خلال السنوات الماضية أصبح السودان من أسوأ الدول حالاً في كل شيء يتذيل دول العالم في الصحة والتعليم والاقتصاد والأمن ويتصدرها في الأكثر هشاشة وصراعات وعنف وانتهاك لحقوق الإنسان، كما تبوأت حكومته المركز الثالث ضمن أفسد الحكومات مما جعل الشعب السوداني يصنف واحداً من أتعس شعوب العالم واعتبر السودان من الأماكن التي لا تصلح للعيش مثل سوريا والعراق والصومال وجنوب السودان وغيرها ولذلك هو أيضاً من أكثر بلدان العالم التي تعاني من الهجرة ونزيف الكوادر البشرية، ولا شك إن هذا الوضع بمثابة إعلان عن كارثة قد بدأت تظهر نتائجها، ومع ذلك لا تفعل الحكومة شيئاً يعيد الأمل للشعب فكل ما تقوم به ينذر بأنها ستقود السودان إلى ما هو أسوأ فأصبح الموت نفسه خياراً مفضلاً لدى الكثيرين. منذ العام 2009 تبوأ السودان المركز الأول عربياً في ظاهرة الانتحار التي تزداد بشكل مستمر ولم يتراجع عن مركزه، وبموجب التقرير الذي نشر مؤخراً تحت عنوان (منع الانتحار.. ضرورة عالمية) تشير آخر الأرقام الواردة من منظمة الصحة العالمية التي تم تحديثها في سبتمبر 2016 إلى أن معدل الانتحار في السودان ما زال هو الأعلى بين الدول العربية إذ جاء في المرتبة الأولى، وأرجعت منظمة الصحة العالمية ارتفاع نسبة الانتحار في السودان لعدم الاستقرار، والحرب، والفقر، والتشريد، ولمعاناة الكثير من الشباب للشعور بعدم الجدوى، وعليه يعتبر السودان أيضاً من أكثر الدول في العالم التي ترتفع فيها نسبة الانتحار، ويأتي السودان في المركز الأول عربياً بمعدل 17.2 حالة انتحار في كل 100 ألف شخص. في شهر يوليو الماضي كشف مدير مستشفى الأنف والأذن والحنجرة عن استقبال المستشفى 226 حالة انتحار بالصبغة في النصف الأول من هذا العام أي ما يعادل 37 حالة شهرياً معظمها فتيات أعمارهن بين 17 و24 سنة، استخدمن الصبغة بهدف الانتحار، كما كشف عن استقبال المستشفى 1044 حالة تسمم بالصبغة من مطلع العام 2014 وحتى سبتمبر 2015، ويومياً تقريباً نطالع بالصحف عن مواطن يحاول الانتحار، مع ملاحظة إنهم دائماً شباب، أمس فقط أوردت الصحف خبرين عن رجل ألقى بنفسه في النيل وانتحر واتضح إنه نظامي يعاني من اضطرابات نفسية، وخبر آخر يقول تم إنقاذ سيدة ألقت بنفسها في النيل محاولة الانتحار، وسيقولون أيضاً إنها تعاني من اضطرابات نفسية، وهو تفسير طبيعي فأي شخص يحاول الانتحار غالباً لا يكون في كامل وعيه وصحته النفسية والعقلية ولا بد إن هناك أسباباً جعتله يقتنع أن حياته لا قيمة لها فالحياة حين تخلو من العطاء المتبادل تصبح غربة، ولا شك إن كل منتحر ساوره إحساس بالغربة والوحدة مع إنه في بلد يسكنه 35 مليون شخص ورغم ذلك لا يجد الدعم والمؤازرة أو الحب والتقدير من أحد، و إذا ظل السودان بهذا الحال لا شك إن عوامل الإحباط واليأس ستزداد وقد يصبح الأمر وباء مثل الكوليرا والملاريا وغيرها من أمراض الفقر ومع غياب الاهتمام والرعاية والدعم سيكون الانتحار هو الخيار المفضل لدى الكثيرين. لن أقول للحكومة انتبهي للشعب لأنها لن تفعل وليست مؤهلة لتفعل، لكن نقول لكل مواطن لا تنتحر الحياة جميلة وتستحقك والحكومة هذه ذاهبة لا محالة، وعلينا أن نساعد المحبطين واليائسين ليفهموا أن الدنيا تستحق أن يعيشها الإنسان قوياً ومهما ضاقت هناك مخرج مناسب وأحلام سعيدة ستتحقق حتى ولو تأخرت. التيار