الملك سلمان يغادر المستشفى    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    تقارير: القوات المتمردة تتأهب لهجوم في السودان    شاهد بالصورة والفيديو.. شاب سوداني يترك عمله في عمان ويعود للسودان ليقاتل مع الجيش في معركة الكرامة.. وثق رحلته من مسقط حتى عطبرة ليصل أم درمان ويحمل السلاح ويطمئن المواطنين    شاهد بالصورة والفيديو.. شاب سوداني يترك عمله في عمان ويعود للسودان ليقاتل مع الجيش في معركة الكرامة.. وثق رحلته من مسقط حتى عطبرة ليصل أم درمان ويحمل السلاح ويطمئن المواطنين    شاهد بالصورة والفيديو.. "دعامي" يظهر في أحضان حسناء عربية ويطالبها بالدعاء بأن ينصر الله "الجاهزية" على "الجيش" وساخرون: (دي بتكمل قروشك يا مسكين)    شاهد بالصورة والفيديو.. إعلامية مصرية حسناء تشارك في حفل سوداني بالقاهرة وتردد مع الفنانة إيلاف عبد العزيز أغنيتها الترند "مقادير" بصوت عذب وجميل    د. مزمل أبو القاسم يكتب: جنجويد جبناء.. خالي كلاش وكدمول!    محمد وداعة يكتب: الامارات .. الشينة منكورة    العين إلى نهائي دوري أبطال آسيا على حساب الهلال السعودي    تطعيم مليون رأس من الماشية بالنيل الأبيض    إثر انقلاب مركب مهاجرين قبالة جيبوتي .. 21 قتيلاً و23 مفقوداً    الخارجية الروسية: تدريبات الناتو في فنلندا عمل استفزازي    مصر تنفي وجود تفاهمات مع إسرائيل حول اجتياح رفح    السوداني في واشنطن.. خطوة للتنمية ومواجهة المخاطر!    "تيك توك": إما قطع العلاقات مع بكين أو الحظر    عن ظاهرة الترامبية    مدير شرطة ولاية نهرالنيل يشيد بمجهودات العاملين بالهيئة السودانية للمواصفات والمقاييس    مدير شرطة شمال دارفور يتفقد مصابي وجرحى العمليات    منتخبنا يواصل تحضيراته بقوة..تحدي مثير بين اللاعبين واكرم يكسب الرهان    حدد يوم الثامن من مايو المقبل آخر موعد…الإتحاد السوداني لكرة القدم يخاطب الإتحادات المحلية وأندية الممتاز لتحديد المشاركة في البطولة المختلطة للفئات السنية    المدير الإداري للمنتخب الأولمبي في إفادات مهمة… عبد الله جحا: معسكر جدة يمضي بصورة طيبة    سفير السودان بليبيا يقدم شرح حول تطورات الأوضاع بعد الحرب    طائرات مسيرة تستهدف مقرا للجيش السوداني في مدينة شندي    هيثم مصطفى: من الذي أعاد فتح مكاتب قناتي العربية والحدث مجدداً؟؟    ترامب: بايدن ليس صديقاً لإسرائيل أو للعالم العربي    تواصل تدريب صقور الجديان باشراف ابياه    مدير شرطة محلية مروي يتفقد العمل بادارات المحلية    إيقاف حارس مرمى إيراني بسبب واقعة "الحضن"    «الفضول» يُسقط «متعاطين» في فخ المخدرات عبر «رسائل مجهولة»    سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه السوداني ليوم الإثنين    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الإثنين    نصيب (البنات).!    ميسي يقود إنتر ميامي للفوز على ناشفيل    لجنة المنتخبات الوطنية تختار البرتغالي جواو موتا لتولي الإدارة الفنية للقطاعات السنية – صورة    صلاح السعدني ابن الريف العفيف    أفراد الدعم السريع يسرقون السيارات في مطار الخرطوم مع بداية الحرب في السودان    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    جبريل إبراهيم: لا توجد مجاعة في السودان    مبارك الفاضل يعلق على تعيين" عدوي" سفيرا في القاهرة    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    ماذا تعلمت من السنين التي مضت؟    