة