قبل عدة سنوات وأثناء حفل إ فتتاح القنصلية السودانية بدبي وبعد أن غنى الفنان حسين شندي أغنية ( منو القاليك تفارق النيل ) معرفاً الجمهور بأنها من كلمات شخصي الضعيف ..فهمس ساعتها في أذني شيخ المغتربين السيد كمال حمزة و هويسألني ..ضاحكاً.. صحيح منو القاليك تفارق النيل يازول ..فقلت له جئنا نسعى في دروبكم أنتم فلا طُلنا عنب الغربة و لا عدنا لبلح الوطن ! الان ذهبت خطوات الزمن اللاهث بشباب الكثيرين ممن عاشوا طويلا في ديار الإغتراب وقد سرقتهم سكين المسئؤليات والإلتزامات الخاصة والعامة .. بل أن بعضهم لم يحظى حتى بشبر من التراب السوداني المترهل يواري جسده وقد قضى دون العودة اليه ولو محمولا على آلة حدباء ! من قال لنا أن نفارق النيل ليس عاملا واحداً بل هو عدة أسباب تتشابك وتزداد تعقيداً مع مرور السنوات ولازالت تتفاوت ما بين الإقتصادي والإجتماعي والسياسي .. والمغتربون الذين يتقاسمون هذه الدوفع ليسوا صنفا متساويا في أوضاعه على أرض المهجر أو في جاهزية العودة للوطن الذي يزداد تراجعا في استعداده لاستقبال من ستضطرهم ظروف الأزمات الحالية في مناطق كثافة المغتربين بالخليج و التبعات المالية الباهظة كضريبة على مكفوليهم في السعودية .. و بوابات المطارات وأرصفة المواني تشهد تدافع الأسر التي أثرت غنيمة الأياب على تحمل تلك الإجراءات المفاجئة لمعيليهم ..وهم الذين لطالما كانوا السند لكتف اقتصادالوطن الذي مال عليهم طويلاً ولازال ..بينما الدولة لم تعلن حتى الآن أية خطة لمواجهة الأمر .. أما جهازالمغتربين فحدث ولا حرج ! وكأنه يسال ..ذات السؤال وهو يهزكتفيه و يمط شفتيه لكل من وقف على بابه عائداً ..منوالقال ليك تفارق النيل ! محمدعبدالله برقاوي..