أبل الزيادية ام انسان الجزيرة    الفاشر ..المقبرة الجديدة لمليشيات التمرد السريع    وزير الداخلية المكلف يستعرض خلال المنبر الإعلامي التأسيسي لوزارة الداخلية إنجازات وخطط وزارة الداخلية خلال الفترة الماضية وفترة ما بعد الحرب    الزمالك يسحق دريمز في عقر داره ويصعد لنهائي الكونفيدرالية    سان جرمان بطلا للدوري الفرنسي.. وعينه على الثلاثية    أرسنال يحسم الديربي بثلاثية    إيران تحظر بث مسلسل "الحشاشين" المصري    طباخ لجنة التسيير جاب ضقلها بكركب!    شاهد بالفيديو.. سائق "حافلة" مواصلات سوداني في مصر يطرب مواطنيه الركاب بأحد شوارع القاهرة على أنغام أغنيات (الزنق والهجيج) السودانية ومتابعون: (كدة أوفر شديد والله)    نائب وزيرالخارجية الروسي نتعامل مع مجلس السيادة كممثل للشعب السوداني    السودان..توجيه للبرهان بشأن دول الجوار    وزير الصحة: الجيش الأبيض يخدم بشجاعة في كل ولايات السودان    شاهد بالصورة والفيديو.. طلاب كلية الطب بجامعة مأمون حميدة في تنزانيا يتخرجون على أنغام الإنشاد الترند (براؤون يا رسول الله)    شاهد بالفيديو.. الفنانة ندى القلعة تواصل دعمها للجيش وتحمس الجنود بأغنية جديدة (أمن يا جن) وجمهورها يشيد ويتغزل: (سيدة الغناء ومطربة الوطن الأولى بدون منازع)    شاهد بالصور.. بالفستان الأحمر.. الحسناء السودانية تسابيح دياب تخطف الأضواء على مواقع التواصل بإطلالة مثيرة ومتابعون: (هندية في شكل سودانية وصبجة السرور)    يس علي يس يكتب: روابط الهلال.. بيضو وإنتو ساكتين..!!    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الأحد    جبريل إبراهيم يقود وفد السودان إلى السعودية    سعر الدولار مقابل الجنيه السوداني في بنك الخرطوم ليوم الأحد    تجارة المعاداة للسامية    رئيس حزب الأمة السوداني يعلق على خطوة موسى هلال    سرقة أمتعة عضو في «الكونجرس»    بايدن منتقداً ترامب في خطاب عشاء مراسلي البيت الأبيض: «غير ناضج»    استجابة للسودان مجلس الأمن يعقد اجتماعا خاصا يوم الاثنين لمناقشة العدوان الإماراتي    تدمير دبابة "ميركافا" الإسرائيلية بتدريب لجيش مصر.. رسالة أم تهديد؟    دبابيس ودالشريف    حسين خوجلي يكتب: البرهان والعودة إلى الخرطوم    بمشاركة طبنحة و التوزة...المريخ يستأنف تحضيراته    شاهد بالصورة.. بعد أن احتلت أغنية "وليد من الشكرية" المركز 35 ضمن أفضل 50 أغنية عربية.. بوادر خلاف بين الفنانة إيمان الشريف والشاعر أحمد كوستي بسبب تعمد الأخير تجاهل المطربة    قوة المرور السريع بقطاع دورديب بالتعاون مع أهالي المنطقة ترقع الحفرة بالطريق الرئيسي والتي تعتبر مهدداً للسلامة المرورية    لماذا لم تعلق بكين على حظر تيك توك؟    السينما السودانية تسعى إلى لفت الأنظار للحرب المنسية    بيان جديد لشركة كهرباء السودان    سوق العبيد الرقمية!    أمس حبيت راسك!    