الرسوم العالية التي يفرضها المسجل التجاري للشركات التي ترغب في العمل في السودان أمر محير ومحبط    مزمل أبو القاسم: الحاقربك في الضلام يحدرلك!!    رئيس مجلس السيادة يهنئ الرئيس الروسي بالعيد الوطني لبلاده    شركة كهرباء السودان القابضة: اعطال لتعرض محطة مارنجان التحويلية لحريق    الأحمر يواصل صفقاته الداوية و يتعاقد مع الجناح الغامبي    مجلس الأمن يطالب مليشيا الدعم السريع بإنهاء "حصار" مدينة الفاشر    شاهد بالصورة والفيديو.. شاب سوداني يحاول التحرش بمطربة أثناء تقديمها وصلة غنائية في حفل خاص والجمهور يستغرب من تجاوب الفنانة وعدم صدها له    مدرب ليفربول الجديد يرسم خطة "إبعاد" صلاح عن الفريق    فيروس غريب يضرب نجوم منتخب فرنسا عشية انطلاق كأس أمم أوروبا    شاهد بالصورة والفيديو.. شاب سوداني يحاول التحرش بمطربة أثناء تقديمها وصلة غنائية في حفل خاص والجمهور يستغرب من تجاوب الفنانة وعدم صدها له    شاهد بالصورة والفيديو.. ظهرت وهي تبادل عريسها شرب الحليب بطريقة رومانسية.. مطربة سودانية تكمل مراسم زواجها وسط سخرية جمهور مواقع التواصل    شاهد بالفيديو.. الفنانة مروة الدولية تغني لزوجها وتتغزل فيه خلال حفل بالقاهرة (قلت للحب حبابو.. سألت انت منو قال لي أنا جنابو) وساخرون: (ختر خير جنابو الخلاك تلبسي طرحة)    المريخ يبرم صفقة نيجيرية ورئيس النادي يفتح باب الحوار أمام الصفوة    ردًا على العقوبات الأمريكية.. بورصة موسكو توقف التداول بالدولار واليورو    حوار صريح مع الصادق الرزيقي وآخرين من عقلاء الرزيقات    صالون لتدليك البقر في إندونيسيا قبل تقديمها أضحية في العيد    غوغل تختبر ميزات جديدة لمكافحة سرقة الهواتف    ((هولاء رجالي فجئني بمثلهم ياجرير))    "أشعر ببعض الخوف".. ميسي يكشف آخر فريق سيلعب لصالحه قبل اعتزاله    امرأة تطلب 100 ألف درهم تعويضاً عن رسالة «واتس أب»    الدولار يسجل ارتفاعا كبيرا مقابل الجنيه السوداني في البنوك المحلية    ناشط جنوب سوداني يكتب عن فوز صقور الجديان على منتخب بلاده: (قاعدين نشجع والسودانيين يهتفوا "دبل ليهو" ولعيبة السودان بدل يطنشوا قاموا دبلوا لينا..ليه ياخ؟ رحمة مافي؟مبروك تاني وثالث للسودان لأنهم استحقوا الفوز)    القصور بعد الثكنات.. هل يستطيع انقلابيو الساحل الأفريقي الاحتفاظ بالسلطة؟    البرهان يهنئ صقور الجديان    "فخور به".. أول تعليق لبايدن بعد إدانة نجله رسميا ..!    الهروب من الموت إلى الموت    ترامب معلقاً على إدانة هانتر: سينتهي عهد بايدن المحتال    شرطة مرور كسلا تنفذ برنامجا توعوية بدار اليتيم    تُقلل الوفاة المبكرة بنسبة الثلث.. ما هي الأغذية الصديقة للأرض؟    4 عيوب بالأضحية لا تجيز ذبحها    قصة عصابة سودانية بالقاهرة تقودها فتاة ونجل طبيب شرعي شهير تنصب كمين لشاب سوداني بحي المهندسين.. اعتدوا عليه تحت تهديد السلاح ونهبوا أمواله والشرطة المصرية تلقي القبض عليهم    نداء مهم لجميع مرضى الكلى في السودان .. سارع بالتسجيل    شاهد بالفيديو.. الراقصة آية أفرو تهاجم شباب سودانيون تحرشوا بها أثناء تقديمها برنامج على الهواء بالسعودية وتطالب مصور البرنامج بتوجيه الكاميرا نحوهم: (صورهم كلهم ديل خرفان الترند)    الإمارات.. الإجراءات والضوابط المتعلقة بالحالات التي يسمح فيها