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    تسابيح!    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    وصفة آمنة لمرحلة ما بعد الصيام    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    تداعيات كارثية.. حرب السودان تعيق صادرات نفط دولة الجنوب    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



زوجة ادوارد لينو : امال الطاهر
نشر في الراكوبة يوم 04 - 10 - 2016

تبخر اسمها مع تعريات الذاكرة .. خشيت أن أسالها عنه ثانية .. لقبها (طيارة) كانت لاعبة سلة فذة وماهرة .. تجيد تسديد الاهداف من البعد .. ضاربة الشهرة في مجتمع جوبا وقتذاك .. بها عرجة خفيفه لم تؤثر سلبا على مسيرتها الرياضة .. كثيرا ما ألتقيها في الخرطوم .. تبادرني انها لا تعرف خبرا عن نونو الفونس .. كنت ألح وألح عليها ان تبلغني ان وجدت لها دربا .. نونو الفونس توارت وذابت لم اسمع لها صيتا ثانية منذ مفارقة جوبا في 1989.. تسأل بدورها : وين بنيا تاكم تا مندوكورو تا واو .. فتبادر هي بالسؤال عن احدي الشماليات من مدينة واو كانت لاعبة سلة لا يشق لها غبار.. كان بينهما سجال مشهود في الدورات المدرسية .. لا ادري هل تقصد امال الطاهر عبد الرحيم ..أم تقصد اخري .. قلت مخاطبا كمال الطاهر عبد الرحيم : في رحلة بحثك الطويلة عن اختك .. ألم تفكر في مقابلة زوجها ادوار لينو .. الا يفيدك هذا اكثر .. الا يختصر لك مسافات الوصول للحقيقة .. لتعرف اين هي .. كنت اتحدث عن الفترة التي اعقبت اتفاقية نيفاشا حيث اصبحت الحركة الشعبية قوة سياسية بارزة ونشطة .. جاء قادتها للخرطوم زرافات زرفات .. اجابتي : لم افكر قط .. مبكرا بدأ كمال الطاهر رحلة بحثه تلك يتلمس خطي اخته المفقودة .. كان هدفه الحقيقي لم شمل الاسرة .. الاب الطاهر عبد الرحيم تزوج شمالية اولا ثم تزوج جنوبية ثانية .. بداية بحثه كانت في العام 1975 من مدينة جوبا .. ونهاية المطاف في عمق الخرطوم عام 2009م .. وهو العام الذي توفيت فيه امال الطاهر نفسها.. اي قضي 35 عاما باحثا دون كلل او ملل .. انفق اكثر من ثلث قرن تنقيبا وتفتيشا .. تذكرني حكايته ب (هوبز) المغامر الباحث عن (كنز الرجل الهولندي) .. كلاهما اجتهد وكافح من اجل الوصول لكشف الغطاء عن الحقيقة المخفاة .. مات هوبز قبل ان يدرك (كنز الرجل الهولندي) .. وماتت امال الطاهر قبل ان يصل اليها كمال الطاهر .. حاولت ان انكأ الذاكرة لعلي احصل على اجابة شافية .. هل كانت امال الطاهر ضمن افواج طلبة الدورة المدرسية الذين يفدون الى منزلنا في حي نمرة 3.. لان سكناهم في مركز الشباب حي نمرة 3 مقابل بيتنا مباشرة .. كثيرا ما يأتي كل من سبت لوقوروقو ونونو الفونس لوالدتي ببعض الطلبة القادمين من مناطق الجنوب المختلفة .. والدتي تقدم لهم واجب الضيافة .. ثم تعرفنا عليهم هذا فلان ابن فلان يسكن المدينة الفلانية وهكذا.. عجزت في الحصول على اجابة شافية على السؤال الذي اثرته ..