الخرطوم: محمد صديق أحمد: لا زالت أزمة النقد الأجنبي وتراجع سعر الصرف الجنيه المحلي تشغل بال الكل وتؤثر على مجريات الحياة الاقتصادية التي كاد أن يسد شرايينها التصلب لولا بعض السياسات التي يعكف على إمضائها وإنفاذها بنك السودان المركزي بغية المحافظة على سعر الصرف ولجم هيجان أسعار العملات الأجنبية في مقابل الجنيه الذي ظل في ترنح مستمر حتى تجاوز سعر صرف الدولار في مقابله ثمانية الجنيهات ولما كان لسعر الصرف ارتباط بحركة السوق ومستوى أسعار السلع اهتبل البنك المركزي فرصة حلول شهر رمضان الكريم وإمعانا منه في كشف بعض حجب الضائقة المعيشية التي يئن تحت وطأتها المواطنين أعلن عن ضخ المزيد من العملات الأجنبية للمصارف بحسب نائب رئيس اتحاد المصارف لتكون في متناول أيدي صغار المستوردين حتى يتمكنوا من توفير المستلزمات الضرورية لشهر رمضان غير أن لخبراء الاقتصاد رؤية في مجمل سياسة سعر الصرف التي ينتهجها البنك المركزي الذي تخلي عن سياسة سعر الصرف المعوم المدار إلى سياسة سعر الصرف المتعدد وعابوا عليه صنيعه هذا الذي قاد إلى تعدد سعر الصرف وأشاروا إن كان لا محالة فاعلا فعليه تحديد سعرين للصرف أحدهما عام للكافة والآخر تشجيعي للمغتربين والمصدرين فيما ذهب البعض للتشكيك في مصداقية ضخ عملات أجنبية في شرايين الاقتصاد لجهة عدم الإحساس بها في معاش الناس ومستوى الأسعار وأوضحوا أن أنجع وأفضل الحلول لتخطي عقبات سعر الصرف الاتجاه لقطاعات الإنتاج الحقيقي التي على رأسها القطاع الزراعي وشددوا على ضرورة دعم الموسم الزراعي الحالي. يقول البروفيسور عصام بوب إن واقع الحال يوضح بجلاء عدم معرفة المعروض من السلع بالأسواق وأن ارتفاع أسعارها ارتفاع معدل التضخم وانخفاض القيمة الحقيقية للجنيه السوداني جراء اختلالات هيكلية في المنظومة الاقتصادية لا تقوى المبالغ التي ضخها البنك المركزي للمصارف بغية تخفيض الأسعار وأكد اعتقاده الجازم بأن أي حديث عن ضخ دولارات لصغار المستوردين لا يمكن تصديقه لجهة أن الاستيراد والتصدير مقصور على فئات وأياد محددة وزاد بوب أن الضخ المزعوم لن يتجاوز من بأيديهم الثروة والسلطة قبل أن يتساءل عن ما يملكه البنك المركزي من احتياط كاف يقوى على حفظ التوازن بالأسواق ومن أين له بالعملات في ظل استمرار الأزمة الاقتصادية وضعف الصادرات ووضع ميزان المدفوعات في الخانة السالبة الأمر الذي يؤثر بلا أدنى شك في تراجع وتضعضع سلة إيرادات العملات الحرة علاوة على ما يعانيه السودان من حصار اقتصادي مضروب من قبل المجتمع الدولي يمنع حصوله على الدعومات الخارجية بالعملات الحرة حتى أضحى جزيرة معزولة ويضيف بوب أنه لا يعتقد أن ثمة موارد مالية أجنبية يمكن الحصول عليها من الخارج وأن القليل الذي ترفد به الخزينة العامة بين الفينة والأخرى مصدره عائدات تعدين الذهب التي يذهب أكثرها لمقابلة حسابات خارجية قبل أن يجمل بوب القول بجزمه أن ثمة عجز في العملات الخارجية وأن البنك المركزي حتى لو صدق في ضخ ما لم يبن حجمه من العملات الحرة لن يستطع ردم هوة العملات الحرة وأن الأجدر به تمويل الموسم الزراعي المطري وتلافي العروة الصيفية بالمشاريع المروية التي رشحت أنباء عن بوادر فشلها وختم بأن الأزمة الاقتصادية غير محصورة في رمضان فحسب بل هي في زيادة يوما إثر آخر. ومن جانبه يقول الدكتور محمد الناير إن أي ضخ للعملات الحرة في شرايين الاقتصاد يكون له أثره الإيجابي الذي يزداد وضوحا كلما كبر حجم المبالغ المضخوخة على مستوى سعر الصرف لجهة تخفيف الطلب على السوق الموازي وخلق وفرة في المعروض به من العملات الحرة وبالتالي استقرار بل ربما انخفاض سعر صرف العملات الأجنبية وأضاف الناير كان حري باتحاد المصارف تحديد حجم المبالغ التي تم ضخها من قبل البنك المركزي قبل أن يستدرك بأن السوق يتعامل بسياسة البيان بالعمل والوقائع فكلما كبر الضخ نقص سعر صرف العملات الأجنبية وأضاف إن سياسة سعر الصرف التي يتبعها البنك المركزي ليست بالفاعلية المطلوبة حتى أضحت غير معلومة المعالم فسياسة سعر الصرف المعوم المدار التي انتهجها المركزي فيما قبل حققت نجاحا نسبة لامتلاكه احتياطيا كافيا لمقابلة الالتزامات وهذا ما يعوزه الآن مما حفزه للاتجاه لإتباع سياسة تعدد سعر الصرف التي لم تكن في مصلحة وخدمة الاقتصاد قبل أن يبين الناير رؤيته إن كان لا محالة من تعدد سعر الصرف فعلى البنك المركزي تحديد سعرين أحدهما للعامة والآخر تشجيعي لقطاعي المغتربين والمصدرين وزاد أن السياسة التي اتبعها تجاه تحويلات المغتربين القاضية بتمكينهم من استلام تحويلاتهم المالية بالعملات الأجنبية بالمصارف والقنوات المصرفية السودانية والسماح لهم بتحريكها والتصرف بها في التعاملات المصرفية كافة دون قيد أو حجر وأن أكثر ما يعيبه على السياسة هذه عدم إيلائها الحظ الوافر من الإعلام والتبصير بها وسط قطاعات المغتربين الذين يمكن أن يدروا على الخزينة العامة مبالغ مقدرة من العملات الأخرى إن التزم البنك المركزي بتنفيذ ما أعلنه من سياسات بصرامة.