بالإجهاض    إسرائيل: «تجسد الوهم»    الإعدام شنقاً حتى الموت لشرطى بإدارة الأمن والمعلومات    اللعب مع الكبار آخر قفزات الجنرال في الظلام    نصائح مهمة لنوم أفضل    إغلاق مطعم مخالف لقانون الأغذية بالوكرة    شرطة بلدية القضارف تنظم حملات مشتركة لإزالة الظواهر السالبة    التضخم في مصر.. ارتفاع متوقع تحت تأثير زيادات الخبز والوقود والكهرباء    إجتماع بين وزير الصحة الإتحادي وممثل اليونسيف بالسودان    أمسية شعرية للشاعر البحريني قاسم حداد في "شومان"    عودة قطاع شبيه الموصلات في الولايات المتحدة    داخل غرفتها.. شاهد أول صورة ل بطلة إعلان دقوا الشماسي من شهر العسل    محمد صبحي: مهموم بالفن واستعد لعمل مسرحي جديد    خطاب مرتقب لبايدن بشأن الشرق الأوسط    السودان.. القبض على"المتّهم المتخصص"    قوات الدفاع المدني ولاية البحر الأحمر تسيطر على حريق في الخط الناقل بأربعات – صورة    الغرب والإنسانية المتوحشة    رسالة ..إلى أهل السودان    من هو الأعمى؟!    حكم الترحم على من اشتهر بالتشبه بالنساء وجاهر بذلك    السودان..الكشف عن أسباب انقلاب عربة قائد كتيبة البراء    إنشاء "مصفاة جديدة للذهب"... هل يغير من الوضع السياسي والاقتصادي في السودان؟    محمد وداعة يكتب: ميثاق السودان ..الاقتصاد و معاش الناس    تأهب في السعودية بسبب مرض خطير    يس علي يس يكتب: السودان في قلب الإمارات..!!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الهيئة العربية للاستثمار والإنماء الزراعي.. كيف كانت وأين وصلت؟!
نشر في الراكوبة يوم 30 - 07 - 2013

خبير الاقتصاد والتنمية الريفية – البنك الأفريقي للتنمية
تابعت بحسرة وألم ما سطره السيد م. عمر حسين شرفي خبير الهيئة العربية للاستثمار والإنماء الزراعي السابق في كلٍ من صحيفة الأهرام اليوم والصحافة السودانيتين، عن هذه الهيئة وما آل إليه حالها الذي بات لا يسر عدو أو حبيب، كنتاج للعبث والاستهتار الذي مارسه المدعو/علي سعيد الشرهان بعدما أصبح في غفلة من الزمان قائداً ومديراً لهذه الهيئة العريقة، وحطم ودمر خلال خمس سنوات ما بناه قادتها السابقون عبر مسيرة استمرت لما يقارب الأربعين، في ظل صمت مريب ومعيب من الدول العربية الأعضاء في الهيئة بصفة عامة ودولة المقر (السودان) بصفة أكثر خصوصية.
الحقيقة أن السيد/شرفي أجاد في سلسلة مقالاته وعكس جوانب عديدة على مظاهر فساد وإفساد الشرهان ومن معه من الفاقد التربوي، وتعقيبنا هذا وإن جاء متأخراً نتيجة لظروفي الصحية التي حالت دون إيراده في وقته، لا يعد إكمالا لنقص فيما كتبه وإنما تركيز على بعض النقاط أو تفصيلا لها، وليس تقليلا أبدا من الجهد الكبير الذي بذله السيد/شرفي في مقالاته. وهنا أود الإشارة إلى أنني كتبت كثيرا – في حينها – عن هذا الشرهان لكل ذوي العلاقة سواء كانوا وزراء مالية وزراعة عرب أو مؤسسات إعلامية لتنوير الرأي العام بما كان يدور في هذه الهيئة منذ مجيئ الشرهان لقيادتها، وبصفة خاصة الإعلاميين الذين استهدفت منهم صحف الانتباهة والتيار وآخر لحظة والسوداني والمجهر السياسي وألوان، وللأسف لم تستجب أياً منهم إلا صحيفتي السوداني وألوان (على استحياء) وأخص الأستاذين حسن جبورة والطاهر ساتي وما دون ذلك لم يهتموا رغم الوثائق العديدة التي عضدنا بها أحاديثنا آنئذ.
