تعلية خزان الرصيرص 2013م وإسقاط الإنقاذ 2019م وإخلاء وتهجير شعب الجزيرة 2024م    تدرب على فترتين..المريخ يرفع من نسق تحضيراته بمعسكر الإسماعيلية    أبل الزيادية ام انسان الجزيرة    الفاشر ..المقبرة الجديدة لمليشيات التمرد السريع    وزير الداخلية المكلف يستعرض خلال المنبر الإعلامي التأسيسي لوزارة الداخلية إنجازات وخطط وزارة الداخلية خلال الفترة الماضية وفترة ما بعد الحرب    الزمالك يسحق دريمز في عقر داره ويصعد لنهائي الكونفيدرالية    سان جرمان بطلا للدوري الفرنسي.. وعينه على الثلاثية    أرسنال يحسم الديربي بثلاثية    إيران تحظر بث مسلسل "الحشاشين" المصري    شاهد بالفيديو.. سائق "حافلة" مواصلات سوداني في مصر يطرب مواطنيه الركاب بأحد شوارع القاهرة على أنغام أغنيات (الزنق والهجيج) السودانية ومتابعون: (كدة أوفر شديد والله)    السودان..توجيه للبرهان بشأن دول الجوار    وزير الصحة: الجيش الأبيض يخدم بشجاعة في كل ولايات السودان    نائب وزيرالخارجية الروسي نتعامل مع مجلس السيادة كممثل للشعب السوداني    شاهد بالصورة والفيديو.. طلاب كلية الطب بجامعة مأمون حميدة في تنزانيا يتخرجون على أنغام الإنشاد الترند (براؤون يا رسول الله)    شاهد بالفيديو.. الفنانة ندى القلعة تواصل دعمها للجيش وتحمس الجنود بأغنية جديدة (أمن يا جن) وجمهورها يشيد ويتغزل: (سيدة الغناء ومطربة الوطن الأولى بدون منازع)    شاهد بالصور.. بالفستان الأحمر.. الحسناء السودانية تسابيح دياب تخطف الأضواء على مواقع التواصل بإطلالة مثيرة ومتابعون: (هندية في شكل سودانية وصبجة السرور)    يس علي يس يكتب: روابط الهلال.. بيضو وإنتو ساكتين..!!    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الأحد    جبريل إبراهيم يقود وفد السودان إلى السعودية    سعر الدولار مقابل الجنيه السوداني في بنك الخرطوم ليوم الأحد    تجارة المعاداة للسامية    رئيس حزب الأمة السوداني يعلق على خطوة موسى هلال    سرقة أمتعة عضو في «الكونجرس»    بايدن منتقداً ترامب في خطاب عشاء مراسلي البيت الأبيض: «غير ناضج»    استجابة للسودان مجلس الأمن يعقد اجتماعا خاصا يوم الاثنين لمناقشة العدوان الإماراتي    تدمير دبابة "ميركافا" الإسرائيلية بتدريب لجيش مصر.. رسالة أم تهديد؟    دبابيس ودالشريف    حسين خوجلي يكتب: البرهان والعودة إلى الخرطوم    بمشاركة طبنحة و التوزة...المريخ يستأنف تحضيراته    شاهد بالصورة.. بعد أن احتلت أغنية "وليد من الشكرية" المركز 35 ضمن أفضل 50 أغنية عربية.. بوادر خلاف بين الفنانة إيمان الشريف والشاعر أحمد كوستي بسبب تعمد الأخير تجاهل المطربة    قوة المرور السريع بقطاع دورديب بالتعاون مع أهالي المنطقة ترقع الحفرة بالطريق الرئيسي والتي تعتبر مهدداً للسلامة المرورية    لماذا لم تعلق بكين على حظر تيك توك؟    السينما السودانية تسعى إلى لفت الأنظار للحرب المنسية    بيان جديد لشركة كهرباء السودان    سوق العبيد الرقمية!    أمس حبيت راسك!    دخول أول مركز لغسيل الكلي للخدمة بمحلية دلقو    والي ولاية الخرطوم يقف على إنجاز الطوف المشترك لضبطه متعاونين مع المليشيا ومعتادي إجرام    شركة توزيع الكهرباء في السودان تصدر بيانا    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    لطرد التابعة والعين.. جزائريون يُعلقون تمائم التفيفرة والحلتيت    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    الملك سلمان يغادر المستشفى    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    تطعيم مليون رأس من الماشية بالنيل الأبيض    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإسلامُ دِينٌ قَدِيِّم وآخِر المُسلمِين العَرَب
