الرئيس العراقي الراحل صدام حسين ..والرجل ذهب و طويت صفحته بما له وعليه .. قيل أنه قام بإقالة أحد المحافظين حينما إكتشف في زيارة مباغتة لمكتبه بأن حمامه الخاص لم يكن نظيفا ..لأن منطق الأمور يقول .. من لم يكن قادراً على نظافة أقرب مرفق له ..ليس مرجواً منه أن يكون أميناً على محافظة بحالها أو حتى مدينة أو شارع واحد فيها ! لا نتوقع طبعا أن يقال والي الخرطوم لان عاصمتنا قد جاوزت كل القياسات التي أهلتها لتحمل لقب عاصمة النفايات بجدارة لا تبزها فيها إلا مناطق الحروب التي تفتك بقاطنيها الكوليرا ولم يخجل المسئؤلون هناك من تسمية الأشياء بمسمياتها..واليمن الشقيق مثالا .. أقال الله عثراته التي قلبت سعادته الى تعاسة ! نكون قد ظلمنا القرى كثيراً لو أننا أطلقنا على الخرطوم تسمية قرية كبيرة .. فالقرى و الشهادة لله وبعد أن رفعت الدولة يدها عن سائر الخدمات فهى تتولى إدارة شئؤنها بجهدها الشعبي في تعليمها وصحتها و مياهها وكهربتها و حتى نظافة شوارعها و ساحاتها .ودور الدولة على مستوى السلطات المحلية بات ثانويا ولكنه ينشط حثيثا في تحصيل الجبايات ومطاردة المعسرين الخ منظومة العمل بالمثل القائل ( لا يرحم ولا يترك الرحمة تتنزل على العباد ) فالعاصمة هي واجهة البلاد وعنوانها .. منها تنفتح نفس الزائر وعندها تنسد الرغبة في قراءة بقية الخطاب ! فالنظافة في المدن الكبرى لم تعد تقليدية بعمال ومكانس و عربات متهالكة تتحرك بها مكشوفة ليتساقط جلها في ذات الشوارع التي جمعت عنها .. بل أصبحت عملا إداريا وفنيا وصناعياًمتكاملا يبدأ من داخل المنازل ويعبر الشوارع وينتهي عند المكبات وصولاً الى ماكينات الفرز والتدوير للإستفادة منها بمختلف نوعياتها ..وهي عملية كبيرة ومنتظمة اللإيقاع اليومي بل ساعة بساعة تتحمل الدولة بالتضامن مع الشركات الربحيةالمتخصصة عب توفيرها كخدمة أصيلة مستحقة وليست ترفاً لا يرقى الى بذل الإمكانات اللازمة لتأصيله كثقافة يشارك المواطن بعد إيجاد وسائل التوعية المباشرة وتوفير المعينات و اصدار القوانين الحاسمة ومن ثم تأتي العقوبات لمن يخالفها كأخر مرحلة رادعة حرصا على المظهر العام . ولكن حيال ما نراه في عاصمتنا المترهلة لا يمكن أن نقول غير أن المنظر أصبح وكأنه عادياً لا يدفع للخجل .. رغم أننا لا نخفى استياءنا من عفونة روائح الزبالة التي عطنتها مياه الأمطار الراكدة وغير الراكضة .. بأن نضع ايادينا على أنوفنا تاففا مما نحن شركاء في وجوده ..على الأقل بصمتنا المريب عن تقصير مسئؤلينا الذين ربما يهتمون فقط ويا للمفارقة بنظافة منازلهم وحماماتهم الخاصة لذا ينالون الإشادة بعين الرضاء من رؤسائهم الذين لا يرون بعين السخط ذلك القصور الفاحش في المشهد الخارجي العام ..!