دخول أول مركز لغسيل الكلي للخدمة بمحلية دلقو    والي ولاية الخرطوم يقف على إنجاز الطوف المشترك لضبطه متعاونين مع المليشيا ومعتادي إجرام    شركة توزيع الكهرباء في السودان تصدر بيانا    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    لطرد التابعة والعين.. جزائريون يُعلقون تمائم التفيفرة والحلتيت    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    الملك سلمان يغادر المستشفى    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    تطعيم مليون رأس من الماشية بالنيل الأبيض    أفراد الدعم السريع يسرقون السيارات في مطار الخرطوم مع بداية الحرب في السودان    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أفكَار ومُقترَحات حُلُول للمَأسَاةِ الإنسَانِيَّةِ فى دارفور (الأخير)
نشر في الراكوبة يوم 01 - 08 - 2017

تناولتُ فى الأجزاءِ السَابقة مأساة النازحين دآخِلياً واللاجئين من مُوَآطِنى دارفور. والآن بصدَدِ تقدِيمِ أفكار ومُقترحَاتِ حُلُول، والتحدِّيات التى توآجِهُ ذلك:
. أفكار عَامَّة تُمهِّدُ وتُعينُ على الحَلِّ:
أن يقُومَ كُلِّ طرف من أطرافِ الحرب، مُنفَرِدَاً، بإزَالَةِ العوآئق التى وضَعَها لتأزيِّم مأساة النازحين دآخلياً فى دارفور. ويقتضى ذلك أن تقومَ حكومة السودان، دون إبْطَاء، بإنهاءِ الأوضاعِ الخَاطِئةِ التالِية:
1. خنْق النازحين فى المعسكرات والتضييق عليهم وإذلالِهم:
ويقتضى ذلك خلق مناخ آمن واتاحة ظروف حياة أفضل فى المعسكرات وإبعَادِ الجنجويد وقواتِ الدعم السريع من دآخلِ وحولِ المعسكرات. ومُضَاعفَةِ حِصَص الطعام والدواء، وأيلولةِ مسؤولية الأمن فى المعسكرات لقُوَّةٍ مُشتركة من قُوَّاتِ (يوناميد) وفصائل الحركات التِّى دخلت فى سلامٍ مع الحكومة، وذلك لحينِ التوصُّلِ إلى حلِّ شآمِل مُتفَاوض عليه فى قضيَّةِ دارفور.
2. الأمن أوَّلاً:
إقليم دارفور مُحتَل تمَامَاً من مليشاتِ الجنجويد وقوَّاتِ الدَعْمِ السَرِيع، ويعامِلُونَ الموَآطنِين بقَسْوَةٍ ومهَاَنة وإحتقار. وهناك حالات إستخدَامِ للمُوَآطِنين فى ولايةِ غربِ دارفور لدرجةِ السُخرة (Forced Labor) والإسْتِعبَاد (Servitude)، حيث يقوم هؤلاء بإستخدام مُلَّاكِ الأرضِ لحرثِ أرَآضِيهم لمصلحةِ الجنجويدى المُحتلِّ فيأخذُ كلَّ الغَلَّة ويمنَحُ (المَالِك/ العامِل)عطِيَّةِ مُزَيِّن أو أقَلَّ.
هذه هى الحقائق التى يسكتُ عنها الناس على أملِ أن تنتهى بسرعة، ولا بُدَّ للحكومة من إنهَاءِ هذا الوضعِ الشَاذِّ وطردِ هؤلاء الجنجويد من أرَآضِى المُوَآطِنين وأن يتعهَّدُوا بعدَمِ دخُولِها لأنَّ ذلك جريمة فى القانون الجنائى السودان تُسَمَّى "الإعتداءُ على أرْضِ الغير" أو (Trespass on land).
لذلك، من أهمّ وآجِباتِ الحكومة نحو حَلّ مُشكِلة دارفور، أن تقومَ دون إبطاء بإنهاء حالة إحتلالِ الأرض بعد ضربِ الموَآطِنين وطرْدِهم من إرْضِهم، وتهْجِيرِهم قَسْرَاً، وإدخَالِهم فى المُعسْكَراتِ وإحتلال أرَآضِيهم.
