ولتكن التشكيلة الحكومية المرتقبة مدخلنا لقراءة تحول العلاقة المفاجيء بين امريكا والسودان.. في أول تصريح لها على لسان خارجيتها فيما يخص الملف ،أفصحت امريكا عما وراء رفع العقوبات الجزئي عن السودان ب(إسرائيل طلبت منّا تحسين العلاقات مع السودان) على خلفية تقارب السودان مع السعودية وقطع علاقاتها مع إيران والتصريحات بشأن الإستعداد لتطبيع العلاقات مع إسرائيل تمهيدا للتقارب مع الولاياتالمتحدة، فبحسب مسؤولين إسرائيليين كبار، حثت اسرائيل الولاياتالمتحدة ودولا أخرى على تحسين علاقاتها مع السودان والقيام ببادرات حسنة تجاهها. لا شكّ أن الخطط الأمريكية تجاه العالم الإسلامي، الذي تدعوه الشرق الأوسط عندما تريد تخصيص الدول العربية وبعض الدول الأخرى في محيطها" تعدّدها وتنوّعت على مر السنين لتتلاءم مع التغيرات التي تطرأ على المنطقة بين الحين والآخر، لكنّها في جميع الأحوال والظروف حافظت على عاملين اثنين أساسيين اعتبرتهما كثوابت في جميع هذه الاستراتيجيات، وخطّا أحمر يمس الأمن القومي الأمريكي العامل الأول هو: حماية أمن إسرائيل ودعمها بأي ثمن العامل الثاني هو تأمين النفط والمصالح الاستراتيجية الأمريكية الأخرى وكان نائب وزير الخارجية الأميركية للشؤون السياسية، توم شانون، قد زار إسرائيل،يوليو 2016 ، وأجرى سلسلة محادثات مع كبار المسؤولين في وزارة الخارجية ومكتب رئيس الحكومة، كما اجتمع مع رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، ورئيس الجهاز السياسي في وزارة الخارجية ألون أوشبيز، والمدير العام للوزارة دوري غولد. وبحسب صحيفة 'هآرتس' فإن جزءا كبيرا من المحادثات تركزت حول أفريقيا التي ضاعفت إسرائيل نشاطها الدبلوماسي فيها في السنة الأخيرة نشاطها الدبلوماسي فيها في السنة الأخيرة ن موظفين إسرائيليين قولهم إن المسؤولين في وزارة الخارجية شدووا أمام شانون على ضرورة تحسين العلاقات بين الولاياتالمتحدة والسودان، وذلك لأن وزارة ونقلت الصحيفة عن موظفين إسرائيليين قولهم إن المسؤولين في وزارة الخارجية شددوا أمام شانون على ضرورة تحسين العلاقات بين الولاياتالمتحدة والسودان، وذلك لأن وزارة الخارجية تعتقد أن الحكومة السودانية قطعت قبل نحو عام علاقاتها مع إيران، وأن عملية تهريب الأسلحة من السودان إلى قطاع غزة قد توقفت، وأن السودان يقترب من محور السعودية وجاء أنه تم التشديد أمام شانون على أنه يجب عدم تجاهل ما سمي ب(الخطوات الإيجابية) من جانب السودان، ، علما أن إحدى الخطوات التي تطالب بها الحكومة السودانية في السنة الأخيرة هي أن تقوم الإدارة الإميركية بإخراج السودان من قائمة الدول الداعمة للإرهاب البشير، ولكن زيادة الحوار الأميركي مع آخرين في الحكومة السودانية سيكون خطوة إيجابية و على العموم فإنّ الاستراتيجية الأمريكية الجديدة في المنطقة يمكن تلمّس معالمها من خلال الأدوار التي لعبتها أمريكا في أفغانستان والعراق ومن خلال الأدوار التي تلعبها مؤخرا بمساعدة أوروبا في عدد من الملفات، سواء في سوريا أو لبنان أو فلسطين أو مصر أو الخليج العربي وتركيا، وهذه الإستراتيجية تقوم على ثلاثة ركائز أساسيّة، هي أولا، عم الأقليّات في المنطقة وفي كثير من الأحيان على حساب الأغلبية (مع أننا لا نؤمن بمبدأ الأقليّة والأكثريّة بشكل عام؛ لأنّ الأكثرية إن كانت فاسدة أو غير مؤمنة على سبيل المثال فلا خير فيها إذن، ولكننا نقول هذا من موقع الجدل حول الأقلية والأكثرية حسب المفهوم