لقد كان واضحا أن الشرهان جاء بأجندة معدة سلفا أساسها تدمير الهيئة ونقلها من السودان ولا أدري سبب كرهه للسودان، كما لا أدري سبب مساعدة السودانيين له، سواء العاملين بالهيئة أو المسئولين على اختلاف مستوياتهم، فقد خاطبت أكثر من جهة سيادية وحكومية سواء برسائل خاصة أو عبر الصحف لا سيما صحيفة الحقيقة التي توقفت الآن (على ما اعتقد) ولم يستجب أحد. ما زاد قناعتي – وغيري بالطبع – من أن للشرهان أجندته الموضوعة سلفا، سلوكياته وأفعاله التي أتى بها منذ مقدمه، حيث لم يتعد ثلاثة أشهر إلا وأطاح بما لا يقل عن 68 شخصاً في يوم واحد وإمهالهم 48 ساعة فقط لمغادرة مواقعهم الوظيفية وهو ما ذكره السيد/شرفي، وذلك كله دون أي تقييم أو دراسة متعمقة أو سطحية لإنجازاتهم وأعمالهم، وهو ما يتنافى مع شخص يرغب في التطوير والإصلاح. فالمعلوم أن شخص، قائداً كان أو غيره، حينما يأتي لمكان جديد يتأنى ويتعرف أولاً على الأوضاع ميدانياً وعلى الأقل الفروض يأخذ عاماً كاملاً ثم يقيم الوضع وفقاً لمقاييس موضوعية وواقعية ومدروسة ثم يتخذ قراره سواء بمفرده أو بالاشتراك مع آخرين في الغالب يكونون السلطات العليا بالمنشأة المعنية، وهو ما لم يفعله الشرهان فقد فصل العديدين دون دراسة أو تقييم موضوعي وعلمي وأتى بفاقد تربوي وتدور حولهم الشبهات كما سنوضح بالوثائق في سيلي من حلقات قادمة ونتمنى أن تواصل الصحيفتين المحترمتين الصحافة والأهرام اليوم نشر هذه الحقائق بشفافية وحيادية نحتاجها بشدة لتنوير قيادة الهيئة الجديدة بما فعله سلفها السابق الشرهان والذي لا يزال معاونيه يمسكون بمعاول الهدم رغم تواضع مستوياتهم العلمية وخبراتهم العملية بل وبعضهم تدور حوله الشبهات كما أسلفنا وبالوثائق.
ولكي نكون عقلانيين سنقدم عرضا رقميا لبعض الحقائق والأرقام – كما تعلمون – لا تكذب بأية حال.. حيث تقول الحقائق بأن الشرهان استلم عمله كرئيس للهيئة العربية في ديسمبر 2008، وكانت استثمارات الهيئة في الشركات في 31/12/2007 حوالي 514.6 مليون دولار، وصافي أرباحها 62.5 مليون دولار والتي كانت بنهاية عام 2006 حوالي 46.6 مليون دولار. وكان إجمالي الدخل الذي حققته الهيئة بنهاية 2007 نحو 69.2 مليون دولار بعدما كان نحو 50 مليون دولار بنهاية عام 2006 وبلغت الأرباح الموزعة على المساهمين 333 مليون دولار (نحو 91% من رأس المال المدفوع). ونفذت الهيئة بنهاية عام 2007 خمسة برامج خدمية وتنموية وإنسانية بلغت إجمالي قيمتها بالنسبة للفلسطينيين فقط 1.627 مليون دولار واستفاد منها نحو 9095 أٍسرة وأتاحت نحو 700 فرصة عمل.