3. عوَدَةُ مُنظَّمَات الإغَاثَة الدولِيَّة:
يجِبُ على حكومَةِ السودان ولمصْلَحَتِها الخَاصَّة، إبدَاءِ حُسْنِ النِيَّةِ. وفى إطَارِ تنظِيفِ أيْدِيها المُلَطَّخَة بالسُوُءِ، أن تُقَرِّرَ فورَاً بإرَادَةٍ مُنفَرِدَة عوْدَةُ مُنظَّماتِ الإغَاثة الدولِيَّة التِّى طردَتها من دارفور فى بدايةِ مارس 2009م. لتعود للقيامِ بمَهَامِها الإنسانية دونَ قيدٍ أو شرْط. لأنَّ فى السمَاحِ بعوْدَةِ المنظمات إنْهَاء مُبَاشِر لحَالَةِ خنْقِ النازحين لإهلاكِهم التى وضعت حكومة السودان ورئيسُها تحت طائلة المادة 6(ج) من نظامِ روما 2002م التى أضافت خمس تُهَم جديدة لرئيس السودان ضِمْنها التطهير العِرقى (جينوسايد). وفى عودةِ المنظمات لدارفور نزعٌ لفتِيلِ التحَدِّى غير المُبرَّرِ الذى أشْهَرَهُ حكومة السودان ضَدَّ المجتمع الدولى منذُ 2009م، ويتَّسِقُ مع جهودها للخروج من مُعسكرِ الشَرِّ، والتطبيع مع المجتمع الدولى ليرفع عنها العقوبات وتحذِفها من قوَآئمِ رِعاية الإرهاب.
. وعلى الحركاتِ المُسلَّحةِ مُرَآجعة الآتى:
1. هل يتعامَلُ قادَةُ الحركات المُسلَّحة مع الرَآهِن بوآقِعيَّة؟
أغلب القادَة العسكرِيِّين للحركاتِ إنْسَلخُوا ودخلُوا فى اتفاقاتِ جزئية مع الحكومة. و(رُؤسَاءُ) الحركات فى موآقِفِهم ولا يحَرِّكُونَ سَاكِنَاً، وكوادرها السياسية تعلنُ خُروجِها إحتجاجاً على سوءِ الإدارة، والرؤساءُ مُتمسَّكُونَ بكرآسِى الرئاسة، ويعيدُون تشكيل صفوفهم كلَّ حين بالمُوَآلِين من أفرادِ أسَرِهم، ويُخَوِّنُونَ الذين خرَجُوا، ويمْهَرُونَ بيانات إنكِفَائِهم بنفسِ شِعَارَاتِ العام 2005م ثُمَّ ينكَفِئُونَ على أنْفُسِهم أكْثر، فى إنتظارِ المجهُولِ.
2. تمكَّنَت الحكومة من قلبِ الحربِ فى دارفور إلى قتال دارفورى/ دارفورى بين أبناء دارفور فى الطرفينِ. فمن جِهَةِ الحُكومةِ المُقاتلِين من أبناءِ دارفور(جنجويد ودَعْمِ سريع)، ومن جهةِ الحركات المقاتلين من أبنَاءِ دارفور. وبذلك فقَدَ القِتَالُ بين الهامش (المظلُوم) والمركز (الظَالِم) طعمَهُ، ومَاتَ الدَآفِعُ إليه.
