و إنها لحقيقة أن الطبع يغلب التطبع .. يحاول البشير جاهدا أن يلبس عباءة الصلاح على نحو موسمي و لكن فعاله و أقواله تدنسان تلك العباءة فلا يبقى منها و لا منه غير كم هائل من حنث باليمين و قسم بالباطل و وعد بإخلاف. إبان تولي دوسة القضاء، أطلق البشير و وزيره قانون إبراء الذمة و انتفخت الأوداج و صدحت الأصوات بعدالة المرحلة و أن لا كبير على التملص من تقديم إفادة بإبراء ذمم جميع المسؤلين و خص الرئيس، الوزراء، المستشارين، الولاة و من يليهم. و لكن كسائر العنتريات الفقاعية ذهب القرار أدراج الرياح بل تبعه فقه التحلل. و اليوم يعزف البشير على ذات الوتر المرتخي و يدير ذات الاسطوانة المشروخة بأن لا كبير من العدالة و لا مهرب للفاسدين. لو أن بالبشير ذرة صدق أو إخلاص لنفذ قراراته و يكفي نفسه عناء الخطب الجوفاء و يكفينا عذاب ضوضاء ما ظللنا نسمعه منه على مدى ما يقرب الثلاثة عقود. قطعا ليست مقارنة و لكن الرسول الكريم أغضبه رغبة و سعي قومه للشفاعة على المرأة المخزومية التي سرقت فأقسم على قلة قسمه أن لو سرقت فاطمة بنت محمد لقطع محمد يدها. عمر بن الخطاب رضي الله عنه و أرضاه منع زوجه ثمن الحلوى و أخذ لبيت مال المسلمين ابل ابنه عبدالله فقط لأنها سمنت أكثر مما فعلت ابل غيره. الخليفة الخامس عمرو بن عبد العزيز خص بيت مال المسلمين بكل ماله و حرم أهله و ولده. أسئلة صريحة نوجهها للبشير .. ما عمل اخوتك حتى تكون لديهم الشركات و الأرصدة بالملايين؟ و ما عمل زوجتيك حتى تكون لهما الضياع على آخر الصيحات؟ من أين لوزراءك أبو الجاز و الفريق طه و علي محمود و القائمة تطول .. من أين لهم تلك القصور و الأرصدة؟ هل تجروء على فتح ملف ماليزيا و ما فيها من أملاك و حسابات بالبنوك؟ أولى أولويات بسط العدالة بالضرورة استقلال القضاء استقلالا كاملا يعين منسوبيه رئيس الجمهورية و لا يقيلهم لأنه بالمنطق كيف يجرؤ قاض على مساءلة من قام بتعيينه أو يقيله إن شاء؟ يتم تكوين هيئة قضائية مستقلة استقلالا كاملا في إدارة شؤونه. الرجوع إلى الدستور نجد أن صلاحيات و امتيازات رئيس الجمهورية فوق القانون و هذا ما لا يجب أن يكون. كيف يكون من حق رئيس الجمهورية التدخل في إعفاء المدان الذي أثبتت المحكمة على جرمه و وقعت عليه العقوبة؟ كلام البشير كلام لا جديد فيه .. كلام استهلاكي كسائر خطبه الهوجاء على مدى 27 سنة .. يقول لأجل أن يقول ثم يمضي و يسهر الخلق جراء ما قال و يختصم. [email protected]