نشر في الراكوبة يوم 02 - 03 - 2017

دِينُ الإسلام ليس محصُورَاً فى القرآنِ الكريم، الرسالة الخاتمة التى أتى بها سيدنا محمد (ص). لا، الإسلام دينٌ قديم، بدأ بالحنِيِّفِيةِ السَمْحَة دينُ سيدنا إبراهيم الخليل أبو الأنبياء عليه وعليهم جميعاً السلام. وانبياء كُثُر جاءُوا بدينِ الإسلام وهُمْ مُسلِمُون، والمُسلِمونَ مأمُورُونَ بأن لا يفرِّقُوا بين أحدٍ من رُسُلِ الله، (لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ)، هذا قرآنٌ كريمٌ ومُلزِم. أنظر الآيةِ 285 من سُورَةِ البقرة، وتقرأ: (آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ ۚ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ ۚ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا ۖ غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ 285)..
وأنَّ الإسلامَ دِينٌ قديم، وليس دِينُ سيدنا محمد(ص) وَحْدَهُ، بل هو خاتم رُسِل ربنا جلَّ وعَلا فى دِينِ الإسلام.
و أولُ المُسلِمين، هو الحنِيِّفىُ صاحب دين الإسلام الأول سيِّدنا إبراهيم الخليل أبو الأنبياء. وهو من سمَّى أصحابُ هذا الدِين "المُسلِمِين"! وليس سيدنا محمد (ص) كما يعتَقِدُ مُسلِمُو اليوم، وفى خبرِ ذلك إقرأ الآية (78) من سُورةِ الحَجّ: (وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ ۚ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ۚ مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ ۚ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِن قَبْلُ وَفِي هَٰذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ ۖ فَنِعْمَ الْمَوْلَىٰ وَنِعْمَ النَّصِيرُ78).
والإسلام اليوم يتحَكَّمُ فيه العرب، ويحتكِرُون بيتَ اللهِ الحرَام ويمنعُونَ"النَّاسَ" أداء فريضة الحَجَّ أليه بلا وجهِ حقّ.. ويفسِّرُونَ القرآن الرسالة الخاتمة فى الإسلام وفق مصالحهم وأهوآءِهم كما يشَاؤون، ويشوِّهُونَ الدين ويُنفِّرُونَ عنه.
ومُسلِمُو اليوم ينكِرُونَ بقِيَّة (المُسلمين) من لدُن إبيهم إبراهيم! ويحصِرُونَ الإسلام والمُسلِمين فى القٌرآنِ الكريمِ وأتباعِ سيِّدِنا محمد (ص) الذى هو خَاتمُ الأنبياءِ والمُرسَلِين، وليس أوَّلهم. وهُنَاك رُسلٌ وأنبياء مُسلِمين وكُتب سمَاوِّية "إسلامية" سبقت سيدنا محمَّد الخاتم. والقرآن الكريم هو ختام رِسالاتِ الإسلام وذرْوَة سِنَامِه، وليس أوَّلَهُ أو كُلَّهُ.
واليوم، العرَبُ والأعراب يختصِرُونَ دين الإسلام فى القرآنِ الكريم الذى نزل على سيدنا محمَّد (ص)، وفى انفُسِهم، وينكُرُونَ ما دونه من الرسالاتِ والرُسُلِ المُسلِمِين، وينكِرُون أرتَالاً من المُسلِمين الذين سبقُوهُم. وذلك مُخالِفٌ لدينِ الإسلام ولنُصوصِ القُرآنِ الكريم الوَآضِحِةِ النَصِّ والدلالةِ. وهُمْ بفعِلِهم ذاك، ينكِرُونَ ضوءَ الشمس من رَمَدٍ، وطعمِ المَاءِ من سَقَمٍ.
