الدُبلوماسي رجل يستطيع أن يصمُت بكل اللغات..(أنور السادات) وبماذا نُسمي هؤلاء يا سادات..؟ دوامة من التصريحاتِ وبكُل اللغات دخلنا فيها ولم نلتزم بفضيلة الصمت النبيل والنتيجة كانت ما فيه نحن من هرجلة سياسية وتخبُط شمل كُل أوجه الحياة فارقنا معه المنظومة الدولية وخالفناها عمداً وجهلاً بدورها.. في أغسطس من العام 1990 إجتاح العراق دولة الكويت ولقد كان هذا الفعل بمثابة قشة العراق التي قصمت ظهره لم يعُد بعدها دولة فاعلة كما كان بل دولة مُنهكة اجتاحتها الصراعات وأحاطت بها الحروب والخصومات الدولية التي دمرتها وصيّرتها تابع للقوى العظمى ، الإنقاذ الثورة (السودانية) تحبو نحو عامها الثاني وتُحظى بإلتفاف جماهيري داخلي كبير وما زال بعض ساستها يتهجأ ويتتعتع في كلمات السياسة الدُولية الأولى العصية عليهم حينها ومع ذلك لم يلتزموا الصمت بل تحدثوا بلغة ركيكة إختاروا بها الإنحياز إلى جانب العراق الغاضب على الكويت والمغضوب عليه من مُعظم دول العالم ذات التأثير الكبير على غيرها.. دخل العراق في نفق الصراع الدولي المُظلم ومعه بجهلنا بألف باء الدُبلوماسية دخلنا ظناً من ساستنا الجُدد أنّ الخُروج من مثل هذه المتاهات السياسية المُعقدة كالدخول فيها ، خرج العراق من الكويت دولة ضعيفة مُتأكلة الأطراف أيقظوا فيها القبلية والطائفية وتلاشت تلك القوة التي يخشاها الأعداء بسبب تكالب العالم على ثرواتها الهائلة ، لم نخرج نحن بعد من ظُلمات النفق الذي أدخلنا أنفسنا فيه ولم نستطع تجاوز المتاريس التي وضعوها أمامنا لعرقلة مسيرتنا والخُروج إلى رحاب العلاقات السوية مع عالم نحتاج لبناء علاقات حقيقية متينة معه ولكن أنّى لنا ذلك .. لم يكُن لدينا دُبلوماسي يُجيد الصمت للخروج بعلاقاتنا الخارجية وقت الأزمة والإبحار بها إلى مرافئ آمنة تحفظ لنا الود مع (الكويت) الدولة الشقيقة صاحبة الأيادي البيضاء الكثيرة والعطايا الكبيرة أولاً وللحفاظ على علاقتنا مع جميع دول التحالف ثانياً وما كُنا سنخسر شيئاً لو التزمنا الصمت وهل يُمكننا العيش بمعزلٍ عن العالم لو كانوا يعقلون ، ذهبت الكويت بعيداً عنا وذهب معها مُناصريها ولحِق بهم العراق أيضاً بعد أن أصبح دولة تُديرها أمريكا وخسِرنا كُل شئ ، إنقلب علينا العالم وما زلنا نترنح ونتودد لترميم جُسور علاقاتنا المُتصدعة التي فرطنا فيها وليتنا عملنا بقاعدة (الصمت) الدبلوماسية الفاعلة .. خبر حملته الوسائط وفيه أنّ دولة الكويت تطلُب إستقدام عمالة سودانية كبيرة متنوعة للعمل ، خبر تناقله الناس واستبشروا خيراً بمحاولة الكويت مد جسور الثقة من جديد بعد قطيعة طويلة طال أمدها ، إستبشروا بالعودة ثانية إلى ديارٍ كانت تستضيف الكثير من أهل السودان بلا منٍ من أهلها ولا أذى قبل أن (نُفرِط) في مياهنا في صحراء الخليج لأجل سراب العراق الزائف حتى اغتالنا عطش العقوبات والعلاقات المتوترة .. والله المُستعان.. بلا أقنعة.. صحيفة الجريدة السودانية.. [email protected]