كما شهد العام 2007 وهو آخر عام لرئيس الهيئة السابق عبد الكريم العامري حيث غادر منصبه قبل نهاية عام 2008 ليحل محله المدعو الشرهان استمرار مساهمات صندوق الأمانة الذي نفذ 9 برامج في مواقع مختلفة استفاد منها 434 أسرة فقيرة، وهيأ مياه الشرب لنحو 1000 أسرة أخرى، مع استمرار التجارب والأبحاث المتميزة ونتائجها الباهرة التي رآها الجميع والمكان لا يسع لذكرها، ويمكن القول بأن هذه الإنجازات دفعت الهيئة إلى استكمال وإنجاز الدراسات الكفيلة باستحداث محطات بحثية جديدة تضاف لمحطاتها القائمة بجانب عدد من المشاريع الواعدة ومنها على سبيل المثال مشروع أبو حمد الزراعي بولاية نهر النيل/السودان على مساحة 70 ألف فدان (زراعة الأعلاف والحبوب لتلبية احتياجات الإمارات وبقية دول الخليج) وهناك مشروع إنتاج الأرز البسمتي والعنبر والأرز التجاري بولاية النيل الأبيض/السودان على مساحة (50 ألف فدان) بالإضافة إلى مشروع زراعة المحاصيل العلفية بولاية الخرطوم على مساحة 20 ألف فدان المرتبط بمشروع إنتاج وتصنيع وتسويق اللحوم الحمراء وغيرها.
هكذا كان حال الهيئة العربية للاستثمار والإنماء الزراعي في آخر عام قبل وقوعها فريسة ولقمة سائغة للشرهان والفاشلين الذين معه، ليتراجع صافي أرباحها بنهاية عام 2009 (أول عام لاستلام الشرهان رئاسة الهيئة) إلى نحو 44 مليون دولار بعدما كان في العام الذي سبقه 62.5 مليون دولار، ثم بالكاد بلغت نحو 15 مليون دولار نهاية العام 2010!! ونتائج عام 2011 غير معلومة حتى والآن!! أما عام 2012 فقد حمل تقرير الهيئة السنوي أكاذيبا كبيرة ومفارقات يندي لها الجبين، والدعوة موجهة لرئيس الهيئة الجديد ليطلع بنفسه ويعمل تحقيق شفاف حول لماذا تم تضمين شركات متوقفة وأخرى تمت تصفيتها ضمن المشاريع القائمة ونخص منها على سبيل المثال شركة التصنيع الزراعي (السودان) واقروزيتاكس (تونس) والمحاصيل (السودان) وغيرها كثر، أليس هذا تدليس وغش؟
عقب إطاحة الشرهان بخيرة خبراء الهيئة كأولى خطواته لإفراغ الهيئة من كل كادرها المؤهل وأغلبه من السودانيين بحجة إعادة الهيكلة التي احتوت على مخالفات قبيحة ووقحة يمكن عرض بعضها كما يلي:
1. أول ما بدأ به هذا الشرهان (كما أسلفنا) كان هو التخلص من 64 شخصاً من منتسبي ما بين خبراء وفنيين دون تعويض هذا الفاقد والنوعي، وأضحت فيه الهيئة خواء ليس لقلة المال أو الموارد وإنما لغياب أهم مورد يصنع التنمية ويدعم التطوير وهو البشر!! ففي السابق كانت الهيئة زاخرة بالخبراء سواء الانتظاميين أو الاستشاريين، وعلى مدى تاريخها الطويل احتوت الهيئة نخبة متميزة منهم مشهودة بكفاءاتهم العلمية وإنجازاتهم العملية من مختلف الدول الأعضاء بالهيئة وبمختلف التخصصات ومن أرفع الجامعات العالمية والعربية، وكثيرون منهم شغلوا مناصب مرموقة ما بين وزراء للاقتصاد والزراعة إلى خبراء في المنظمات والمؤسسات الدولية والإقليمية إلى أساتذة الجامعات والمعاهد العليا ومراكز البحث العلمي المتخصصة.
2. عقب تسريح السيد/الشرهان لأولئك النفر من العلماء والخبراء والفنيين قام بتشكيل لجنة مكونة من شخصين أحدهما متخصص في الاقتصاد الزراعي والآخر في المحاسبة (كان عاطلاً عن العمل كما ذكر السيد/شرفي) وكلاهما لا علاقة له بالهيكلة الإدارية ومتطلباتها وتنقصه المعرفة والدراية بهما باعتبارها مهمة تحتاج لتخصصات علمية معينة وخبرات عملية ودراية مهنية دقيقة، ولم يعترف السيد/الشرهان بما قامت به مؤسسة برايس ووتر هاوس كوبريشن المتخصصة في مثل هذه العمليات.