وهاكُم الأدِلَّةَ على ما نقولُ من القُرآنِ الكريم فى لَوحٍ محْفُوظ :
الآيتان(127 و128) من سورةِ البقرة، وتقرأ: (وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ العليمُ(127﴾رَبَّنا وَاجْعَلْنا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنا مَناسِكَنا وَتُبْ عَلَيْنا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (128).
والآيتان صريحتان فى دعوةِ أنبياءِ اللهِ إبراهيم وإبنه إسماعيل أن يتقبَّلَ اللهُ منهُما العمل الذى اوكلَهُ إليهِما، بإقامةِ قواعدِ بيتهِ الحرَام، وان يجعلْهُمَا الله مُسلِمينِ له، وأن يجعلَ ذرِّيتهما أمّة مُسلِمَة للهِ.
أذاً، أنبياء الله إبراهيم وإسماعيل هُمَا أوَّلُ المُسلمِين وجاء بعدهُما مُسلِمُون كُثُر من ذُرِّيَتِهما، وجاء بعدهما العدِيد من الأنبِياءِ والرُسُلِ حتى إنتهتِ الرسالةِ وخُتِمَت بسيِّدِنا محمَّد (ص) ولدِ إسماعيل بن إبراهيم الخليل عليه السلام.
وأكدَّت هذه الآيات المُحْكَمات على وُحدَةِ رسالةِ السَمَاء، وعلى الأخُوَّةِ بين الأنبياءِ، وعلى أنَّ الإسلامَ دينٌ وآحِد، قديمٌ ومُتسلْسِل ومُتوَآتِر، وأنَّ كُلَّ المُسلمُون إخوَة، وأنَّ كلَّ أنبياء الله مُسلِمُون، "لا نفرِّقُ بين أحدٍ من رُسلِه".
ثُمَّ أمرَ اللهُ تعالَى نبِيَّه إبراهيم عليه السلام أنْ يُؤذّن فى النّاسِ بالحجّ، قال تعالى فى سُورَةِ الحَجِّ: ﴿ وَأَذّن فِي النَّاسِ بِالْحَجّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلّ فَجّ عَميِقٍ27﴾.. وهذه الآيّة دليلُ قاطع على أنَّ الحَجَّ والإعلان له (أذِّن فى النَّاسِ) قد نزلَ على سيِّدِنا إبراهيم الخليل، وليس على حفِيدِه سيدنا محمَّد(ص)خاتَمِ الأنبياءِ والمُرسَلِين.
ويتفرَّعُ من ذلك أنَّ الحَجَّ فريضة ليست لكلِّ المُسلمين من لدُنِّ آدم وإبراهيم الخليل فحسبُ، ولكنَّهُ أيضاً فريضةُ لكُلِّ "الناس"، ويتبَيَّنُ ذلك من الأمرِ الربَّانِىُّ الصريح فى نصِّ الآية (وأذِّن فى النّاسِ بالحَجِّ). وعليه يكونُ منعُ الناسَ وحِرمانِهم من الحَجِّ، ومنعِ بقِيَّةِ المُسلِمين من غيرِ اتباعِ سيِّدِنَا محمد الخاتم فيه سُؤالٌ وإستِفهَام. لماذا يُمنَع أتباعُ الرُسل موسى وعيسى ويوسف ويعقوب وإسحاق من اداءِ فريضَةِ الحَجِّ إلى بيتِ الله الحرَام بِبَكَّةِ المُكَرَّمة؟، نريدُ إجابة!. وكيف يجيبُونَ لو سالهم اللهُ سبحَانَهُ وتعالى يوم القيامة: لماذا منعَتُم النَّاسَ من الحَجِّ إلى بيتِى؟.
