ترامب الشخض الأفضل للحظة الحاضرة لحظة تشكل العالم من جديد. هناك عدة أسباب تجعلني مؤيداً لوصول ترامب إلى البيت الأبيض ليحكم أقوى دولة في العالم والأكثر نفوذاّ على جميع البشر في عالم اليوم. العالم الآن ينهي مرحلة وعلى مشارف مرحلة جديدة حتمية من مراحل التاريخ. الحربان الأولى والثانية خلقا حدود الدول الحالية في الشرق الأوسط وأفريقيا، طبعا هذه حقيقة من البدهيات ومن ضمنه بلادنا وأقليمنا طبعا. الحرب العالمية الثانية صنعت الأممالمتحدة والإعلان العالمي لحقوق الإنسان. الحرب الباردة هي التي جعلت حركة الإخوان المسلمين تحكم تركيا والسودان ومصر وكانت في تمدد مستمر مهددة الخليج وجميع شعوب المنطقة وما تزال. وتلك الحركة من صناعة الحرب الباردة من حيث القوة والنفوذ كون الحركة كانت تعادي وتحارب الشيوعية كفكر (إلحادي في مذهبهم) ونظام سياسي (شيوعي/اشتراكي) وتم دعم الحركة بالمال الخليجي (الأمريكي) كما تم تغذيتها بالمفاهيم السلفية الوهابية والشكل التنظيمي الهيكلي الغربي في ذات الأوان مما أعطاها مرونة وفاعلية فائقة. كما ان الحركات المتطرفة (القاعدة وداعش وبوكو حرام والشباب الصومالي وجبهة النصرة) متولدة من واقع الإحباط والخيبة من الخليج وأمريكا بعد نهاية الحرب الباردة أذ تخلت أمريكا عن دعم السلفية الجهادية وبل سعت إلى تصفيتها مادياً ومعنوياً والركون إلى ما أسموه بالإسلام المعتدل الذي راوه في حركة الأخوان المسلمين الأم. حركة الإخوان المسلمين قوة كبيرة أكتسبت مقدرات مادية ومعنوية ضخمة إبان الحرب الباردة وهي عدو مؤكد للإستنارة وتنظيم سياسي يسعى إلى إقامة خلافة تاريخية ثيوقراطية. التفكك الذي حدث الآن في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا سببه إنتفاء أسباب تشكل تلك الدول بواسطة الغرب الأوروبي وأمريكا بعد التغييرات الجديدة في موازين القوة العالمية. هناك تشكيلة جديدة لا بد أن تقوم وتتطلب قوة مادية جبارة لوحدها أو متحالفة مع قوى أخرى. بالنسبة لسياسة ترامب هذه القوة محددة بروسيا، أي أن الأمر يتضمر إستبعاد اوروبا والصين واليابان جزئياً أو كليا، حسب الحالة. وهذا هو سر ترديد ترامب لمقولة إرجاع أمريكا إلى عظمتها أو بالأحرى جعلها القوى العظمى الوحيدة فوق الكوكب تليها روسيا ثم لا أحد وهذا ما كان حادثاُ سنوات الحرب الباردة. كان العالم مقسم بين أمريكاوروسيا. ترامب لكي يحقق ذلك لا بد أن يجد أحلاف أخرى تنظيمية وفكرية وسياسية في المنطقة مختلفة جذرياً عن الماضي الذي أنتفت حيثياته. ترامب وعد بمحاربة حلفاء الأمس بشكل جدي ممثلين في الأنظمة والتنظيمات السلفية التي هددت أمريكا مؤخراً بعدما أنتهى دورها. من هنا سيأتي أفق تشكل المنطقة من جديد على أسس فكرية وسياسية مختلفة عن الماضي بالضرورة. هذا التشكل الثاني سيكون أفضل من الأول كون التشكل الأول تم في وقت كانت فيه الدول مستعمرة والشعوب مغيبة. التشكل الجديد يتم في ظرف مختلف لدى شعوب عندها مقدرات مادية وبشرية وتأهيل أكاديمي أفضل بدرجات عظمى كما وعي وإستنارة بالعالم وبالحقوق بما لا يقاس بالمقارنة بلحظة التشكل الاولى. لماذا ترامب أفضل لهذا التشكل الجديد الحتمي والجاري بالفعل في المنطقة؟. ترامب سيواصل التغيير الجذري بالضرورة. وسيضطر للتعاون مع الشعوب مباشرة بالضرورة بينما الديمقراطيين (أوباما وإدارته وكلينتون إن فازت) كانت خطتهم الإعتماد على الإخوان المسلمين والتنظيمات المشابهة الجاهزة ومنها داعش نفسها وأمثالها وهذا سر التلاطف مع داعش وعدم الرغبة في حسمها بشكل جدي فقط تقليم أظافرها. خطة ترامب في التشكيلة الجديدة ستضطر إلى التعامل مع الكيانات اللبرالية والإشتراكية للبنيات الجديدة في الأقليم. ذلك التشكل الجديد يستلزم قواعد دولية جديدة. لذا سيكون من البديهي وحتميات الأمور: مراجعة المعاهدات الدولية الراهنة التي صنعتها المراحل السابقة ومنها المعاهدات التي قامت عليها الأممالمتحدة ومجلس الأمن وحق الفيتو والمؤسسات الأخرى وضمن ذلك معاهدة حقوق الإنسانة. اكرر أن التشكل الجديد حتمي ولا يمكن تفاديه لأن العالم تغير عن لحظة التشكل الأول وهذا واضح للعيان. لكل هذه الاسباب وأخرى انا مؤيد لدونالد ترامب منذ أول يوم للحملة الانتخابية حتى لحظة نصره. وكنت أويده منذ اللحظة الاولى وكنت أشعر انه سيفوز وكتبت ذلك في عدة مقالات ومنشورات منذ اول يوم لحملته الانتخابية وحتى تاريخ اليوم في الضد من كلام كل الناس وكل الخبراء. وبغض النظر عن مساوي الرجل وهي عديدة وخطرة وستمس الشعوب الأصيلة في أمريكا كما الوافدين من شتى أجناس الأرض وبل سيعاني من ترامب البيض أنفسهم من مخالفيه السياسيين والفكريين والدينيين كما الفقراء البيض. بعد علمي بهذا كله فإن دونالد ترامب مهم وعامل موجب لخطة التشكل التي أقول بها وكان الأمر سيكون في منتهى السوء بالنسبة لمستقبل المنطة لو فازت كلينتون (الديمقراطيون). كون هذه اللحظة التاريخية مختلفة عن أي لحظة سابقة أو لاحقة كونها لحظة التخلق الجديد. محمد جمال الدين.. كاتب من السودان مقيم بهولندا [email protected]