النكتة، أوالفكاهة، شيء من قول، أو فعل يقصد به غالباً الضحك وإدخال السرور على النفس، وينظر في حكم النكتة إلى القصد منها وإلى أسلوبها، فإن كان المقصود استهزاء، أو تحقيراً لأحد، أو كان العرض في أسلوب فيه نوع من الكذب كانت ممنوعة. وقد كان النبي – صلى الله عليه وسلم- يمزح ولا يقول إلا حقاً ، حيث جعل النَّبي صلى الله عليه وسلم ضابطًا لمزْحِه الذي يجب علينا أن نتأسَّى به فيه، وذلك عندما قال له الصَّحابة -رضوان الله عليهم-: يا رسول الله، إنَّك تداعبنا! قال: "إنِّي لا أقول إلَّا حقًّا: وقال -عليه الصَّلاة والسَّلام: - ويلٌ للذي يحدِّث فيكذب ليضحك به القوم، ويلٌ له، ويلٌ له". و يدعو الهدي النبوي إلى الابتسام والمزاح الصادق والتودد للناس، وفي الحديث النبوي «تبسمك في وجه أخيك صدقة». ولكن الإسلام يحب الوسطية والاعتدال في كل شئ ومن ذلك المزاح، وممارسة الضحك، والفكاهة. قال عمر - رضي الله عنه -: «من كثر ضحكه قلت هيبته، ومن مزح استُخف به». وقال عمر بن عبد العزيز: «اتقوا اللّه وإياكم والمزاح؛ فإنه يورث الضغينة ويجر إلى القبيح». ومن أمثال مزاح النبي – صلى الله عليه وسلم – أن رجلاً قال له: احملني على بعير، فقال: «بل نحملك على ابن البعير». فقال: ما أصنع به؟ إنه لا يحملني، فقال صلى الله عليه وسلم: «هل تلد الإبل إلا النوق» أي ابن البعير. وجاءت عجوز إلى النبي – صلى الله عليه وسلم- فقالت: يا رسول الله، ادع الله أن يدخلني الجنة. فقال: (يا أم فلان، إن الجنة لا يدخلها عجوز، فولت وهي تبكي. فقال: أخبروها أنها لا تدخلها وهي عجوز، إن الله يقول: «إ نا أنشأناهن إنشاء فجعلناهن أبكاراً عرباً أتراباً لأصحاب اليمين». وما خلا الأدب في أي عصر من عصوره من الفكاهة وإن كانت تندر الفكاهة في الأدب الجاهلي؛ لكن في صدر الإسلام عرف الأدب الفكاهي، وظهر أشخاص زرعوا الفكاهة حولهم، وفي العصر الأموي أيضا برز أناس في هذا الصنف؛ ومنهم « أبو دلامة». ومن نوادره وفكاهياته تحضرني هذه الطرفة: خرج المهدي يوماً للصيد وكان برفقته وزيره علي بن سليمان والشاعر أبودلامة وعندما صوبوا سهامهم نحو قطيع غزلان أصاب سهم المهدي ظبياً فأرداه قتيلا، بينما أصاب سهم وزيره خطأ أحد كلاب الصيد، فابتسم المهدي والتفت إلى أبي دلامة الذي فهم الطلب فقال : صوب المهدي غزالاً ** شك بالسهم فؤاده. وعلي بن سليمان ** رمى كلباً فصاده. فهنيئا لهما ** كل امرئ يأكل زاده. وفي العصر العباسي نبغ أشخاص في فن الفكاهة ك«ابن الرومي، والجاحظ»، وانتشر الندماء والظرفاء، ونالوا مكانةً عظيمةً عند الخلفاء والوزراء. وفي عصر الإسلام ألفوا الكتب في هذا الباب، منهم «الخطيب البغدادي» في كتابه (التطفيل وحكايات الطفيليين ونوادرهم وأخبارهم) وكتاب (جمع الجواهر في الملح والنوادر) لأبي إسحاق الحصري و«الثعالبي» صاحب (يتمية الدهر) في كتابه «نتف الظرف» و«الأشبيهي» (المستطرف) و«ابن الجوزي» في كتابه «أخبار الظراف والمتماجنين». وهذه الكتب وإن كانت تحتوي الفكاهة؛ ولكن لا تخلو من فوائد علمية، ونكات أدبية. خلاصة القول: الفكاهة، والضحك، والمزاح في له أهمية حياة الإنسان، لما في ذلك من تأثير وتفاعل حيوي وتنشيط للجسم والذاكرة. يقبل الإسلام الفكاهة والنكتة أو الطرفة إذا كانت في حد الاعتدال والوسطية، وبشروط، أهمها: 1)ألا يكون في الفكاهة استهزاء بشيء من أمور الدِّين 2)أ لا يتضمَّن المزَاح سخريةً أو استهزاءً بالآخرين. 3)أن لا يترتَّب على الفكاهة ضرر على الآخرين. 4)ألا يُدخِل المازح فيها الكذبَ من أجل إضحاك من حوله. [email protected]