أطل صباح الثاني عشر من يوليو الجاري برياح لم تشتهيها سفن توقع رفع العقوبات الأمريكية بصورة نهائية وجاء قرار التمديد لتسعين يوما حسوما مخيبا لأمال أشرعة النظام التي إنتصبت فوق صواري الإستعداد لتجيش المسيرات واطلاق عقائر الهتاف بأن الرخاء قدحل و ذهب المحل بظمأ السنوات العجاف التي حصدت فيها الإنقاذ ما زرعته في حقل مشروعها المالح التربة و ما شونت في بيدر الشعب غير الشوك و الحصرم ! ليس هنالك عاقل راشد يتمنى التضييق على شعبنا من أيٍ كان .. لكن الذي لا تريد حكومة الإنقاذ أن يذكرها به أحد أنها هي التي جرت علينا مصيبة العداء الخارجي دون غيرنا من دول المنطقة التي إنصرفت الى معالجة شئونها الداخلية فاحرزت خلال فترات وجيزة ما عجزت عنه الإنقاذ في قرون تحجرها فوق أنفاس هذا الوطن ..وهي تطلق هدير طواحينها الفارغة بلا طحين ..ثم تأتي لتتباكي على حصارها التي جلبته بلسانها ولم تبدي ندما على أفعالها يستقطب لها شيئا من التعاطف الشعبي ولومن قبيل الوجهة الوطنية ! لم تكن ردة فعل الحكومة السودانية بأحسن من فعل الإدارةالأمريكية.. فلو اننا صنفنا الثاني بأنه صادر من دولة كبرى قادرةعلى إخضاع من هم دونها قوة ونفوذا وصوتاً عالياً وذراعاً عسكرية وطاقة إقتصادية وصناعية وعلمية جعلتها تستأسد في غابة العالم كيفما شاءت ..فإن موقف حكومتنا لم يكن عقلانياً بالقدر الذي يمهد لإنقضاء الثلاثة اشهر بسلام لتأخذ في أقدامها العقوبات كلها وليس جلها ..فتعامل رئيس الجمهورية بطريقة ضرب الطاولة الذي سيصل لا محالة الى مسامع صاحب القرار في واشنطن وبصورة مستعجلة وكأنه يقول لرئيسها إذا كنت أنت رئيس فأنا كذلك ..ولو إفترضنا صحة تطابق المسميات فليس من المنطقي أن يتساوى في قوة من يقرر العقوبات و بمقدوره أن يرفها أو يبقيها .. مع من يستجدي طالبا ومتوددا ومتنازلا بالعودة الى بيت الطاعة بعد أن بادر بالإعتذار عما إقترفه في حق من عاد اليه .. دون أن ينبس ببنت شفة إعتذارا لهذا الشعب الذي دفع ثمن سياساته التي أوردت البلاد موارد التهلكة ! لن ينصلح الحال برفع العقوبات ..طالما أن هذا النظام يفرض أضعافها إنتهاكا لحق هذه الأمة الطيبة في أن تعيش بكرامة وحرية و تشارك في رسم خطوط مصيرها التي تولته فئة من الفاسدين والإنتهازين الذين اصبحوا ذيلا يسبح بحمد رجل واحد ..حينما يندفع مخطئا هتفوا بجسارته وعندما يعود منكسرا برروا بنجاعة حكمته .. ! غدا ستمضي الشهور الثلاثة و ستتكشف لحكومة الإنقاذ وطباليها حقيقة أن العقوبات كانت فقط كقميص عثمان ..وان الحال لن ينعدل ظله طالما أن سياسة الداخل معوجةالعود وان المسالة ليست حصارا خارجيا بقدرما هي تغول فئوي ممنهج ضد هذا الشعب الذي صبر عليه كثيراً ..ولكن للصبر حدود .. فمشكلتنا ليست مع أمريكا ولا غيرها من دول العالم الآخرى ولكن مع من أتى لنا بالعداوات التي لم نسعى اليها يوما قبل أن ترخي علينا حلكة ليل الإنقاذ سدولها الظالمة .