وثابتٌ أيضاً أنَّ الحَجَّ عِبَادَةٌ قديمة قبل نزول الأديان الإسلامية، وقبل سيدنا إبراهيم وإبنه سيدنا إسماعيل عليهما السلام. وقد جَاءَ فى الأثَرِ أنَّ سيِّدِنَا آدم أبو البشر عليه السلام، قد حَجَّ أربعُونَ مرَّة إلى بيتِ اللهِ الحَرَام وكان يقدِمُ للحَجِّ من الهِندِ مشيَاً على الأقدَامِ.
والآيات (130-132) من سُورَةِ البقرة توضِّحُ كيف أمرَ اللهُ سيِّدِنَا إبراهيم الخليل أنْ يَسْلِمْ فأسَلَمَ فورَاً. وحَذُّر اللهُ الذين يرْغَبُونَ عن مِلًّةِ إبراهيم، ثُمّ وَصَّى إبراهيم بنيِّه، ويعقوب(حفيده) ألَّا يمُوتُنَّ إلّا وهُمْ مُسلِمُون. إقرأ الآيات: (وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْراهِيمَ إِلاَّ مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْناهُ فِي الدُّنْيا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ (130) إِذْ قالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعالَمِينَ (131)وَوَصَّى بِها إِبْراهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفى لَكُمُ الدِّينَ فَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ 132).
الأمرُ وآضِحٌ جِدَّاً، الإسلام هو دينُ سيِّدِنَا إبراهيم الخليل أبو الأنبياء، أمرَهُ اللهُ أنْ يَسْلِم فأسلَم، ووَصَّى إبراهيم بدينِ الإسلامِ أبنَاءَهُ من بعدِه وهم: إسماعيل واسحاق، وحفيده يعقوب بن اسحاق. وسيِّدِنَا يعقوب هو(إسرائل)أبو سيدنا يوسف وأخوته الأسباط الذين ألقُوُه فى غيابَتِ الجُبِّ!. كُلَّ هؤلاءِ مُسلِمُون وسبقُوا أنبياء الله موسى وعيسى عليهم السلام وسيدنا محمد (ص) فى نفسِ دينِ الإسلام!.
والدلِيلُ على أنَّ سُلَالةَ سيِّدِنَا يعقوب(إسرائيل) بن إسحاق بن إبراهيم الخليل كانُوا مُسلِمُون هو الآية (133) من سُورَةِ البقرة، وتقرَأ: (أَمْ كُنْتُمْ شُهَداءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قالَ لِبَنِيهِ ما تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قالُوا نَعْبُدُ إِلهَكَ وَإِلهَ آبائِكَ إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ إِلهاً واحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ 133)!.
فأىِّ حدِيثٍ بعد هذه الآية الكريمة المُبِينةَ عن سِعةِ الإسلام وشُمُولِه مُقَارَنَة بضِيقِ الأُفقِ الذى يفَسِّرُ به اتباعُ سيِّدِنا محمد اليومَ القرآن الكريم وسُنَّتَهُ، فيضَيِّقُونَ ما جعلَهُ اللهُ وآسِعَاً؟!. وتَرَتَّبَ على الفَهمِ الضَيِّقِ للإسلَامِ والمُسلِمينَ مشَاكِلَ كثيرة وكبيرة فى العِبَادَةِ ذاتِها وفى السِلمِ الإجتماعى، وقادَ إلى فِتنةِ تصنِيفِ عبادَ اللهِ إلى مسلمينَ وكُفَّار، يهُود ومسيحِيِّن ومُسلِمين، بينما هُمْ كُلَّهُم مُسلِمُونَ، وأنَّ الدِينَ لوَآحِد.
والأعرابُ فى الدُولِ العربية يتلُونَ القُرآنَ ويحتَكِرُونَ تفسِيرَهُ، ويسيطِرُونَ على بيتِ اللهِ الحَرَام، ويحْجِبُونَ عِبادَ اللهِ من الحَجِّ إليهِ بلا دليلٍ من القرآنِ. يفعلونَ ذلك مُغَالبةً وإقتِداراً وِفقَاً لأهوَاءِهِم، والقرآنُ يقولُ خِلاف ما يقولُون.
