يوم الخميس الماضي كتبت في هذه الزاوية – بخت الرضا والعرض مُستمر – على خلفية الأحداث التي تدور في هذه الجامعة، وفعلاً العَرض استمر.. فقبل أن تنتهي مُشكلة بخت الرضا التي أقَامَت الدنيا ولم تقعدها حتى الآن، دخلت في الخط جامعة النيلين، حيث تَمّ تعليق الدراسة في كلية الصيدلة إلى أجلٍ غير مُسمّى على خلفية حرمان بعض الطلاب من الجلوس للامتحان بسَبب الغياب حَسب اللائحة، واحتج الطلاب باعتبار أنّ عَدَد مَرّات الغياب غير محسوبة بدقة، وأنّ الحرمان شَمَلَ بعضاً من الطلاب لم يغيبوا، وهذا كَلامٌ لا يُمكن تَصديقه.. طلاب الصيدلة احتجوا ويبدو أنّهم يُريدون تصعيد المشكلة، فاتخذت الكلية قراراً بتعليق الدراسة لأجلٍ غير مُسمّى حرصاً على سلامة الطلاب والجامعة نفسها، وأعتقد أنّ إدارة الكلية وحدها من يُمكنها أن تُقيِّم الموقف، فحقيقة انّ طلاب الجامعات أصبحت عينهم (قوية) أكتر من اللازم والحق ليس عليهم، بل على الحكومة التي أضعفت الجامعات بسياساتها لدرجة أنّ الطُّلاب أصبحوا لا ينصاعون للوائح، (والتسوِّي بإيدك بغلب أجاويدك). كَثيرٌ من الجامعات في لوائحها تحرم الطلاب من الجلوس للامتحان في حَالة غياب عَدَدٍ مُحَدّدٍ من المُحاضرات ومُؤكّد أنّ في الأمر مصلحةً للطلاب، واللائحة نفسها تقول الغياب من غير عذر وأيِّ عذر يُمكن إثباته، فما الصّعب أن يأتي الطالب بما يثبت أنّه غَابَ لعذرٍ ما، ولكن خلال السنوات الماضية ونتيجةً للفوضى التي ضَربت الجامعات، يغيب الطلاب كما يريدون ثُمّ يأتون أيام الامتحان ويجلسون عادي، بَل الجَامعات نَفسها وجدت العُذر للطلاب وابتدعت لهم ما يُبرِّر الغياب، ولذلك تعلّم الطُّلاب أساليب التُّحايل على اللوائح وأصبح الطَالب يدرس 4 أو 5 سنوات دُون أن يرى الجامعة كثيراً خاصةً الكليات الأدبية، الآن تحتاج الجامعات لفرض هيبتها من جديدٍ ودُون التطبيق الصارم للوائح لا يَستقيم الأمر. جميلٌ جداً أن لا تنصاع كلية الصيدلة جامعة النيلين لاحتجاجات الطلاب، فهي جامعة وليست سُوقاً ولا يَجب أن تَتَسَاهل مع الطُّلاب في تَطبيق اللوائح ولا تتفاوض معهم، لأن تطبيق اللوائح بحسمٍ هو في حد ذاته تأهيل لهؤلاء الطلاب، فمن تعلّم أن يُخالف اللوائح ويلف ويدور عليها سيصبح الأمر بالنسبة له عادةً مُستقبلاً ويصبح إنساناً ضاراً بالمُجتمع، لأنّ اللائحة كالقانون ومن خالف اللوائح سيُخالف القوانين، ولا أعتقد أننا بحاجة لنشرح مأساة السودان التي يُواجهها بسبب انتهاك القوانين في مناحي الحياة كَافّة. عموماً أخاف ما أخاف أن يتدخل الساسة وكبار المسؤولين بالتوسط للجامعة وحَلّ المشكلة والسماح للطلاب الذين لم يحترموا اللائحة بالجلوس للامتحان، ومن هنا يبدأ الخطأ أو فلنقل هو يتكرّر.. ولا شك أنّ كل المواطنين الآن يُراقبون ما يحدث في جامعة النيلين ويتوقّعون أن تُحل المُشكلة بتكسير اللائحة وانتصار الطلاب، خَاصّةً إذا كان أحد الطلاب يتبع للاتحاد أو ابن مسؤول كبير والبقية بجاه الملوك!! نتمنّى أن تستمر الجامعات في تطبيق اللوائح بحسمٍ.. ونتمنى أن يصمد مديرو الجامعات وعُمداء الكليات.. ونتمنى جداً ألاّ يتدخّل السادة المسؤولون والسياسيون في الأمر.. فلتمضي اللائحة على الطلاب حتى يتّعظوا ويتّعظ الذين يأتون من بعدهم!! ويكفي ما تُعانيه الجَامعات من فقرٍ وسُوء حالٍ، فهي تعمل بآخر نَفَسٍ ولن تتحمّل المزيد من الفوضى، وتطبيق اللوائح يقويها ويُحصِّنها من الفوضى. التيار