بالأمس نقلت الصحف أن شرطياً اسمه بلة حسان، قطع حديث والي الخرطوم، أثناء تقديمه للنائب الأول لرئيس الجمهورية، ورئيس الوزراء، بكري حسن صالح، ليخاطب الجلسة الافتتاحية الاحتفالية للمجلس التشريعي لولاية الخرطوم، وقدم الشرطي مظلمته واضحة ضد والي الخرطوم، دون أن يهتم بمحاولات منعه من الحديث وما سيحدث له، وقال إنه لن يلين، وذكر اسمه كاملا ومكان سكنه معلنا صموده، مظلمة الرجل (الحارقة قلبو) كشك يمتلكه من سنة 1997، أزيل ظلما كما قال، العام الماضي، ويبدو حدث ذلك أثناء إعدام المحلية لكل الأكشاك دون أن تراعي قيمة تلك الأكشاك ولا حالة ملاكها في حملة سمتها إزالة التشوهات من الشوارع، وفي الحقيقة هي التشوه الوحيد الذي يجب أن يزال حتى تصبح البلد أجمل، ويبدو أن طريقة إزالة الكشك الذي يبلغ عمره 20 سنة كانت فعلا ظالمة وإلا لما رفع بله قضيته لوالي الخرطوم وبعدما يأس، قرر أن يوصلها إلى رئيس الوزراء، ولكن كيف السبيل إليه فالوصول إلى المسؤولين في قمة الدولة أمر مستحيل لمواطن عادي، وكان لا بد أن يستغل مثل هذه المناسبة فكم من مواطن ضاع حقه أمام أبواب المسؤولين . حالة المواطن حسان ليست هي الوحيدة التي تحمل مظلمة تطارد بها المسؤولين دون أن ينصفوه، ولكنه أكثر شجاعة من كثيرين سكتوا على الظلم، ولكن لأنه وحده لم يعره الوالي انتباها، ربما اعتقد أنه رجل (فاضي شغلة) لأنه يسعى خلف كشك لا تتجاوز مساحته أربعة أمتار مربعة، وهي بالنسبة له تعني الكثير الذي لا يعرفه الوالي، فهو رقيب في الشرطة ولا تمنحه الدولة راتبا يكفي لمعيشته ولا بد أن يكون لديه مصدر شريف ليعيش بكرامة أو يصبح حراميا وقد اختار أن يكون شريفا، ولكن يبدو أن الحكومة لا تريد له ذلك ولا تسمع للشرفاء ولم تعلم أنه ليس شريفا فقط وبل وشجاعا لا يرضى الظلم مثلما يفعل الآخرون حتى استمرأت ظلمهم، فالذي شجع الوالي على عدم إنصاف حسان هو ظنه أنه سيصيبه اليأس ويترك لهم حقه ويذهب كما فعل العشرات، ونحن نشهد أن هناك كثيرين أزيلت أكشاكهم مصدر رزقهم ظلما ولأنهم يعلمون أن لا أحد سينصفهم رفعوا شكواهم لرب العالمين، رغم أنهم مازالوا يمارسون نفس عملهم على الأرض في الشوارع، أين التشويه؟ في الكشك الذي يحفظ للمواطن كرامته ويحافظ على النظام، أم في إزالته التي تساعد على الفوضى وهم لم يسلبوا منهم أكشاكا بل سلبوا منهم كرامتهم وخافوا من استردادها ولكن حسان لم يخف . نقلت الصحف أن السلطات اقتادت الشرطي بله حسان في نهاية الجلسة قبل أن يدلي بإفادات للصحف خوفا من أن يصبح مادة إعلامية، وهم لا يعلمون أن الرسالة قد وصلت والرجل سجل موقفا مشرفا فعلا، وقدم درسا لأعضاء المجلس التشريعي لولاية الخرطوم (الجابوهم فزع وبقوا وجع) . ما قام به المواطن حسان يجب أن يكون ديدن كل المواطنين الذين يتعرضون لظلم المحلية وقهرها لا يجب أن يتركوا لها ممتلكاتهم حتى لو (درداقة) وليكونوا مجموعات ويناصروا بعضهم وما دام الوالي لا ينصف مظلوما فليفعلوا مثلما فعل حسان ويبحثوا عن المناسبات التي يشرفها الرئيس ورئيس الوزراء ويقدموا مظالمهم حتى يعلموا أن الوالي ومعتمديه السبعة يظلمون المواطنين ويتسببون في قطع أرزاقهم، والكل يشكوا منهم، حسان لم يبحث عن الكشك فقط فهو يريد أن يسترد كرامته ونرجو أن ينصف ويكرم فهو مواطن مثالي. نحتاج كلنا لأن نكون شجعان مثله. التيار