إنهَزَمت (ذاكرة السمكة) هزيمة موجعة .. لم استطع تذكر اسم امال الطاهر نهائيا هل كانت ممن يفدون الى منزلنا ام لا .. الان فرغت من قراءة رواية (ساق البامبو) لسعود السنعوسي هي التى جعلت شريط الذكريات يعود بي الى الجنوب ثانية .. رواية كاملة الدسم بما تحمل على طياتها من حبكة وسرد واثارة .. رواية تنحدر من اعلي هضابها مباديء قيمة وثرة منسوبة الى (خوسيه ريزال) البطل القومي للفلبين .. كأنما الراوي يريد ان يجعل منه نجما ساطعا يهتدي به ابناء تلك الجزر حتى بعد مماته .. في نفس الوقت لاحت ام ناظري ايضا رواية (نهر الدون الهاديء) لمخائيل شولوخوف قرأتها منذ امد بعيد .. حيث ان ميلخوف ذو الاصول الروسية القوقازية جلب معه اسيرة تركية اتخذها زوجة له وانجب ابناءا مختلطين .. عاش حياة العزلة مع زوجته التي لم تعجب أقاربه والذين سرعان ما اتهموها بممارسة السحر... رواية (نهر الدون الهاديء ) سلطت شعاع ضوء ضيق على قضية الزواج المختلط وفي جانب صغير جدا .. اما رواية (ساق البامبو) سلطت الاضواء برمتها على قضايا المولدين من ابوين مختلفين ثقافيا ودينيا وعرقيا بصورة اعمق واشمل .. حيث وصفهم المؤلف ب (ساق البامبو) .. لا يدرك مغزي الروايتان الا الذين عاشوا في الجنوب وشاهدوا الزيجات المختلطة ورأوا بام أعينهم معاناة الابناء وهم مشتتين بين الانتماء والولاء شمالا أو جنوبا .. ان (هوزيه ميندوزا) بطل الرواية ستجده في السودان في كل مكان .. في توريت وياي ومريدي واويل وراجا والناصر والبيبور .. اذا يمتت شمالا فهو ضائع الهوية في نيالا وكوستى والمجلد ودنقلا وكسلا وكادوقلي .. ستجده ماثلا يحمل جينات ابيه الشمالي وامه الجنوبية .. والعكس صحيح .. الرواية تضرب منحا جديدا تناقش قصة الابناء المولدين باحساس من ذاقوا ويلات التهميش والتلفظ من مجتمع الاباء الطارد .. بين ابناء الكويت وبنات من شرق اسيا (الفلبين) .. ولكن هنا امح الكويت وضع بدلا عنها شمال السودان .. امح الفلبين وضع بدلا عنها جنوب السودان .. هناك زاوية واحدة تربط بينهما وهي ظلم المجتمع وتعسفه .. كانت امال الطاهر مثل (ساق البامبو) ناتجة عن زيجة مختلطة .. امها جنوبية ووالدها شمالي .. جميعنا يعرف ادوارد لينو فهو سياسي ضارب الشهرة ومناضل ضليع لا تخطئه عين ولا يتجاوزه قلم .. قليل منا يعرف ان زوجته اسمها امال الطاهر عبد الرحيم.. كانت امال الطاهر مثلها مثل هوزيه او عيسي الوارد في الرواية. لكنها تحمل اسما واحدا ولا تحمل اسماءا متعددة .. لم تكن غريبة عن مجتمع جوبا .. فهي احدي البطلات المشهورات في الدورات المدرسية انذاك تفد من مدينتها واو وهي بمثابة (عطبرة الجنوب) مدينة الحديد والنار .. من منا لا يعرف ان الرياضة في الجنوب قاطبة ليس لها نكهه وروح بدون الشعار الداوي (واو .. نار) .. حتى ذات مرة تطوع صمويل مخائيل في برامجه (دا غلط )الذي تبثه اذاعة جوبا وهو يوجه نداءا الى الجماهير العريضة يطالبهم بترك تشجيع فرق مدينة واو .. وصب جهد تشجيعهم لمدينتهم العريقة جوبا .. فهي المدينة التى انجبتهم وأوتهم ولها افضال عليهم .. واختتم حديثه ان كل من يريد تشجيع فرق واو عليه العيش في واو أولا.. كانت امال الطاهر لاعبة كرة السلة