وحَتَّى البيان المنسُوب للناطِقِ بإسمِ قُوَّاتِ الدعمِ السريع حولَ أزمة طلاب جامعة بخت الرضا تَمَّ سحبُه وإنكاره رغم أنَّهُ بيان عَادِى للغاية، ويمكن أن يصدُرَ من رئيس السودان نفسه لو أنَّ الظُلمَ العنصرى الذى وقَعَ على طُلَّابِ دارفور قد وقَعَ على طُلَّابِ (حوش بانَّقا) مثلاً، أو على طُلَّابِ قرية (صَرَآصِر) بريفى طَابَت بولاية الجزيرة.. بيان فى سِيَاقِ التعبِيرِ عن مَظْلَمَة وقَعَت على طُلَّاب فى جامعةٍ سودانية. ويمَاثِلُ تمَامَاً رَدَّة فعل السودان على الظُلمِ الذى وقع على موآطِنِ سودانى فى مدينةِ المُوصِل بالعِراق، فتدخَّلت الخارجية السودانية لنُصرَتِه، وضمَانِ سَلَامتِه. فإستجَابت دولة العراق فوراً، وقامت بإجراءاتٍ لتصحيحِ الخطأ ورفعِ الضَيْم عن المَجْنِى عليه. ورُغمَ إنِّى لا أؤمن بتلكِ المُعَالجة المُتَّسِمَة بالنِفَاقِ، وأضعُ جُلَّ اللوم على الدارفورى الذى ذهبَ ليعيش فى مَنْبَعِ العُنصُرِيَّة. وماذا يفعلُ بجنسيةِ دولة تدْمِنُ العنصُرِيَّة لأىِّ سبب، ولو أخرَجَ لهم يومها الجنسية العراقية لما خففت عنه العذاب، لأنَّ الجنسية العِراقيَّة لن تُصيِّره عِراقياً. فليعُدْ إلى دارفور ويقضِ بقِيَّة حيَاتهُ مع أسْرَته، وكُلِّ أفريقيا السَمْرَاء المُمتَدَّة من كُوُش إلى كيب تاون بيته، لكنَّه إخْتَارَ أنْ يكُونَ غنَمَاً قَاصِيِة فأكلتْهُ ذِئَابٌ لا ترْحَمُ. وقوات الدعم السريع التى تتكوَّنُ من أبناءِ دارفور همّ الوحيدين الذين نكَرُوا بيَانهم طوَعَاً أو كُرْهَا، خوْفَاً أو طَمَعَاً. وقادَةُ الحركات المُسلَّحة ما زالوا يعيشون بعقُولٍ قدِيمَة موديل 2005م، ولا يقدِّمُونَ حلول للوآقعِ الرَآهِن. فيجِبُ عليهم العمل لوقفِ الحرب التِّى لا يمُوتُ فيها غير أبناء دارفور ليتخلُّصَ المرْكَزُ مِنْهُم جمِيعَاً.
3. مُتلَآزِمَة عدم تقدِيمِ حُلول إنتقَلَت للفصَائلِ الَّتِى خرجت من الحركاتِ وتوحَّدَت لمُوَاصَلةِ المَسِيِّرَة. فإحذَرُوا أن تكرِّرُوا أخطَاءُ الحركات التى خرَجْتُم منها، يجِبُ عليكم تقديم أفكار ورُؤى وبرَآمِج وخُطَط عمِلِيَّةِ تثْبِتُ الفرقَ بينكم وبين القيَادَاتِ القدِيمة، فلا تكونُوا صُورَة منهم. ولا يُسْتَسَاغُ أبدَاً أن تتوَحَّدَ ثلاثَةِ فصَائل وتعلِنُ فى شهَادَةِ ميلَادِها أنَّها تعتَمِدُ القِتال (وَحْدَهُ) وَسِيلة لتحقِيقِ أهدَآفِها!؟. عن أىِّ أهدافٍ يتحدَّثُون؟ والقِتَال فى معارِك "عشيراية" و"وآدى هَوَرْ" دماءُ شهداءنا فيها لم تَجِفَّ بعد، وما زالت أكبادَهم رَطِبَة، ولا نعرِفُ الهدَفَ من تلك المَحَارِقِ لأفْضَلِ وأشْجَعِ أبطال جيش تحرير السودان. وما الجديدُ الذى يُبَشِّرُ به قادَةُ الحِلف الجديد المُوَحَّد؟. لا بُدَّ لإىِّ جسمٍ جديد مُنْدَمِج أو مُتحَالِف أن يُقدِّمَ أهداف وبرآمِج الوُحدَة أو التحالف قبل أن يعلنَ وَسَائِلِ تحقيق تلك الأهداف. ولا يتوقع النَّاسُ من أىِّ جسم جديد أن يكَرِّرَ نفسِ أخطاء سلَفِهِ الذى خرجَ منهُ، ويرتبطُ بأخطاءه إرتباطِ الحِذاءِ بالقَدَمِ، ويعَمِّقُ مأساة دارفور.