هذا الدين الإبراهيمى وآحد، وعباداته وآحِدة، والتوحيد وآحد، والصلاة وآجبة على كُلِّ الأنبياء، والحجُّ إلى بيتِ الله الحرَام عِبادة قديمة قبِل أبينا آدم عليه السلام، والصيامُ وآحِدٌ وقديم (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ 183) سورة البقرة.
ويأتِى ما نحنُ فيه اليوم من تكفِيرٍ صريح للمُسلمين من غير أتباعِ سيِّدِنَا محمد (ص) بالمُخالَفَةِ لنُصُوصِ القرآنِ الكريم. والدليلُ على ذلك الآيات (136-137) من سُورةِ البقرة، وتُسمَّى "نداءُ الإيمان"، وتقرأ: (قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَما أُنْزِلَ إِلَيْنا وَما أُنْزِلَ إِلى إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْباطِ وَما أُوتِيَ مُوسى وَعِيسى وَما أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (136) فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ ما آمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّما هُمْ فِي شِقاقٍ فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (137)).
والأمرُ فى الآيتيَنِ أعلاهُما وآضِح، ولا يجوزُ مخالفَتهُ، وكلمة "قولوا" هى أمرٌ رَبَّانِى، آمَنَّا باللهِ، وما أُنزِلَ إلينا هو القرآن الكريم، وما أوْتِىَ موسى هو التوارَاة دينُ اليهود، وما أوتِىَّ عيسى أو الإنجيل دينُ المسِيحِيَّة، وما أوتِىَ النبيُونَ من رَبِّهِم يعنى الأديان التى أتَى بها جميعُ الرُسل رضوان الله عليهم. لا نفرِّقُ بين أحدٍ مِنهم، ونَحْنُ له مُسلمِوُنَ. هذا الكلام وآضِح، وأمر صادِرٌ من ربِّنا سبحانهُ وتعالى ولا خِيَارَ فيه، وأىِّ خروج عليه يكونُ خروجاً عن دينِ اللهِ وأوامرِه، ويقعُ مخالفةُ لِما انزَلَ اللهُ.
وعلى ضوءِ هذا أنظُر، يتَّضِحُ خطلُ الذين يتحَكَّمُونَ فى دينِ الإسلام الذى جاءَ به سيدنا محمد (ص) فى القرآنِ الكريم وسُنَّتِه المُبارَكَة، وخُروجِهم عن أوامِرِ القرآن الكريمِ ونُصُوصِه الوَآضِحَةِ المُحْكَمَة. وأنَّهم يأتون بالتفاسيرِ الضَيِّقةِ الحرِجة التى تجعلُ من دينِ الإسلام الوَآحِدِ أديَانَاً كثيرة، ويفرِّقُون بين المُسلمين؟ ويؤلِّبونهم ضد بعضِهم بعدَ أن ألَّفَ اللهُ بينَ قلوبِهم. ويكفِّرُون هذا ويهدِرُون دم ذاك ويقطعُونَ رأسَهُ!. أنًّهم هؤلاء الأعراب الذين جعَلُوا من القُرآنِ دين سيدنا محمد (ص) مِلكِهم الخاصّ، و يمنَحُون الأخرين بمُوجِبِه صُكوك الكُفرِ والغُفْرَآن.
العربُ هُمْ من إحتكَرَ بيت الله لأتبَاعِ نبيِّه محمد (ص) دون وجه حقَّ، وحرَمُوا منه بقِيَّةِ المُسلمين الواردُ ذِكرِهم فى الآياتِ الكريمة المُحكَمةِ أعلاه.