بارعة وهي تشق طريقها بين لاعبات الخصوم برشاقة غزال .. بينما لاعبتنا الجباوية (طيارة) لا تستطيع صد المسيرة الكاسحة للاعبة الطموحة .. يخيب امرنا تشق امال طريقها بين لاعبات الخصوم لتحرز هدفا .. (طيارة) تخذل مدينة جوبا باسرها وتزيقها العلقم المر.. لا احد يصغي لنصائح صمويل مخائيل الجميع يشجع بصوت هادر : واو نار .. جوبا في الجيب .. وفد حديثا الى جوبا في العام 1975م .. جاء ليعمل مدرسا .. يحمل اسم كمال الطاهر عبد الرحيم .. والداه من اقصي الشمال .. لم تكن المدينة غريبة عنه .. فاهله كثر .. معظهم هاجر واستقر بهم المطاف في الجنوب .. توزعوا على مدنه وبلداته المختلفة .. لكن جوبا اخذت الحيز الكبير في موسم هجرتهم جنوبا .. والده كان يعمل بمصلحة الاشغال بمدينة واو .. بلاد نهر الجور .. سمع بعض الحقائق الغائبة عنه في جوبا من اهله .. ان والده تزوج بجنوبية من بلدة راجا هذه (جوزافين ميندوزا) اخري .. الزيجة تمخضت عن بنت صغيرة اختار لها والدها اسم آمال اي الأمنية والطموح والرغبة.. كأن الاب يعزز امنيات كثيرة راودته يرمي لتحقيقها.. الطموح بحرب تضع اوزارها .. الرغبة بان ينعم الجنوب بسلام دائم .. لكن هناك في (ساق البامبو) يقول الراوي (اختارت والدتي هذا الاسم تيمنا بخوسيه ريزال الطبيب والروائي .. بطل الفلبين القومي الذي ما كان للشعب ان يثور لطرد المستعمر الاسباني لولاه) .. لعبت الصدفة المخضة دورا عريضا في رحل البحث التى قادها كمال الطاهر في سعيه الدؤوب من اجل لم شمل الاسرة المكونة من زوجة ابيه الجنوبية وابنتها امال .. قابل شول او كيدين او ميري نسي اسمها في غمرة الاحداث والزمن كأنما كل شعرة شيب تمحو جزءا يسيرا من الذاكرة .. لكنها من رفيقات امال الطاهر المقربات .. فالسعنوسي اطلق علي هذه العينة من الرفقاء اسم (مجانين جزيرة بوراكاي) .. ذات مرة يقود كمال الطاهر ركشة يتلقط رزقه .. استوقفته احدي الجنوبيات .. لمشوار من السوق الشعبي الى الكلاكلة .. تبادل معها الحديث هنا وهناك .. الا ان حط الكلام رحاله عند سيرة امال الطاهر .. قالت له الراكبة .. ان امال الطاهر رفيقتها وصديقتها منذ الصغر.. وانهما سويا من مدينة واو .. وذكرت له انها تزوجت من رجل يدعي ادوارد لينو .. لحظتها ادوارد لينو كان نكرة غير معلوم للعامة والكافة.. وزادت الراكبة من المفروض ان تتزوج هي ادوارد لينو.. لكن ظروف ما حالت دون ذلك .. واتجهت القسمة صوب امال الطاهر فكانت هي الزوجة .. عاد كمال الطاهر يجتر الذكريات من اضابير الذاكرة العتيقة .. ففي مدينة واو كان هناك رجلان يحملان الاسم نفسه الطاهر عبد الرحيم .. الطاهر عبد الرحيم والده يعمل بمصلحة الاشغال .. اما الطاهر عبد الرحيم الاخر يعمل مدرسا .. كان الخلط حاضرا .. دائما فعندما ترد خطابات بالبوستة .. يستلم احد الطاهرين الخطاب فيقرأه فاذا لم يجده له سلمه للاخر .. تشابه الاسماء خلق بين الطاهرين صداقة ومحبة .. خوسيه ريزال يقول ( ان الذي لا يستطيع النظر الى المكان الذي جاء منه .. سوف لن يصل الى وجهته ابدا ) .. كان امال الطاهر تنظر دوما الى الخلف الى منبعها في الجنوب .. سخرت نفسها للعمل من اجل بناء مستقبل باهر لمواطنيها ليعشون في دعة