في الانتخابات الأمريكية فاز المرشح ترامب المثير للجدل، لقد اختاره الشعب رغم كل ما عرف عنه وعن حياته الصاخبة وترك هيلاري رغم كل ما عرف عنها من اتزان وحنكة سياسة، ترامب لم يأتِ صدفة بل كان يريد الوصول للرئاسة منذ زمن طويل وعمل من أجل ذلك سنوات مثلما فعل الكثيرون، صحيح إنه لم يمر عبر الطرق السياسية التقليدية التي تؤهل المرشح للرئاسة لكنه وصل بطريقته وقبله الشعب الأمريكي وها هو يسلمه الدولة العظمى مع إنه يعلم تماماً من هو ترامب . صدم الكثيرون من فوز ترامب حتى من المواطنين الإمريكان بسبب شخصيته وسلوكه ولكن قد يكون اختيارهم موفقاً فترامب لم يجازف بالوصول إلى رئاسة الولاياتالمتحدةالأمريكية ويكسب موافقة حزبه من فراغ وحزبه قادر على دعمه، ولكن صدمة الإمريكان كوم وصدمة العالم كوم آخر وخاصة العرب الوهم الذين ينتظرون كل مرة المرشح الأمريكي الذي يناسبهم مع إنه لن يأتي أبداً. كل الدول العربية التي هنأت ترامب كان هناك رسالة مشتركة مفادها إنهم يتمنون منع العمل على إعادة الاستقرار إلى الشرق الأوسط وكأنهم لا يعلمون أن عدم استقرار الشرق الأوسط هو هدف أمريكا الاستراتيجي فالإبقاء عليه مضطرباً يصب في مصلحتها، وسياسة ترامب تجاه الشرق الأوسط لن تختلف عن سلفه فكل الذي يمكن أن يغير فيه هو أن يجد طريقة أكثر فاعلية للإبقاء على عدم الاستقرار والتعامل مع زعماء الشرق الأوسط بطريقة أكثر غموضاً تجعلهم أكثر توهاناً واصطداماً مع بعضهم، فالرؤساء الذين سبقوه جهزوا له كل شيء ليظل الشرق الأوسط واأفريقيا في حالة عدم استقرار يخدم استقرار أمريكا. أما الدول الأوربية التي هنأت ترامب كانت رسائلها تحمل معاني مختلفة من الدول الشرق أوسطية فهي هنأته على ثقة شعبه فيه ودعته إلى التعاون لأن بينهم قيماً مشتركة لخدمة الإنسانية ولم تخلُ التهنئة من رسالة تشير فيها إلى قوتها ومكانتها في العالم . انتخابات الولاياتالمتحدةالأمريكية لا تحمل جديداً لأية دولة في العالم، فهي وحدها المستفيد من انتخاباتها التي تتعلم منها الدروس الديمقراطية وتحافظ على التبادل السلمي للسلطة، في إطار السياسات يمكن أن تحدث الكثير من التغييرات والتطورات في الداخل وعليه المواطن الأمريكى هو الوحيد الذي يشعر بهذا أما بقية العالم فالأمر لن يتغير كثيراً، فعندما ذهب بوش وجاء أوباما عمل أوباما على تحسين الوضع الذي خلفه بوش داخلياً فقط، أما خارجياً فهو مضى في نفس نهج بوش فقط كان أكثر حنكة و(حرفنة ) . يجب أن نقلق نحن على أنفسنا من رؤسائنا ومن بعضنا ففي الولاياتالمتحدةالأمريكية يفوز ترامب الثري ذو الحياة الاجتماعية الصاخبة أو هلاري الرزينة والسياسية المحنكة أو متشرد جاء من الشوارع فالنتيجة واحدة، أمريكا دولة مؤسسات قادرة على حماية نفسها ومصالحها حتى من رؤسائها، المصيبة فينا نحن وإخواننا العرب والأفارقة ما زلنا نقف عند عصر الجاهلية الأولى مع إن هذه الأمريكا تقدم باستمرار أبلغ الدروس والعبر سلباً وإيجاباً ولكننا لا نفهم ولا نعي، فإلى متى سنظل أغبياء وجهلاء لا نعادي إلا أنفسنا. التيار