استبشر الناس خيرا بالحوار الوطنى الذى غاص فى احشاء هموم الوطن بمشاركة كبيرة من القوى السياسية والعسكرية المعارضة ... المناقشات افرزت العديد من الرؤى والحلول للقضايا المتشابكة وكان حوار جادا وشفافا تبلورت فى خواتمه توصيات عدة لكافة القضايا الاقتصادية والسياسية والوطنية والثقافية والدستورية والمواطنة وكيف يحكم الوطن وبالطبع فان اليد الواحدة لاتصفق لذلك كان هناك تباينات كبيرة فى وجهات النظر حول الكثير من القضايا الشائكة ولكن الشىء المحورى الهام ان "اهل البلد " بمختلف اطيافهم الحزبية والقومية جلسوا معا وتحاورا للاتفاق على الاليات الوطنية لحكم البلد وهى مسالة فى حد ذاتها تطور ايجابى كبير ذلك لان هموم الوطن يجب ان تحل من ناسه وباياديهم وفكرهم وبهدوء وعبر" الراى والراى الاخر" وبعيدا عن "فوهات البندقية " والاقتتال والذي اقعد السودان عن مساراته الاقليمية والدولية وخارطة الدول حولنا تشير الى الكوارث التي لحقت بالشعوب والبنية التحتية لما كان يقال له وطن وجسم واحد .. وبرغم ان شريحة لا يستهان بها لازالوا مترددين فى دخول " حوش الحوار الوطنى " بسبب تخوفات سياسية وعدم الثقة فى تفعيل قرارات مخرجات الحوار بحزافيرها .. وان لا يكون هناك مصداقية كاملة ووفق رؤيتهم وتقديراتهم للامور انطلاقا من تجاربهم الذاتية او قراءتهم الباحثة وربما لضغوطات سياسية خارجية او مصالح حزبية و شخصية . انقضى الحوار وبدا "ماراثون " تشكيل حكومة الوفاق الوطنى والتى هي الاخرى تشهد شدا وجذبا و"كرا وفرا " و"حزازات " هنا وهناك وصفقات يجرى ضبخها خلف الكواليس لزوم " الترضيات السياسية " وهى مسالة متوقعة فى ظل الكم الهائل من القوى السياسية القريبة والبعيدة التى تبحث عن موطا قدم لها فى غنيمة التشكيلة الحكومية ومنافذها المختلفة اتحادية كانت او ولائية .. وكنت ارى ان تعطى الاحزاب الاولوية فى الدفع باصحاب الكفاءة والخبرات والقدرات العلمية والعملية والمخططين الى الواجهة وان يستريح " السياسيون " قليلا حتى يتنفس الوطن من الاختناقات التي المت به .. اعتقد ان التحدى الاكبر حاليا ليس فى اخراج تشكيلة الحكومة الوفاقية على ارض الواقع ولكن فى مدى تماسكها وقدرتها على التصدى لقضايا وهموم الوطن الكبيرة والشائكة .. والتي ادخلت المواطن في نفق العوز الشديد وضيق المعيشة .. يحتاج السودان فى المرحلة القادمة لاعادة هيكلة كافة مؤسسات الدولة لتمكين الوطن والمواطن من اعادة البناء واطلاق قدراته الاقتصادية والانتاجية الكبيرة .وقد طالب "صندوق النقد الدولى " الحكومة بضرورة اتخاذ اجراءات سريعة للتغلب على ما اسماه " التحديات المرعبة والضخمة " هناك تقاعسا كبيرا من الاجهزة التنفيذية بسبب السياسات الخرقاء وشيلني واشيلك كان سببا فى " فشل " الكثير من خطط ومشروعات التنمية ومعالجة مشاكل الفقر والمرض الذى يحاصر شريحة كبيرة من المواطنين ..كنتاج طبعي للتسيب الادارى وضعف الكفاءات التي تتسنم المقاعد النافذة وضعف التنسيق وغياب المبادرات وعدم وجود خطط بعيدة وقصيرة المدى وضعف المتابعة والياتها وتفشي الفساد وسمومه ..كما ان الكثير من التقارير لاتلامس ارض الواقع رغم ان العديد من مشاكلنا الحياتية علتها معلومة حيث تتكرر الازمات والمشاكل لنفس المسببات .رغم ان هناك مسؤولين ليس عليهم غبار فى صدقهم وتفانيهم تجاه مواطنيهم ووطنهم يبذلون الكثير من الجهد لتحسين الخدمات ومعالجة مشاكل الغلاء وجعل الحياة ممكنة للغبش . يرى العديد من الاقتصاديين فى الداخل والخارج ضرورة اعطاء الاولوية للقطاع الزراعى الانتاجى والتصديرى والتصنيعي والخدمى وعدم الركون الى عائدات النفط الذى يعتبر ثروة ناضبة وتوجيه الموارد جميعها لدعم مقاصد النهضة الزراعية والحيوانية وقطاع التعدين وتقليص تكاليف الانتاج وتوفير برامج التسويق فى الداخل والخارج وهى قطاعات نملك فيها مزايا نسبية يمكن ان تحقق قيمة مضافة عالية للاقتصاد الوطنى بما يدعم برامج تنويع الاقتصاد .. كما اكد الرئيس البشير فان مشروعات التنمية ان لم تحقق رفاهية المواطن واستقراره لا فائدة منها وهو مبدا يجب ان يكون شعار المرحلة القادمة فعليا وليس قولا وشعارا يتبخر مع الوقت.. وارى بان تصحيح المسار الاقتصادى ووقف تراجع وتدهورالاقتصاد وتحريك القطاعات المنتجة اهم كثيرا واجدى من مجرد توفير السكر والطحين والزيت الخ ..ومن الضرورى اعادة الاعتبار الى الاقتصاد الوطنى باليات عمل واضحة على الارض لاسيما وان العلاقات الاقتصادية للسودان فى الفترة الاخيرة تشهد تحسنا كبيرا وتشير الانباء الى تدفقات رؤوس اموال وموارد مالية واستثمارات نوعية كبيرة نحو الوطن لتوتي اؤكلها يجب حراستها وحسن توظيفها فى القطاعات الانتاجية التى نملك فيها مزايا نسبية ان قراءة الخارطة الاقليمية والدولية وتشابك المصالح واستراتيجية توجيه الدفة للمسار الصحيح يحتم الالتفاف حول الوطن وتصحيح مساراته وعدم الركون للتغيير برمى الحجارة ان الفاعلون في التاريخ هم من يراصصون الحجارة ويقدمون الافكار ويمسكون باياديهم المبادراة الطموحة .. ان الحكومة المرتقبة مرت بمخاض عسير يجب ان لا تكون للترضيات وتوزيع كيكة دسمة بل يجب ان تكون مقاعد ساخنة لرجال اكفاء متجردين من الآنا يقدرون حجم المهمة الملقاءة على عواتقهم لاجل مواطن ظل يئن ويعاني من عثرات الحياة وضغوطاتها. اعلامية مقيمة بقطر [email protected]