ورفاهية ومساواة فها هو شاهد عيان يقول (كانت تسافر غير مبالية بخطورة عملها فى بلد فيه أعلى نسبة وفيات أطفال فى العالم.. تفتك فيه الأمراض بالناس كما لم تفتك بهم الحروب.. ) كما ان انعام عبد الحفيظ تدون (حزنت جدا لهذا الخبر فآمال الطاهر تمثل الحيوية والنشاط وجمال الروح .. كانت مؤمنة بقضيتها حد الايمان تدافع عنها بكل قوة وتأتيك بالحجة بدون تعصب .. سهلة التعامل بسيطة نقية الدواخل محبة للمرح والحياة .. لكن هذه هي حالة الدنيا تأخذ دوماً اخيار البشر ..) سالت كمال الطاهر : ماذا حدث بعد ان التقيت راكبة الركشة رفيقة امال الطاهر .. - الراكبة اوضحت لي ان والد امال الطاهر كان يعمل مدرسا في واو اعتطني عنوان والدها الحقيقي.. يعمل حاليا بدكان في سوق الشجرة .. في اللحظة التى تلفظ وتطرد اسرة راشد الطاروف ابنهم هوزيه منيدوزا .. فهو في نظرهم عار جاء من زيجة مختلطة مثل ابناء القوزاقي ميلخوف .. على النقيض من ذلك يشد كمال الطاهر الرحال صوب سوق الشجرة يرنو للم اسرة والده .. باحثا عن اخته المفقودة .. هناك التقي الطاهر عبد الرحيم المعلم سابقا بمدينة واو.. عرفه بنفسه .. تبادلا الحديث الشجي والذكريات الشيقه .. فحكي له الطاهر انه عندما انجب صبيا اطلق عليه اسم كمال تيمنا به .. فصار هناك كمال الطاهر عبد الرحيم اخر .. اكد له ان امال ابنته من زوجة جنوبية من واو .. وان لا صلة رحم تربطه بها .. هنا وضع كمال الطاهر عصا البحث .. وصل اخيرا الي وجهته التى ابتغاها .. اخيرا ازال العتمة .. اذن امال الطاهر ليست اخته انما تشابه اسماء .. امضي 35 عاما ليدرك ان امال الطاهر ليست اخته .. كان الجد ميندوزا يخاطب حفيده هوزيه (اتمنى ان لو تنبت لك ألف عين لتتمكن من رؤية الاشياء بوضوح ) .. دون الحاجة لألف عين رأت امال الطاهر المعاناة تسكن جموع شعبها النازح في مدن وبلدات الشمال ومخيمات اللجوء في دول الجوار .. رأت المعاناة وشظف العيش والقسوة في بيوتات القش والخيش التى اتخذها ابناء الجنوب سكنا لهم .. كانت ناشطة اجتماعية تدب فيها روح مساعدة الاخرين .. يكتب هاشم بدر الدين الاتي (الناس بين مُصدقٍ ومُكذب. فالموت فى بلادنا زائر مقيم، يختطفُ من الناس خيارهم ويترك شرارهم. عاشت بيننا حياة الزائر الخفيف المؤقن بيوم الرحيل، تفرح لأفراح الآخرين وتحزن لأحزانهم، فما عاشت يوماً لنفسها. كان دأبها الترحال فى الأراضى المحررة عاملة مع المنظمات الخيرية فى محاربة الأمراض وإغاثة الجوعى والنازحين ). ماتت امال الطاهر نقية حيث يقول خوسيه ريزال ( يجب ان يكون الضحية نقيا كي تقبل التضحية ) إصابتها حمى السحائى فى واراب ووريت الثرى فى مدينة واو .. فإنطفأت شعلة كانت متقدة بالنشاط والحيوية .. وفقد رفيق دربها ادوارد لينو زوجة مخلصة ووفية .. لم يعاصر هوزيه ميندوزا قدوته محرر الفلبين (خوسيه ريزال) .. لكن امال الطاهر عاصرت بطل الجنوب القومي جون قرنق وكانت هناك في نيفاشا تزرع (آمال) عراض في الوصول الى اتفاق ينهي الحرب الاهلية القائمة حينها .. وتزرع الحب والوئام .. وننظر ما كتبت عفاف ابو كشوة احدي رفيقات امال الطاهر (كان خبر رحيلك المفاجئ .. يا آمال فاجعا وموجعا.. ونزل علينا كما الصاعقه .. تلقيت الخبر من الصديقة الصحفيه