4. أن يعلمَ الجميع عِلم اليقِين، أنَّ أهلَ دارفور قد ضَاقُوا ذَرْعَاً بوَيْلاتِ القِتَال، وقلبت حياتهم إلى جحيمٍ بلا مُقَابل. لأنَّ الحربَ طالت، وقضت على الأخضَرِ واليَابِس، ولأنَّها عمَّقَت مأساة معسكراتِ الذُلِّ الهَوَان. ولأنَّ الحربُ قد تغيَّرَ أطرَافُها من حربٍ بين الهامش والمركز تُرَاقُ فيها كلِّ الدِمَاء، إلى حربٍ حصْرِية لأبْنَاءِ دارفور، يسفِكُونَ دمَاءَ بعضِهم!. ونجدُ البلْسَمَ فى الكلماتِ التِّى نطَقَ بها الرفيقُ الأسير يوسف أبوكِليو، كلمات بمثابةِ وقفِ إطلاق نار فى حربِ دارفور لا مُسوِّغ لإطلاقِ طلقَة وآحِدَة بعدها. قال يوسفُ: (نحنُ نتقاتلُ هنا فى دارفور، وكلَّنا فى الطرفين أبناء دارفور، ولا أحدَ غيرنا نحنُ يأتِ ليمُوت هنا.. فيجِبُ أن نضَعَ حَدَّاً لهذا النزِيف بينَنا.. يجبُ أن نبحثَ عن حَلِّ غير هذا). ويجبُ أن تكُونَ كلمَاتِ الرفيق يوسف آخر رُوشِتَّة لدَآءِ الحربِ القِتَالِيَّة فى دارفور.
ومن قادَةِ الحركات المسلحة فى دارفور من هُم "أُمَرِاء حرْب War Lords" لا قِيمَة لهم تؤهِّلُهم للقِيادَةِ والسمُوِّ غير إرَاقَةِ دِمَاءِ الثُوَّار والإرتزَاقُ على أرْوَآحِهم لينَالُوا بها المَالَ، وليتَبَوَّأوُا الوظَائِف، ويتصدَّرُوا المجَالِس.
5. وجُوب إقرار جميع الأطراف بأهْلِيَّةِ قطاعاتِ النازِحينَ واللاجِئين، وحَقِّهم فى تمثيلِ أنفُسِهم، والمشاركة فى كافَّةِ المِحَافِلِ والمَنَابر التى تعمَلُ لإيجادِ حَلِّ لمُشكِلةِ دارفور الإنسانية والسياسية. ومُساعدَتِهم لتنظِيمِ أنفُسِهم وتمثيلِ قِطَاعاتهم. وأن تعلِنَ قطاعاتِ النازحين واللاجئين حِيَادها التام فى الصِراعِ المُسلَّح القَائِم، والتركيز على أنَّهم ضحايا حرب لهم حقوق، والعملُ مع المجتمع الدولى والإنسانى لتجاوُزِ مِحنتِهم الرآهِنة والعودة إلى مناطقهم ومُمارسة حياتهم فى ظروف آمِنة يسُودُها الإستقرار والنمَاء. ويقتضى ذلك أن يلتزمَ أطرافُ النزاع المُسلَّح بإنهاء حالة إستقطاب النازحين وإستخدَامِهم.
