العلم والجهل في الإنسان : الشيخ محي الدين بن عربي رحمه الله ذكر في كتابه فصوص الحكم ان العلم والجهل من مظاهر كمال الانسان حيث قال ( وهذا العلم كان علم شيث عليه السلام وروحه هو الممدّ لكل من يتكلّم في مثل هذا من اﻷرواح ما عدا الخاتم فإنّه ﻻ يأتيه المادة إﻻّ من الله ﻻ من روح من اﻷرواح، بل من روحه تكون المادة لجميع اﻷرواح وإن كان ﻻ يعقل ذلك من نفسه في زمان تركيب جسده العنصري. فهو من حيث حقيقته ورتبته عالم بذلك كله بعينه، من حيث ما هو جاهل به من جهة تركيبه العنصري . فهو العالم الجاهل، فيقبل اﻻتّصاف باﻻضداد كما قبِلَ اﻷصلُ بذلك، كالجليل والجميل، وكالظاهر والباطن واﻷول واﻵخر وهو عينه ليس غير. فيعلم ولا يعلم، ويدري وﻻ يدري، ويشهد وﻻ يشهد . ) فتامل رحمك الله في كلام الشيخ وعرفانه وكيف وصف الولي الخاتم بالعالم الجاهل في معرض كلامه عن كمال ذلك الولي الكامل الذي ماصح الكمال بالاصالة لغيره. وذلك لانه الخليفة بالاصالة وهو علي تمام الصورة. فكان من كماله التحقق بالاضداد بالعلم وبالجهل فهو العالم الكامل وكذلك الجاهل الكامل فلم ينقص علمه من جهله شيئا ولا العكس. ولذلك فالإنسان الكامل جامع الاضداد ولابد له ان يكون كذلك. ولابد ان يكون متحققا بالكمال في االشئ وضده في العلم والجهل مثلا. من حيث انه صورة الرحمن كما ورد في الاثر الشريف. فالعلم والجهل بهذا النعت صفتان متكاملتان بمعني ان العلم بالشئ يقتضي التحقق بالجهل به. فالعالم عارف بالصفتين. اما الجاهل فقد تحقق بالجهل والعلم مكنوز في حقيقته فهو متحقق بالعلم بالشئ وضده من حيث حقيقته، وتحقق بالجهل وحده من حيث وجوده العنصري، وهنا يبدو تميز العالم في الحياة المادية عن الجاهل، ولا ميزة من حيث حقيقتيهما. م. خالد الطيب أحمد