هنادي عثمان من الخرطوم.. حزنت وترددت .. ثم اتصلت بالصديقه عفاف عطا المنان بنيروبي .. وكان عشمي ان تنفي عفاف الخبر..ولكنها اكدته .. ووجدتها حزينه .. حزينه . وحزنت وتألمت مثلها كيف لا ؟؟ واجتريت شريط الذكريات .... عندما تعرفت عليك يا امال.. لاول مره مع صديقتك عفاف عطا المنان بنيفاشا.. اثناء مراسم توقيع اتفاق تقاسم الثروة.. تذكرت وجهك الصبوح ..وضحكتك الرنانه.. وحيويتك كأجمل ما تكون فتاة في العشرين..تذكرت يا امال .. ترحابك بالضيوف في داركم العامرة.. وكرمك الفياض ..تذكرت ياامال.. انك زوجة رجل مناضل .. يحمل راسه علي كتفيه.. وانتى تحملين عنه عبء تربية الاولاد وتعليمهم في المنعطفات الحاده والحرجه.. تذكرتك يا امال.. فرحتك يوم توقيع اتفاق السلام باستاد نيروبي .. والدموع تنهمر من مقلتيك فرحا نبيلا بالسلام.. تذكرت ياامال .. احلامك الصغيرة والكبيرة .. بسودان جديد.. يتساوى فيه الجميع في كل شئ .. وتنال المراة السودانيه حقوقها كامله ).. واضافت (كانت الرفيقة رمزا للنضال النسوي الذي يجبن رجال كثير في بلدنا ان يحذون حذوها فهي اقرت حقيقة اساسية في بناء الحياة السعيدة لزوجها و اهلها .. فهي مثال للتقوي ووحدة الاصل البشري .. و منذ نعومة شبابها وهي احدي بطلات الدورة المدرسية حينما تبرعت لنا طلاب النيل الابيض بادواتها الرياضية .. فكانت الرفاقية في دمها و التجرد من الانانية و الوان التميز بسبب الجنس و اللون و العرق الذي اخذ من يؤصل له و يجذر له جهلاء بلادي القدامى و الجدد و الله لم تنزع لها نفسها و لو مرة .. وهي في ذاك الزمان امال الانسان .. طهارة الروح فالي جنان الخلد و اليوم نعلنه حدادا اسريا في بيتنا) .. حينما علم كمال الطاهر بالوفاة .. توجه نحو حي الشجرة .. حيثم اقام والدها الطاهر عبد الرحيم سرادق العزاء .. فتأكد حينها ان رحلة البحث الطويلة التى انفقها تمخضت ان ما يبحث عنها ليست اخته انما تشابه اسماء .. وتأكد لوالد امال الطاهر عندما اطلق اسم كمال على ابنه تيمنا بكمال (الباحث عن اخته) انه انشد اسما يحمله رجلا نبيلا ظل يبحث عن اخته المحتملة الى ان كتب الله لها النهاية .. لاعبة كرة السلة (طيارة) التقيها باستمرار لم تعد الى الجنوب بعد الانفصال ظلت هنا في الشمال حيث طاب لها المقام والمنزل .. ما زلت اشتم عبق الجنوب عند مقابلتها ..استاد السلة .. ار ان سي .. نيكولا الحاوي .. شجرة اللالوب قبالة بيت محجوب الحسين .. حجار اندرو البيضاء .. الصيدلاني مورس وهو يشق ميدان سليقة قاصدا صيدلية طيفور .. السنى محمد خير القاضي المناوب لسطان اندريا .. قمبا حيث نزح اللوفيت هناك .. جوبا نباري .. جبل كجور .. جبل بيلينانق ..بنات المنداري لابسات الجبوندا .. بنات الفوجولو ذوات القوام الممشوق .. عندما اقابلها اسألها كالعادة : وين بنيا تا نمرة 3 .. وين نونو الفونس .. ستجيبني : انا ما شوفو .. يا تا ساقا انا كان شوفو بودي لي اتا خبر .. ثم تسأل : وين بنيا تا موندوكور تا واو .. سلام ثم وداع وانا اللاحظ العرجلة الخفيفة التى لم تؤثر سلبا على مسيرتها الرياضية .. او مسيرتها في الحياة ..
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.