. مُقترحَات حُلول:
1. وقف الحرب فوراً:
على قادةِ الحركات المُسلَّحة اتخَاذِ قرار عآجِل وإستراتيجى بوَقفِ القِتَال. والتحوٌّلِ إلى الحربِ الحقيقية، حربِ الرُؤى والأفكار والمَفَاهِيم. وأنْ يقدِّمُوا أنفُسِهم للشعبِ السودانى والعالم أجْمَع فى ثوْبٍ مَدَنِى بدونِ (كدْمُول) وبُندُقِيَّة. وحرَبُ الأفكار والرُؤى والمفَاهِيم هى الأصلُ والهدفُ الإستراتيجى، بينما حربُ القتال بالسِنَانِ وَسِيلة لتحقيقِ غاية هى تغيير الأفكار والمفاهيم والرؤى والسياسات الظالمة الَّتِى حَكمَت السودان منذُ الإستقلال. والقِتَال بالسِلاح فى حرُوبِ السودان لم يُدخِلهُ ثوَّارُ الحُرِيَّة Freedom Fighters بل هى وَسِيلة حكومات المركز لقَمْعِ حركات التحرُّرِ بعدَ تسمِيتِها (تمَرُّد) لتجرِيمِها وضربها فى مَهْدِها، وحرْقِ الإقاليم التى قامت فيها حركات التحرُّرِ الوطنى. وحكومات المركز تقمْعُ ثوْرَات الهَامِشِ لأنَّها تكْشِفُ زِيف الدولة السودانية، دولة بلا هُوِيَّة وطنِيَّة، والموَاطنة فيها مُتدَرِّجة وحُرِّيَّات وحقوق إنسان مُصَادَرة، ونظام حُكم مركزى يجمعُ السُلطات بيَدِ أقَلِّية فِئةِ الجَلَّابة.
لا بُدَّ لأبناءِ دارفور وقْفِ الحرب فوراً لتوحِيدِ جُهُودِهم وأفكارِهم وآراءِهم حول إمكانية العيش المُشترك مع جلَّابة المركز بعنصُريتهم وظلمهم كمحُدِّد أساسى لثقافتِهم، أو الإنفصال بكرَآمَة بلا مزيد من حروبٍ ودِمَاء ومَآسِى. وإعادة بناء دولة (سلطنة) دارفور بمفَاهِيم حديثة مع التحوُّطِ للمخَاطِرِ والتحَدِّيات التى توآجِهُ الإنفصال، فيجبُ حُسنَ توقِيتِه لضمَانِ نجاحِه، والإستفَادَةِ من تجرُبةِ دولة جنوب السودان التى تعجَّلت الإنفصال ولم تتحسبُ جيداً لعَوَآقِبِ الإستعجال.
2. الفصل التام بين المأساة الإنسانية والقضِيَّةِ السياسية:
يجبُ الفصلُ التام بين مأساة النازحين واللاجئين كمَسْألة إنسانية عاجلة ومُلحَّة، وبين العملية السلمية الشاملة لأزمَةِ الحُكمِ فى السودان، وحالَة المُرَاوَحة ومكَانَك سِرْ التى تعتَرِيهَا منذ أبريل 2004م.
3. أنْ يُمثِّلَ النازحين واللاجئين أنفُسِهم:
النازحين واللاجئين قطاعات ذات "أهْلِيَّة" كآمِلَة، ويجبُ أنْ يمَثِّلُوا أنفسَهم عبر ممثِّلِيهِم فى أىِّ عملِيَّةٍ سِلمِيَّة حول مُشكِلتِهِم. ويجِبُ الإعْترَاف بهم من جميع الأطراف والشركاء، ومسَاعدتِهم فى بناءِ هَيَاكِلِهم، وموَآقِفهم التفَاوُضِيَّة.
