لاحظت الاهتمام الكبير بالموضوع ، وهو يستحق هذا الاهتمام ، لانه يعبر فى رأيى عن تغييرات اساسية تحدث فى العالم ، ستؤدى الى نتائج مهمة فى كافة المجالات السياسية والاقتصادية ، وربما تكون لها نتائج كارثية على وجود العالم بالشكل الذى نعيشه الان . لذلك رايت ان اترجم لكم هذا المقال الذى كتبه شاهدنا جيم ريكاردز مؤخرا ، وهو يعبر عن تعقيدات الوضع العالمى ، فالى المقال . (العنوان : ( موت الدولار ) ! 1- يبدا الكاتب مقاله بسؤال لجانيت يلين ، رئيسة الفيدرالى الامريكى : هل تسمعين ؟ الصينوروسيا يخططان لموت الدولار . لقد ظللنا نسمع لمدة طويلة ، ان روسياوالصين ودول أخرى ، تتحرك لتحل محل الدولار كعملة الاحتياط العالمية الاولى . هذا لايعنى " نهاية العالم " او حتى "نهاية الدولار " انه يعنى ببساطة ان الدولار سيصبح فقط عملة محلية أخرى مثل الليرة التركية اوالبزو المكسيكى ، وتصبح عملة جديدة هى العملة الدولية للمعاملات المهمة مثل تسعير البترول أو تسوية ميزان المدفوعات بين الدول أو الاحتياط بالحسابات والسجلات فى البنوك والمؤسسات الكبرى . مثل هذه العمليات لا تحدث عادة بين يوم وليلة ، حتى التضخم الجامح فى المانيا استمر للسنوات 1919 – 1923 ، قبل ان يدمر مارك الرايخ الالمانى مرة والى الابد . واستغرقت الولاياتالمتحدة 30 سنة :1914 – 1944 لتنحى الاسترلينى جانبا كعملة الاحتياط الدولية الاولى . المشكلة هى ان المستثمرين يفقدون الاحساس بالتحذيرات ولا يضعون اعتبارا للمخاطر . يبدا تدهور العملة تدريجيا ولكن تتزايد سرعته فى المراحل الاخيرة . هذه المقالة دليل واضح على ان خطوات النظام النقدى البديل تتسارع . لقد تحركت روسياوالصين الى مابعد مجرد الحديث ، وهما الآن تتخذان خطوات محددة لبناء نظامهم الخاص بالدفع ، المتحرر من الدولار . راقب ازدياد السرعة هنا. 2- روسيا تأخذ خطوات جديدة لترك النظام المعتمد على الدولار وراءها : تحدثت فى مقالى السابق عن محاولات الصين لفتح بنك سداد فى روسيا . وخمن ماذا؟ العواطف متبادلة ، فبينما تفتح الصين مبادرات جديدة فى موسكو ، فان روسيا قد فتحت بالفعل فرعا جديدا لبنك فى بكين . وليس أى بنك ، انما هو البنك المركزى الروسى الذى ترأسه الفيرا ، أحدى أفضل مديرى البنوك المركزية فى العالم . لماذا يحتاج بنك مركزى فرعا له فى بلد اجنبى ؟ هذا شئ تفعله البنوك التجارية دائما ولكنه شئ غير عادى بالنسبة لبنك مركزى . السبب هو ان الحكومة الروسية تخطط لاصدار سندات على قاعدة اليوان الصينى . عائدات اليوان من ثم ستستخدم للاستثمار فى البنية التحتية الصينية او لشراء الذهب الصينى ، من غير تدخل الولاياتالمتحدة او استخدام الدولار . روسيا بالطبع تريد حجز مقعد امامى فى بكين، حيث تنمو التعاملات المالية وتتشابك أكثر . ويكون ايضا مريحا أكثر للموظفين الصينين والروس ان يتعاملوا شخصيا لتفادى الرسائل الالكترونية التى تراقبها الولاياتالمتحدة . أعتبر هذه الانباء كخطوة أخرى فى الطريق المؤدى الى نهاية الدولار كعملة الاحتياط الدولية الاولى . 3- الصين تترك الذهب الورقى وتذهب الى الشئ الحقيقى ! المستثمرون الامريكيون محبطون فى مجال الذهب لسنوات ، حيث تستمر اساسيات الذهب فى التحسن ، ولكن سعر الذهب فى السوق يدمر بالتلاعب فى سوق الذهب الورقى ( التعاقدات ) ، وخصوصا تعاقدات الذهب المستقبلية فى الكومكس "Comex" .