ومن فَرْطِ عِشقِهم للخِلافِ والمُفَاصلَةِ، صَوَّرَ العربُ للدُنيَا أنَّهم أعدَاءُ اليهود والنصَارَى وهُم فى الحقيقةِ أبناءِ عُمومَة، ودِينهم الإسلام دينٌ وآحِد، وكُلَّهُم أبناءُ سيِّدِنا إبراهيمُ الخليل.. فبينَمَا العرب ولدُ إسماعيل بن إبراهيم عليهُمَا السلام، فاليهودُ ولدُ إسحاق بن إبراهيم الخليل عليهما السلام. واليهودُ هُمْ أبناء سيدنا يعقوب (إسرائيل) بن إسحاق، وأبناءَهُ هُمْ نَبِّى اللهُ يُوسف وإخوتَهُ الأسبَاط، وهُمْ اليهود.. يعنى العرب واليهود بنى إسرائيل عُصبَة، ودمٌ وآحِد وأبناء عَمّ، ومن شجرةِ النُبُوَّةِ.
ويقولُ الباحثون المُفسِّرُون أنَّ الفرقَ بين (اليهود) أبناء إسحاق و(العرب) وَلَدُ إسماعيل أنّه لمَّا وهَبَ اللهُ إبراهيمَ إسحاقاً قال سبحانه وتعالى فى البُشرَى بوِلادَتهِ:( وَبَشَّرُوهُ بِغُلَامٍ عَلِيمٍ) سورة الذاريات الآية (28). بينما قال تعالى فى البُشرى بِولادَةِ إسماعيل:( فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ ) سورة الصافَّات الآية (101).
فصارَ صِفَةَ سيِّدِنا إسماعيل إنه(حَلِيم)، بينما مِيزةَ سيِّدنا إسحاق أنَّه(عَلِيم). وإسماعيل هو جِدُّ سيدنا محمد (ص) والعرب، بينما أسحاق عليه السلام هو جدُّ بنِى إسرائيل.
ونخْتِمُ بأنَّ دينَ الإسلام دينٌ قدِيم من لدُن سيدنا إبراهيم عليه السلام وتسْلَسل بين بَنِيِّه من ذرِّيَّتِهِ حتَّى خُتِمَ بسيِّدِنا محمد (ص) والقرآنِ الكريم.
وأنَّ العربَ هُمْ من أفسَدُوا هذا الدين فى نُسختِه الخاتِمَة، عندما إحتكرُوه وضَيّقوا الإسلام الوآسِع إلى مُستوى ضِيقِ آفاقِهم والغِلِّ الذى يمْلَاءُ صدُورِهم. ولعَلَّ أبناء إسحاق الذين ميَّزهم الله بالعِلمِ قد أوغَرُوا صُدُورِ العرب ليضيِّقُوا ما وسَّعَهُ اللهُ من عبادَاتٍ فرضَها اللهُ للنَّاسِ كَافّة مثل الحجَّ الذى كلَّفَ اللهُ به سيِّدِنَا إبراهيم الخليل وليس سيِّدنا محمد (ص). ولكِنَّ العربُ إحتكَرُوا عِبادة الحجَّ وخصَّصُوها لإتباعِ سيدنا محمد (ص) فقط دون سائِرِ "المُسلِمين" دعْكَ من عامِّةِ النَّاسِ. لأنَّ الأمر الربَّانى فى الحَجِّ نزل على سيِّدِنا إبراهيم الخليل بصيغةِ (وَأَذّن فِي النَّاسِ بِالْحَجّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلّ ضَامِرٍ..) فالآذان فى "النَّاسِ" كلَّ الناس، بِلا استثناء.
وقد سادَ فى القرنِ الأخير عدَاءٌ سافِر من العربِ ضد أبناءِ عُمُومَتِهم اليَهُود والنَّصَارَى بلا سبَبٍ معلُوم، وقامُوا بتكفِيِرِهم وجُبِلُوا على الدُعاءِ عليهِم فى أدْبَارِ الصلوَاتِ بالهَلَاكِ والدَمَار. ولكنَّ، رُغم دُعاء العرب عليهم، ظلَّ اليهودُ والنصارَى فى إستقِرارٍ ونمُوٍّ وإزدِهار، ومِنعَةٍ وسَطْوَة يوماً بعد يوم. وكلّما طغى وتجبَّر حُكَّامُ العرب وأذاقوا شُعوبَهم الويل والثُبور وأفلَ نجمُهم وسادَ الظلم دُولَهم فهَوتَ، كلما عَمَّ بِلادُ اليهود والنصارى العدَلَ، والأمان والرخاء، وأتِيحت الحُرِّيَّات، وسادَها حُكم القانون، وصانت كرامة الإنسان واُحتُرِمت حقوقه، وشعرَ الناسُ بالرَخَاءِ والرَفَاهِ.