3. قام الشرهان بعرض الموضوع على مجلس إدارة الهيئة الذي ظل يتلاعب به أيما تلاعب وعلى سبيل المثال فقط أصدر ذلك الشرهان قرارين للمجلس في اجتماع واحد لذات الموضوع يختلفان عن بعضهما البعض.. ففي اجتماع واحد لمجلس إدارة الهيئة اتخذ المجلس قرارين مختلفين لذات الموضوع وهو الهيكلة، حيث قضي أحدهما بتأجيل النظر في موضوع الهيكلة لاجتماع آخر ليتخذ فيه المجلس القرار المناسب، بينما قضي القرار الآخر للمجلس بتفويض رئيس الهيئة (الشرهان) لتنفيذ الهيكلة التي قدمها.. وهنا يبرز التساؤل حول أي القرارين هو الصحيح؟ ومن المسئول عن هذا التلاعب؟
4. الإجابة التي تتبادر للذهن من أول وهلة بأن المسئول هو الشرهان باعتباره رئيس المجلس والهيئة في آن واحد وهو من يكتب القرارات بالتنسيق مع مستشاره القانوني غير المؤهل (سنتحدث عنه في السطور اللاحقة)، ولكن أعضاء مجلس الإدارة هم مسئولون أيضاً عن هذا التلاعب والتدليس والغش لثقتهم الزائدة فيه وعدم مُتابعتهم له بشكل دقيق واستهانتهم به.. ذلك أن السادة أعضاء المجلس كانوا سيكتشفون هذا التلاعب بسهولة ويُسر لو دققوا قليلاً في أفعاله وقللوا ثقتهم المفرطة فيه. فالمعروف أن أول فقرة في أي اجتماع لمجلس إدارة لأي منشأة أيا كانت هو مراجعة قرارات الاجتماع السابق وموقف تنفيذها، ويبدو واضحاً أن أعضاء مجلس إدارة الهيئة غائبون تماما.
5. رغم هذا التلاعب الواضح نفذ الشرهان الهيكلة مع فترة اختبار لتقييم نتائج التنفيذ، وتمادى في لعبته حيث نفذ هيكلته كأعباء وظيفية دون تنفيذ الأثر المالي المترتب على ذلك (مع صرف الاعتمادات المالية كاملة).. أي تم تنفيذ متطلبات ومحتويات الهيكلة بوظائفها الجديدة (ولم يطبق الأثر المالي على العاملين رغم اعتماد زيادة الأجور في الميزانية التي اعتمدها مجلس الإدارة وتم صرفها).. فأين ذهبت هذه الزيادة المعتمدة؟ وما هي أوجه صرفها؟
6. عقب انتهاء فترة التقييم قام الشرهان بتشكيل لجنة لتقييم نتيجة التنفيذ مكونه منه ومستشاره الاقتصادي وهي وظيفة لم تكن موجودة في الهيكل الإداري الذي أجازه مجلس الإدارة (تحدث عنه السيد/شرفي بإسهاب) ومستشاره القانوني الذي تم تعيينه بمخالفة واضحة وصريحة للوائح التوظيف بالهيئة التي تحتم تعيينه بواسطة مجلس الإدارة بعد تقديم ثلاثة أسماء يفاضل بينها المجلس وفقاً للمؤهلات والخبرات العلمية (وهو لا يتمتع بأي منها – أي لا مؤهلات عليا ولا خبرات مقارنة بعمره وأفكاره وغيره) كما تم تعيينه دون معاينة سواء من الهيئة أومن لجنة الهيكلة الهلامية التي شكلها الشرهان ومع ذلك ضماه الشرهان للجنة تقييم نتائج تنفيذ الهيكلة وحينها لم يكمل ذلك المستشار المزعوم عامه الأول بالهيئة أي لا يزال تحت التجربة وهنا مخالفة أخرى، ثم المخالفة الأكبر ضم الشرهان لطابع أي ناسخ كمبيوتر ضمن هذه اللجنة الغريبة ليقوموا بتقييم خبراء وفنيين يفوقونهم خبرة وعلما وعمرا.
