* أزمة الطلاب السودانيين المنتمين لإقليم دارفور بجامعة بخت الرضا؛ بدأت صغيرة لدرجة أنها كانت غير مدركة لمعظم قطاعات الشعب؛ ثم تفاقمت الأزمة بصورة لافتة؛ لنشهد أكبر استقالة جماعية في تاريخ السودان.. فأن تزيد الاستقالات عن الألف طالب (دفعة واحدة) مؤشر على وعي متقدم لأولئك الطلاب الذين قدموا درساً لأعداء الشعب السوداني المستوطنين بقصور الخرطوم؛ كما قدموا درساً للشعب نفسه (بأن الوحدة تصنع المستحيل).. والوحدة هزمت عجرفة النظام العنصري هزيمة معنوية نكراء ترجمها احتشاد هذا النظام بالحقد اللاهب تجاه الطلاب.. إن شعور السلطة بالبلبلة إثر هذه الاستقالة التاريخية جعلها تكابر بالصمت لأيام ولا تسعى لحل المشكلة غير المعقدة..! السلطة تعتبر أن هؤلاء الطلاب المنتمين إلى إقليم لم تهدأ ثورته العادلة ضدها؛ يستحقون منها التعنت والتعريض للإذلال جزاء لجرأتهم غير المسبوقة.. والسلطة التي تستهدف طلاب دارفور كاستهدافها لكافة الجهات بالتجهيل والترويع والتجويع، يبدو أنها كانت تصطنع سبباً لتنتقم من جميع الطلاب الذين استضافهم الشيخ الياقوت وأهل قريته الكرماء.. ولا انتقام لجبار القصر الجمهوري واتباعه يعادل تشتيت طلاب دارفور (تحديداً) إلى مختلف متاهات الضياع.. لولا هذه النوايا السيئة لأجهزة حكومة البشير (العنصري) لتم حل الإشكال قبل أن تصل الجموع الطلابية إلى قرية الياقوت.. والمشهد في الياقوت ينبيك بأن السودان كله قد ضاق بسبب شرذمة أنذال يحكمونه.. وكم هو مضلل أن نسمع بعض العبارات تختزل الأزمة في الجامعة.. فجامعاتنا تظل مثل بقية المباني محكومة بالتنظيم المتأسلم (التمكيني؛ الفاسد؛ الفاشل؛ الكذاب) لولا ذلك لصارت مثل غيرها من جامعات الدنيا؛ بلا مكدرات للطلاب؛ هذا بغير كدرها الرهيب باحتضان المهووسين والمتطرفين والقتلة..! * نعم.. انهزمت السلطة في الخرطوم بالموقف البطولي لطلاب دارفور الأشاوس حتى أصاب الفحيح قواتها.. وكاد حقدها أن يفتك بهؤلاء العزل لولا أن عزل الشيخ الياقوت شرها بحكمته وسعة صدره؛ فاستضاف أبناءً ينتمون لهذا السودان كانتماء الخلايا للإنسان..! لكن سلطات الرئيس طريد العدالة وبدلاً من تخفيف مصيبة الطلاب أرادت أن تعاملهم كغرباء؛ فحشدت لهم من القوات ما يكفي لتحرير حلايب..! هكذا استبان عار حكومة البشير مقابل نبل قرية الياقوت وأهلها البررة؛ باحتضانهم الجميل لضحايا (الغرباء الحاكمين)..! * يوم الخميس الماضي.. مرّت علينا لحظات مؤثرة في طريقنا من الخرطوم إلى ولاية النيل الأبيض؛ مروراً بمنطقة جبل أولياء التي تبدأ منها الأرتال العسكرية استعداداً للطلاب المستقيلين تحت ضغط الاستفزاز..! وقفنا في قرية الياقوت حيث يصدمك مشهد شباب لن تصدق من أول وهلة أنهم سودانيون أصلاء يدفعون ثمن سودانيتهم لا غير؛ وبأفعال حكومة تكره الشعب! سودانيون صبروا على قسوة النظام القذر بتحدٍ.. صبروا على قطيع (الكيزان) العنصريين الجهلة داخل نظام الإبادة الجماعية..! * بانتهاء سيناريو الطلاب عند نقطة الياقوت دون حل لمشكلتهم البسيطة؛ ومنعهم من دخول عاصمة بلادهم؛ ثم مغادرتهم مكسوري الخاطر إلى ديار عِزِّهم في دارفور؛ بانتهاء هذا السيناريو السلطوي الخبيث شعرت حكومة الدكتاتور في الخرطوم بأن الصلف قد حقق لها نصراً مؤزراً على (أعدائها) من الشعب السوداني..! إن الدكتاتور وجماعته المأزومة لا يُنتظر منهم حلاً لمشكلة (جامعة صغيرة) هُم أسيادها..! هل يعشم أحدنا بأن المأزومين سيحلون أزمة إقليم؟! فليفرحوا مؤقتاً بنصرهم المتوهم على طلاب عُزّل كانوا يحرقون أعصابهم؛ دافعهم الأمل من أجل المستقبل؛ رغم الظلمة الكثيفة.. وغداً تدور الدوائر على الباغي..! أعوذ بالله عثمان شبونة الجريدة الصفحة المحظورة.