الأمريكي)) : ثانيا إستغلال من تدعوهم أمريكا بالإسلاميين المعتدلين، لكي تنفّذ ما تصبو إليه تحت شعار الحوار والتقارب والانفتاح على الآخر، الذي تذكّرته فجأة بعد حوالي 60 سنة قضتها في المنطقة وهي تحارب الإسلام والمسلمين ومازالت ثالثا دعم الأقليّات على حساب الأغلبية إن مسألة التلاعب أو التحكّم بورقة الأقليّات وحقوق الإنسان مسألة معروفة قديما في العرف السياسي الأمريكي الخارجي، وهذا الأسلوب يظهر الولايات المتّحدة بمظهر المدافع عن حقوق البشر وتوجّهاتهم في وقت تعاني هي أصلا فيه من عنصرية بغيضة تجاه الأقليات سواء العرقية أو القوميّة. على العموم الخطة الأمريكية الجديدة تقوم على إستخدام ورقة الأقليات لزعزعة إستقرار ووحدة الدول القائمة في الشرق الأوسط لاسيما أن لهذه الورقة قوّة كبيرة وقد تؤدي إلى مواجهات عنيفة تتفكك على إثرها الدولة إلى دويلات طائفية وعرقية أو تضعف الدول كثيرا في أحسن الأحوال؛ لأنّ الدولة في الشرق الأوسط بطبيعتها الحاليّة ومنذ إنهيار الدولة العثمانيّة هي دولة قوميّة بالأساس وتضم عددا كبيرا ومتنوعا من الأعراف والطوائف والقوميات أجرت إسرائيل في السنة الأخيرة محادثات مماثلة مع فرنسا وإيطاليا ودول ونقلت الصحيفة عن مسؤول إسرائيلي قوله إن دلوماسيين إسرائيليين طلبوا من نظرائهم في أوروبا مساعدة السودان في أعباء ديون الأخيرة الخارجية والتي تقدر بنحو 50 مليار دولار، ودراسة إمكانية شطب جزء من هذه الديون مثلما حصل مع دول أخرى في العالم واجهت مصاعب اقتصادية، وذلك بإدعاء أن الإنهيار الإقتصادي في السودان سوف يزعزع الإستقرار فيها ويعزز 'النشاط الإرهابي. إسرائيل هي الدولة الوحيدة في العالم التي يمنع على المواطنين السودانيين دخولها إيران استخدمت السودان في السابق كقاعدة لتهريب الأسلحة إلى قطاع غزة، وقامت ببناء مصنع لإنتاج الصواريخ البعيدة المدى قرب الخرطوم لتزويد حركتي حماس والجهاد الإسلامي بها حتى وقعت سلسلة غارات جوية على قوافل أسلحة في داخل السودان يعتقد أنها كانت في طريقها إلى غزة، وعلى سفينة أسلحة إيرانية في بورتسودان، وعلى مصنع الصواريخ قرب الخرطوم. وقد نسبت هذه الهجمات لإسرائيل إلا أن الأخيرة لم تعترف بها. وأضافت أنه منذ نهاية العام 2014 بدأت تفتر علاقات السودان بإيران، وذلك على خلفية ضغوط شديدة من السعودية، وقامت السودان بطرد الملحق الثقافي الإيراني في السفارة في الخرطوم، وأغلقت عدة مراكز ثقافية إيرانية كانت تنشط في السودان. وفي كانون الثاني/ يناير من العام الحالي قطع السودان علاقاته الدبلوماسية مع إيران في أعقاب الهجوم على السفارة السعودية في طهران. وكتبت صحيفة 'هآرتس'، أنه 'بالتوازي مع الابتعاد عن إيران والاقتراب من السعودية، فقد بدأ يتصاعد في السودان في الشهور الأولى من العام 2016 الحوار بشأن إمكانية تطبيع العلاقات مع إسرائيل. وأنه تمت مناقشة ذلك في مؤتمر الحوار الوطني السوداني. وفي إطار المناقشات حول العلاقات الخارجية للسودان، في كانون الثاني/يناير من العام الحالي، أيد عدد من قادة الأحزاب إمكانية تغيير التوجه لإسرائيل وتطبيع العلاقات معها، كجزء من محاولة التقارب من الولاياتالمتحدة، تمهيدا لإزالة العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها. وفي حينه صرح وزير الخارجية، إبراهيم غندور، بأنه يجب فحص إمكانية تطبيع العلاقات مع إسرائيل. ولاحقا ادعت الخارجية السودانية أن أقواله قد أخرجت من سياقها. [email protected]