الإنسان و العلم ؛ يعتقد أكثر الناس أن كسب العلم لابد وان يكون بالتعلم بمعنى ان الانسان خلق جاهلا ولابد له_ ليصبح عالما _ ان يستمد العلم من خارج ذاته. .. لكن الحقيقة تقول غير ذلك اذ أن الله عز وجل خلق العلم فى الانسان .. فالهمه الفجور .. وهو العلم الضار .. والتقوى وهو العلم النافع وعلم آدم الاسماء كلها .. اى جعله عالما بكل شئ . علما احاطيا تفوق به على الملائكة .. وآدم هو الانسان .. اى انسان كان وقد وضع الله دون ذلك العلم الكلي بالاشياء حجب ( وقد خلقنا الانسان فى أحسن تقويم ثم رددناه أسفل سافلين ) ومن هذه الحجب العقل المعاشى الذى شغل الانسان عن كنه المعرفة .. والانسان خلق في الاصل عالما وعارفا بالله ومقرا بربوبيته .. ولكنه حجبت هذه المعرفة بالران الذي يحجب القلوب ؤيحول بين الانسان والمعرفة الاحاطية المكنونة والمكنوزة فيه.. ولذلك تلاحظ فى الايات ان الله عز وجل يخاطب الانسان .. لعله يتذكر او يخشى , او : فذكر ان الذكرى تنفع المؤمنين . وهكذا .. فالالهام مثلا لمن خبره وجربه : يجد الانسان في نفسه كانما قد تذكر شيئا كان قد نسيه .. وهو اصل العلم و هناك شواهد كثيرة تدل على ان العلم (كل العلم) موجود فى خلق الانسان .. وأوضح مثال على ذلك سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم الذى كان أميا لم يقرأ ولم يكتب , وجاء بعلوم اعجز بها المعاصرين لعهده واللاحقين والى يومنا هذا , فالانسان الجاهل , هو غير جاهل فى الحقيقة وانما فقط ناسى للعلم او بمعنى ادق أن العلم مكنوز فى حقيقة كل انسان , وليظهر هذا العلم يحتاج الانسان لمؤثرات تزيل الران عن قلبه وتفجر الكنوز العلمية الموجودة مسبقا فيه .. فالتقرب الى الله مثلا والتامل فى معانى كتابه القرآن الكريم .. أعظم المؤثرات .. وعلى ذلك يمكنك ان تقيس , فالتامل فى الاشياء كلها والتفكر فى الوجود ايضا تعين على تفجر العلم.. خلاصة القول يا انسان .. العلم موجود فيك .. ولذلك قال العارفون بالله ان مقدار علم العارف بالله يكون بمقدار علمه بنفسه .. وفى الحديث من عرف نفسه عرف ربه .. والعلم بالله هو أجل العلوم وانفسها .. ولا سبيل لتحصيله الا بالبحث عنه فى نفس الانسان .. وبالقياس فان كل علم غث او ثمين اراد الانسان تحصيله فالسبيل اليه النظر فى النفس .. وحتى اذا اكتسب الانسان علما ما بالتعلم .. فهو فى الحقيقة انما اكتسبه بالتذكر وما المعلم فى الحقيقة الا مذكر لا غير . قال تعالى : وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ*. اشارة الي ان المؤمنين علي علم قديم مكنوز في حقائقهم ، بالذي كان يخبرهم به النبي صلى الله عليه وسلم وقال تعالي *وَلَا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِن قَبْلِ أَن يُقْضَىٰ إِلَيْكَ وَحْيُهُ ۖ وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًا. اشارة لوجوده المسبق في ذات النبي صلى الله عليه وسلم. وهو القائل كنت نبيا وآدم بين الروح والجسد، و الله تعالي أعلم م. خالد الطيب أحمد