ودول اليهود والنصارى يمِدُّونَ بلاد العرب بالمَعُونَاتٍ والهِباتٍ والقروض بضِفة رآتِبة بلا مَنٍّ أو أذَى، لا يحفَلُونَ بدُعَاءِ الأعرابِ عليهم. بينما العربُ (المُسلِمُون) فى كُلٍّ عامٍ يُرذَلُون، ويُدمِّرُون بيُوتهم بأيدِيِّهِم فى حروبٍ ونزاعات داخلية وبينيَّة لا تقِفُ أبداً. وكُلَّمَا إرتفعت أصواتُ العرَب المُسلِمُونَ بالدُعَاءِ على اليهودِ والنصارى أبناءَ عُمُومَتهم، كُلَّما ضَاقَت بالعربِ الدُنيا، وأرَآهُم اللهُ آياته فى الآفاقِ وفى أنفُسِهم بُؤسَاً وشقاء وحرُوباً وهِجرَاتٍ عبر القارَّات والبِحار والمُحيِطات هَرَباً من الموتِ وفى طلبِ الأمانِ، إلى بُلُودِ اليَهودِ والنصارى!. وكُلَّما ضاقَ بالعَربِ الأرضَ من سُوءِ فِعَالِهم، كلّما وَسَّعَ اللهُ الزِرقَ وبَسَطَهُ على اليَهُودِ والنَصَارَى، يتشارَكُونَهُ مع العرب المُسلِمين الذين هاجَرُوا إليهم يرجُونَ الأمنَ والغِذاء.
وكُلٌّ ميسَّرٌ لِما خُلِقَ له. نحنُ الأفارقة السُود لسْنَا فاقِدين الثقةَ بأنفُسِنا كما يدَّعِى العُربانُ الذين يحْكِمُون بلادنا غصْبَاً عَنَّا، ويُخَيَّلُ إليهم انَّ الأفارقة السُود يكرَهُونَ لونَهم الأسود!. لا، نحنُ لا نكرَهُ لونَنا، لكنَّكم أنتم من تكرَهُون لوننا وتحتقِرُوننا بسببه فيخيَّلُ إليكم أنَّنا أيضاً نكرَهُ لونَنا!. نحنُ نكْرَهُ من يكْرَهنا ويكره لوننا ولكن كيف نكرهُ أنفسنا؟. ونحنُ فخُورُونَ بأنفُسِنا وبلونِنا لأنَّهُ لون أُمِّنا أفريقيا، ولونُ أرضِها البِكرة المِعْطَاءَة، ولونُ مياهها العزبة الزرْقَاء، ولونُ زُرُوعِها الخِصبة وغابَاتِها الدُهْم الخضراء الكثيفة.
نحنُ فخُورُونَ بأفريقيَّتِنا وبلونِنا الأسودُ الزِنجِى، فقط غادِرُونَا. أذهَبُوا إلى صحارِيكم الآسيويَّةِ التى أعطتكُم لون رِمالها الصفراء، وليأكُل كُلٍّ مِنَّا زَادَه.
اللهُمَّ نُحنُ عِبادُك الأفارقة السُود، أبناءُ عبدِك "كُوش" بن حَامْ بن نُوح عليهم السلام، ربَّنَا بَاعِد بيننا وبين العرب وشُرورِهم وغِلِّهم وجهْلِهم، وقِلَّة حِيلتِهم، كما باعَدْتَ بين المَشْرِقِ والمَغْرِب، وأمِّنَّا فى أوطانِنَا ولا تُسلِّط علينا من لا يخَافُك، ولا يرْحَمنا. آمين.
عبد العزيز عثمان سام
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.