منذ ثلاث سنوات كان ولا زال هنالك إتفاق بين السدنة والتنابلة في وزارة المالية واتحاد العمال علي زيادة الأجور مقابل رفع الأسعار،وداخل هذا الإتفاق مهام أخرى تتعلق بوجوب قيام الأخير بتبرير قرارات زيادة أسعار السلع،بما يفيد تضليل العمال والموظفين،وبالتصريح عن ما تسمى بالبشريات التي لا وجود لها،جنباً إلي جنب مع اجتماعات مكثفة وغرف عمليات بين الإتحاد ووزارة المالية وأصحاب العمل،هدفها المعلن إتفاقية زيادة الأجور في القطاع الخاص،وهدفها الخفي حوافز الاجتماعات والعشاءات الليلية والحفلات النهارية وهلم جرا . هذا السيناريو الخبيث،تبقى نتيجته المحتمة 10 مليار جنيه تضاف لخزينة الحكومة من خلال زيادة أسعار البترول والقمح والسكر،مقابل مليار جنيه يمكن أن يتصدق به الحزب الحاكم على العمال والموظفين في شكل منحة تسمي منحة الرئيس وقدرها 100 جنيه شهرياً لا تضاف للمرتب الأساسي في دفاتر صرف المرتبات،حتى لا تزداد فوائد ما بعد الخدمة . وترتفع أسعار كل السلع حتى قبل صرف ال100 جنيه،وترتفع تكاليف المعيشة،والحد الأدني المطلوب لبقاء أسرة على قيد الحياة يتجاوز 4 ألف جنيه شهرياً،بينما الحد الأدنى للأجور 426 جنيه. الآن وكالعادة وعلى أعتاب الميزانية الجديدة،بدأت إجتماعات الغرف المغلقة بين أطراف الثالوث الإنتهازي،وخرجت التصريحات للعلن حول ضرورة ردم الفجوة بين الأجور والأسعار،وفي موجهات الموازنة القادمة ما يشير لرفع أسعار السلع الهامة وتعويم الجنيه السوداني،والمزيد من تشريد العاملين تحت إسم الخصخصة. واتحاد العمال الذي لا تعترف به قواعد العاملين لأن الانتخابات صورية ومضروبة،مطلوب منه أن يشغل العمال بكرتونة رمضان وبخروف العيد،وقوت العاملين،وهي باب من أبواب السمسرة والمضاربة،لفائدة السدنة والتنابلة .. وعندما تكتمل خيوط المسرحية،يقولون (زيتنا في بيتنا)،ومقابل التواطؤ تحصل الأطراف المعنية على المكاسب المالية والوظيفية حيث يمكن لرئيس اتحاد العمال أن يصبح وزيراً أو مساعداً للرئيس،والآخرون يمكنهم الاستمتاع بالمال العام دون خوف المراجع . الذين يفهمون الاقتصاد بشكل جيد،يعرفون أن سياسة رفع الأجور لمقابلة زيادة الأسعار والتضخم،لا تجدي لأنها تزيد من وتائر ارتفاع التضخم،إضافة لكونها سبب من اسباب انهيار سعر العملة الوطنية،وفي ظل فوضى السوق وسيطرة الرأسمال الطفيلي عليه،تصبح أي زيادة في الأجور مدخلاً لارتفاع غير مسبوق في معظم أسعار السلع الهامة. والذين يفهمون أيضاً يعرفون أن دعم السلع الضرورية،وتثبيت الأسعار عند مستويات محددة،وتقوية سعر الجنية هي المعادلة الصحيحة لخلق التوازن بين الأجور ومستوى المعيشة،لكن الحكومة لا تدعم السلع لأن صندوق النقد الدولي يمنعها،ولا يمكنها تثبيت الأسعار لأن حرامية السوق هم(ناسها). ومما نفهمه أيضاً أن العمال والكادحين في بلادنا لا تضللهم الأكاذيب والإدعاءات الجوفاء حول الإصلاح الاقتصادي المزعوم،وأنهم في كل حين يضربون عن العمل ويحتجون على سوء الأجور،وتردي بيئة العمل،والإضرابات المطلبية المتواترة،تصبح إضراب سياسي وعصيان مدني في نهاية المطاف،وثورة تطيح بالنظام وقوانينه التي(تقطع من خلاف). [email protected]