4. شمُول الحَلِّ لتحقِيقِ سَلامٍ عَادِل وشآمِل:
أىِّ اتفاق يتم التوصُّل إليه بين حكومة والحركات دون حَلّ مُشكِلَة النازحِين واللاجئين لا يُحقِّقُ سلام على الأرضِ فى دارفور لأنَّ النازحيِّنَ لا يعترِفُونَ به. وأىِّ مُحاوَلة مُنْفَرِدة من حكومةِ السودان لحلِّ مُشكلَةِ النازحِين وتفرِيغِ المعسكرات لا يُنهِى الأزْمَة لأنها ستفتَقِرُ إلى الأمْنِ والقبُولِ من بقِيَّةِ الأطرَاف. لذلك حلّ مأساة النازحين يجِبُ أنْ يكُونَ عبر عملِيَّة سِلمِيَّة ذات ثلاثة أطراف هى الحكومة والنازحيين واللاجئين والحركات المسلحة، والمجتمَع الدولى كشريك أساسى فى عمليةِ وصُولِ الأطراف لاتفاق وضامن لتنفيذِه، وشريك أساسى فى توفير الموَآرِد لإنجاح الملف الإنسانى. وأىِّ حُلول آحادية أو ثنائية تعيدُ إنتاج الأزْمَة.
. التَحدِّيات التى توَآجِهُ الأطراف لإنْهَاءِ الحربِ والمَأساةِ الإنسانية فى دارفور:
1. عدمِ إلتزام الحكومة بتنفيذ ما يليها من إلتزامات وهى: بسطِ الأمن، وفكِّ الخِنَاق عن المعسكراتِ، وإنهَاء إحْتِلالِ أرْضِ دارفور وإخلاءِها من الجنجويد، وإعادة منظَّمات الإغاثة الدولية التى طردَتهم فى مارس 2009م. وفى هذه الحالة يجِبُ وأن يلجَأ أبناء دارفور لخِيارِ الإنفصال وإعلانه للأممِ المُتحَّدِة والإتحاد الأفريقى والدول الصديقة فى المجتمع الدولى، وتكوين أجسام تخدِمُ الهدف. والعمل لتسلِيمِ مُهِمَّةِ تأمِين ورعايةِ النازحين دآخِليَّاً لقُوَّةٍ دولِية من المجتمع الدولى بعيداً عن معسكرات (هولوكوست) الهلاك القائِمة الآن فى دارفور.
2. إصرار الحركات المسلحة على الأجندة الحربية التى تفاقِمُ من سُوءِ الأحوالِ الإنسانية، وفى هذه الحالة يجب على المجتمع الدارفورى أن يمارسَ الضغط على قادة الحركات أُمَراءِ الحربِ للجُنوحِ للسلامِ.
3. أن تقنِعَ حكومة السودان أمريكا برفعِ العقوبات الإقتصادية عنها وحذفِها من قائمَةِ الدُوَلِ الرآعية للإرهاب، فتعُودُ العافِيَةُ للحكومة فتعُودُ لخِصَالِها القديمة وتُوآصِلُ الحربَ فى هوَامش السودان وتواصلُ خنق النازحين فى معسكرات الموت الجماعى، وإلى التدَخُّلِ فى شئونِ دُوَلِ الجُوارِ لزعزعةِ أمْنِها.
(أريدُ الخُرُوجَ من هذا الثُقبِ، كى أتنفَّسَ بعض الهَوَاء) نزار قبَّانِى..
أقولُ قوْلِى هذا، وإستَغْفِرُ الله العظيم الذى لا إله إلَّا هو الحَيُّ القَيُّومُ وأتُوبُ إليه، عددَ خَلْقِه ورِضَا نفْسِهِ وزِنَةَ عَرْشِهِ ومِدَآدَ كلِمَاته. وصَلَّى اللهُ على سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ الفَاتِحُ لِمَا أُغْلِق والخَاتَمُ لِمَا سَبَق، ناصِرُ الحَقَّ بالحَقِّ والهَآدِى إلى صَرَآطِك المُستقِيم، وعلى آلِه حَقَّ قَدْرِهِ ومِقْدِآرِهِ العِظِيم.
عبد العزيز عثمان سام


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.