بسم الله الرحمن الرحيم الكلمة عندي هي حيوان طويل العنق رائع يخرج من عتمة دواخلي القاحله جائعا ومتعتشا الي أن يأكل ويرتوي من مراعي عقولكم النيره ويترك أثرا علي صفحات ذاكرتكم الخضراء ويرتوي بمياه العشق الملثم بروعة اللحظة , وأحيانا أصور الكلمة كأنها طيور بحرية تهاجر عبر المواسم الي كل مكان دون تأشيرة ودون جواز سفر , وأحيانا تكون الكلمة بويضة خصبة قادرة علي أن تولد ألآف الكلمات وتتكاثر وتتحرك , فاللكلمة عندي هي كائن حي يمكن أن يتنفس ويمكن أن يحرك الساكن ويمكن أن يسكن المتحرك , كلمة بقلم رصاص علي ورق أبيض قادرة علي أن تنير عقول مدينة بأكملها لأن الكلمات كشمعات الكهرباء تنير العقول وتغرس فيها ثمار العلم والتعلم . فالكلمات كالثمرة يغرسها الانسان في زاوية العقول فتثمر وتفيد أجيال بل أمم . فالانسان يمكن أن يهاجر كل يوم وكل ليلة ويزور وجدان الاخرين في كل العالم يتحدث بكلماته الي أخرين لا يعرفهم يقاسمهم همومهم يتنفس معهم أنفاسهم يعانقهم وأحيانا يبادلهم عشق الاشياء بل أحيانا يتبادل معهم العشق السرمدي الجميل الذي يحسه علي أثير البعد ويعذف علي أوتار أيقاعاته لحن جميل . أن تسافر الي وجدان الاخرين عبر كلماتك ودون تأشيرة أو جواز سفر شيئ جميل وأحساس رائع فمنذ عصور بعيدة أدمنت هذا النوع من السفر وأصبحت لا أطيق الجلوس في مكان واحد لأنني في سفري هذا أحس أنني أبادل الشعوب الرائعة روائع الفكر والاحاسيس النبيلة فانني دائما أتخذ من عقولهم النيرة مرايات تعكس لي صورة وجهي وشكل عواطفي وأحاسيسي الجياشة التي تنبعث دون حواجز , أحس انني أحيانا أستحدث لغة جديدة بيني وبين الاخرين وأؤطر لوحة المعرفة بأريج من الاحاسيس الجميلة. السفر الي الاخرين هو مهنتي وهوايتي وطبيعتي التي ولدت بها أسافر الي دواخلهم أطرق أبوابهم منهم من يأذن لي بالدخول ومنهم دون ذلك ولكنني دائم السفر والترحال لا أكلّ ولا امل . ذاكرتي مكتظة بملامح وجدانهم ودخان عقولهم الذي يفوح بروائح مختلفة ولكن الذاكرة بكل أنواعها هي الارتباط بالماضي وطرق العودة اليه . والتذكر ألتصاق بالحدث , والنسيان انعتاق وتحرر من روابط قد تكون مريرة أو أحداث جميلة , وألتصاق الذاكرة أحيانا بأطلال الماضي يعيق رحلتي وينحر الطموح للوصول الي الاخرين. تجترني الروابط العميقة والحميمة دائما أن أقيم جسرا أبدي يوصلني بأحداث الماضي الجميل وأقيم عرسا في داخلي يحضره الجميع وعندها أفترش دواخلي بأروع الزينات الجميلة وأرتدي لتك المناسبات أروع ما عندي , لأن الزكريات الجميلة تغزو داخلي بجحافل من الفتن الرائعة وتظل تدغدغ ذاكرتي وتداعب أنامل أفكاري , فالكلمة لا تطلب تأشيرة دخول الي نفوس وعقول الاخرين ولكن الكلمة أحيانا تعاني في أجرأت الدخول الي عقول الاخرين لأسباب سياسية أو أخري فهناللك ألاف الكلمات في سجون الدول تعاني من الاتضهاد السياسي والديني والعرقي , ولكن رغم ذلك تظل الكلمة وستبقي مستمرة في تحديد بزوغ حريات أجيال وشعوب مضتهدة ولن تستطيع أية جهة او حكومة من أيقاف جيش من الكلمات علي أفواه شعب او علي قصاصات ورق او علي وسائل الاتصال والتواصل . لقد أشتقت الي ضحكة حبيبتي الي ضجرها اللذيذ والي عطرها الطفولي الجميل , اشتقت الي ملامسة أناملها الملوثة بالحبر الازرق الذي ينداح من قلم الحبر أشتقت اليها وهي تحمل حقيبتها المدرسية معلقة علي كتفيها , أشتقت لرؤية شعرها المنكوش أحيانا والمضفر أحيانا و(المسرّح) تارة , كنت اتعمد في أن أسير بالقرب من منزلها بالحي الشعبي الجميل وأستمع الي صوتها بين فواصل سور ( القش ) وهي تتحدث مع أحد أفراد منزلها المجاور لنا كانت أشياء تسعد دواخلي وتبث فيه نوع من الروعة والسرور . في أحدي الايام كنت اريد ان أختبر لياقتي العاطفية و مدي ميولي نحوها , وفي أحدي الايام وكنت في طريقي الي المدرسة كنت في المرحلة المتوسظة , تقدمت نحوها وهي قادمة من مدرستها , و بادلتها التحية اولا بلباغة وأدب وسألتها عن أحدي الكتب المكتبية سلسلة من الكتب القصصية البوليسية يقال لها (ألغاز) وسألتها هل تمتلكين تلك السلسة من الكتب ؟ حتي نتبادلها معا وتقرأين ما أمتلك وأقرأ أنا ما تمتلكين!!!!!! وكنت أعرف في تفسي انني قد قرأت مسبقا ما تمتلك من مشاعر جياشة وخميل من أحاسيسها الجميلة , فردت بكل شوق ورنين محبة نعم ونطقت أسمي بل هو يالاصح لقبي الذي كانوا ينادونني به في المنزل بشكل شاعري جميل انتشيت من تلك النبرة الجميلة وروعتها فقلت لها أمتلك روائع من تلك السلسة الرائعة فرحبت بتلك الفكرة وعندها أحسست بأنني محلق في الهواء منتشيا واسترسلت في الحديث معها مسهبا واخرجت من حقيبتي المدرسية بعض الكتب من ضمن السلسلة ومددت يدي المرتعشة من روعة اللحظة وامسكت الكتب بيديها الرقيقتين التي كنت اري الحبر الازرق في سبابتهما اليمني وابهامه , وقرأت عناوين الكتب وأدخلتهما في حقيبتها وأحسست كأنها أحتضنتني وأحسست بحرارة ودفئ حقيبتها الحنين كانت أروع لحظات قبول ورضا في حياتي العاطفية عندها قالت شكرا يا ..... ورددت لقبي الجميل بصوت حنين تتخلله فواصل من روائع الأدب والحياء الأنوثي الفريد ,,, كانت تحس بأشيائي الجميلة تسري فيها وتدغدغها ذبذبات صوتي الذي كنت أحس بتأثيره فيها حينما كنت أقف أمامها ,أخذت الكتب وشكرتني بلطف عميق وبشاشة تسر النفس وودعتني علي أمل لقاء جديد كنت في حينها احس بأنني أنسان مميز تحفني السعادة من كل جانب وتغمرني روائع الجمال . تركتها وهي ترفع لي كفها الايمن الذي كنت أري فيه لون الحبر الازرق كأنه حنة زفافها وبارحت المكان وتركت أثار أقدامنا حتي الان خارطة في مأثري . وبعد مرور يومين تعمدت هي في أن تلتقي بي علي قارع الطريق حجة منها بأن تسترجع الكتب التي أعارتها مني وعندها توشحت مشاعري بروعة اللقاء وقد أحضرت معها من مكتبتها كتابين من ضمن نفس السلسة الرائعة وكنت قد احضرت أنا كتابين كذلك كالعادة بادلنا التحية بكل أحترام وشوق دفين قالت هذه هي الكتب التي أعرتها لي وأمسكت بالكتب وكان وزن الكتب في داخلي أصبح ثقيلا وأخذت الكتب وأدخلتها في شنطي المدرسية وأحسست بأن هذه الكتب حبلي بأحاسيس أخري وكلمات ليست كالكلمات التي كانت بها وأخذتها برفق الام الحنينة و رأفة الاب الذي يفرح حينما يبشر بأن زوجته حبلي وينتظر مولود جديد لأنني كنت أحس بأن أحاسيسي تخصبت وأنجبت أحسيس أخري مغمورة بالسعادة والهناء عندها أخذت كتبي وبادلتها التحية وأنصرفت مسرعا خوفا أن تنكشف مشاعري وتنفلت من رحم الكلمات ومن فجع اللحظة , ومن فرحتي نسيت أن اعطيها الكتابين اللذان احضرتهما معي , وهرولت مسرعا و دخلت البيت بعد أن حييت أسرتي ذهبت الي فراشي وفتحت الكتب التي أنبعثت منها عطر شاعري فريد ووجدت في أحدي الصفحات وردة حمراء وقصاصة من الورق الابيض عليه كلمات عميقة المعني والمضمون , كلمات صيغة بحرص تثقب وجع الوحدة وتؤلف مشاعر الوجدان وتوحد فرقة الايام والسنين عندها أدركت ان الكون قد توحد وأن القمر دني بنوره السرمدي الي سكان الارض ورحمة السماء قد حلت علينا , كانت كلمات فرشت دواخلي بخضرة يانعة وأحسست بالسعادة قد أنتقلت الي دواخلي من خلال كلمات ليست كالكلمات ومن خلال تعبير من طرف تمنيت يوما ان يكون حبيبي وقد تحقق حلمي وبادلتني تلك الكلمات المعبرة التي تدل علي احساس تفجرت بيننا من خلال ذلك التبادل المعرفي ,عندها لم أتمكن من مبارحة مكاني و( تسمرت ) فرحا من شجن الحظة الرائعة ووجمت ساكنا أستوعب صفاء الكلمات التي كان تأثيرها في داخلي يأثر المكان . عندها ثدثرت بلحاف تلك الكلمات الدافئة وتوسدت معانيها الرقيقة ونمت نوم قرير العين هانيها وأحسست أنني أقمت العدل بين أحاسيسي ومشاعري وأرسيت بالحب قوارب كانت ضائعة منذ سنين . [email protected]