ففى اللحظة التى يبدأ فيها سعر الذهب فى الارتفاع ، يبيع صندوق حماية "Hedge Fund" اطنانا من " الذهب" – حقيقتها تعاقدات ورقية – وتقريبا بدون نقود فى السوق المستقبلى . وهكذا تتراكم الاسباب ليتأثر السعر على اساس ، ليس أكثر من ضربات اساسية فى نظام المتاجرة العالمى للعملات ذاتى الفعل . كذلك للحكومات دورها فى مراوغات السوق ، بالرغم من انها تعمل فى سرية من خلال بنك التسويات الدولى BIS فى سويسرا . كما توضح هذه المقالة ، فانه ليس فقط صغار المستثمرين الذين احبطوا من مراوغات سوق الذهب الورقى ( التعاقدات). الآن لاعبون اساسيون انتقلوا الى جانب الذهب المادى بافتتاح سوق مبادلات حقيقى للذهب ، ويؤسسون مخازنهم للذهب ويشترون مناجم ويبحثون عن مواقع جديدة للتنقيب . الصين تفعل كل هذا وقد دفعت بالفعل لمنجم جديد قد ينتج حوالى 550 طنا من الذهب . وهذا هو جمال الذهب ، فحتى اكتشاف هائل لايغير من عامل الندرة . الذى يصدم فعلا هو تقرير بلومبرج القائل ان هدف الحكومة الصينية هو الوصول الى 14000 ( اربعة عشر الف ) طن من الذهب الرسمى لاحتياطيات ارضية حتى 2020. لماذا تبحث الصين بهذه العجلة عن الذهب ، ان لم يكن نقودا ؟ الجواب هو ان الذهب هو النقود ،شئ قد تصل اليه الولاياتالمتحدة بالطريق الصعب ، عندما تقوم روسياوالصين بتحركاتهما نحو نظام نقدى على قاعدة الذهاب ويترك الدولار فى الغبار ! 4- القوة العسكرية نتاج القوة المالية . الصين تفرد عضلاتها فى المجالين : هذه المقالة الخاصة توضح كيف ان روسياوالصين تراكمان احتياطيات الذهب ويخلقان بديلا لنظام دفع بدون الدولار لانهاء سيطرة الدولار كعملة احتياطى عالمية. لكن نهاية الدولار ليس هدفا فى حد ذاته ، وانما وسيلة للنهاية . فالعملة المسيطرة كانت دائما الاساس لقوة سياسية وعسكرية كبيرة . لقد كان هذا صحيحا منذ الامبراطورية الرومانية وخلال القرون الوسطى وحتى التاريخ الحديث . العكس ايضا صحيح ، فالعملة الضعيفة تسير يدا بيد مع الحظوظ العسكرية والسياسية المتدنية . اليوم الولاياتالمتحدة تكرر اخطاء بريطانيا بنسبة دين الى الناتج الاجمالى تصل الى 105% . هذه المقالة توضح ان احتياطيات الصين من الذهب تعلو مع ارتفاع قوتها العسكرية والسياسية فى نفس الوقت . بنت الصين قاعدة متقدمة فى مياه متنازع عليها فى بحر الصين الجنوبى . وروسيا بنفس العدوانية من القرمز الى القوقاز. مسيرة الذهب تسبق مسيرة القوات المسلحة . هل ستستيقظ الولاياتالمتحدة فى الوقت المناسب أم ستسير فى طريق روماوبريطانيا ؟ 5- جنى الذهب خرج من القمقم . المراوغةالتى تقودها الولاياتالمتحدة تصل الى خط النهاية . اذا توصلت روسياوالصين لتصبحا قوة ذهب حقيقية ، وهما تفعلان ، فلن يكون كافيا امتلاك الذهب ماديا ، بالرغم من ان هذه بداية جيدة . بل سيكون مهما خلق مبادلات للذهب الحقيقى واسواق للذهب لاكتشاف الاسعار والمتاجرة . حاليا يحدد سعر الذهب فى مكانين : الاول هو سوق لندن الذى تسيطر عليه ستة بنوك كبرى من بينها جولد مان ساشس وجى بى مورجان الامريكيان. السوق الثانى هو سوق المستقبل بنيويورك ، والذى تسيطر عليه الكومكس ، والذى يحكم سداده اعضاء كبار . النتيجة هى ان البنوك الغربية الكبرى لديها احتكار على اسعار الذهب ، بالرغم من انه ليس لديها احتكار للذهب المادى نفسه . هذه المعادلة توضح ان هذا الوضع قريبا من التغير ، فروسياوالصين لا يراكمان المزيد من احتياطيات الذهب فحسب ، ولكنهما ايضا يشكلان أنظمة تجارية تسمح باكتشاف الاسعار والمتاجرة المدعومة . عند هذه النقطة فان سوق الذهب المادى سيستعيد اليد الطولى كصانع اسعار وليس مستقبل اسعار ، وهكذا سيبدا الذهب مسيرته وسعره غير المخفض ، أى 10000 (عشرة الآف ) دولار للاوقية ! ) انتهت الترجمة سنتناول فى مقالاتنا اللاحقة تعليق على هذه المقالة المترجمة ، والحديث عن الاوضاع السياسية والاقتصادية فى الصين التى تؤشر يسارا وتتجه يمينا ، وروسيا التى أخذت الطريق الراسمالى – عديل – والادلة الاضافية على ان الرأسمالية الامريكية فعلا تحفر قبرها . غير ان هناك حقيقة لابد من الاشارة اليها : انظر ماذا يفعل الناس بالذهب ، وماذا تفعل به حكومة الوطنى( الجديدة كليا !) ذات الاربعة وسبعين وزيرا ؟!