7. كما متوقع، فقد أحدثت قرارات هذه اللجنة اختلالا كبيرا أسفر عن دمار تحياه الهيئة حتى الآن.. فاثنان من أعضاء اللجنة هذه أصبحوا في الدرجة الخاصة برواتب أساسية تتراوح ما بين 5 إلى 7 آلاف دولار في الشهر غير المخصصات الأخرى التي تصل بمجمل ما يتقاضوه إلى ما يفوق ال10 آلاف دولار في الشهر. والدرجة الخاصة هذه أرفع من درجة مديري الإدارات وتم تخصيصها بالأساس للشخصيات المرموقة جداً صاحبة المؤهلات العلمية العالية والتي سبق لها شغل وظائف كبيرة كالوزراء السابقين ومديري المؤسسات الدولية والإقليمية ومن شابههم إلا أن الشرهان منحها لمستشاره الاقتصادي (تونسي) الحاصل على شهادة غير معروفة دولياً ولا إقليمياً ويصعب تقييمها، والثاني مستشاره القانوني (سعودي).
8. أما سكرتيره (طابع الكمبيوتر) فقد منحه درجة رئيس قسم (خبير أول إداري) بعد عرضه لشهادات مشكوك في أمرها (نرفقها لكم وسبق ونشرتها صحيفة حريات والراكوبة وغيرها كثير).. وهذا حكايته حكاية، حيث أصبح هو المحرك الأساسي والجهة المرجعية للشرهان فيما يتعلق بإبقاء أو فصل الخبراء، وهو الذي يحمل شهادة ماجستير مزورة من جامعة الخرطوم وتزويرها واضح وضوح الشمس وتم عرضها لأكثر من جهة وأنا شخصياً خاطبت الدكتورة/سمية أبو كشوة نائب مدير الجامعة ولم تفعل شيئا. وتركه بهذه الحرية يجعلنا أمام أمرين إما أنه مزور وهو الأكيد من منطلق أفقه الضيق وتواضع مستواه وخبراته وعجزه حتى عن التعبير سواء بالعربي أو الإنجليزي بما يتعارض مع صدقية حمله لهذا المؤهل من جامعة كالخرطوم، أو أن الخطأ من الجامعة ووزراتي التعليم العالي والخارجية ولابد من حسم هذا الموضوع (وسنفرد له مساحة خاصة). مع العلم بأنه بلغني ما يفيد أن جامعة الخرطوم تعرف بأمر هذا الشخص واطلعت على شهاداته الغريبة هذه، وتحديداً د. سمية أبو كشوة (نائب مدير الجامعة ولدي ما يفيد بأنها تعرف بالأمر عبر مراسلات أرجاها معها بعض المخلصين ولم تفعل شيئا حتى الآن)، وكذلك كلية الدراسات العليا ممثلة في كل من الدكتور أبو النور عميد الكلية ونائبه وتم تسليمهما الشهادتين بالاختلافات (المخجلة) ولم يفعلوا أي شيئ حتى الآن أيضا، مما يضعنا امام استفهامات كبيرة.. فمن هو هذا الناصر الذي لا تطاله أيادي القانون رغم تجاوزاته الفاضحة والتي أقلها التزوير مع صمت من الدولة وخاصة جامعة الخرطوم ممثلة الأشخاص الذي أشرنا لهم أعلاه (سنعود لهذا الأمر تفصيلا).
9. من أهم كوارث ما تم أن أحد العاملين (عماني الجنسية) عندما تم استيعابه بالهيئة أساساً لم يكن يحمل أي مؤهلات علمية متخصصة فيما عدا بعض الدورات التدريبية في الاتصال واللاسلكي، ولم يغادر السودان سوى في أجازاته السنوية منذ التحاقه بالهيئة، وفوجئ الجميع بتقييمه كمهندس اتصالات حاصل على درجة البكالوريوس في الاتصالات من أمريكا مما سمح للشرهان بأن يجعله بدرجة رئيس قسم! سبق لصحيفة حريات والراكوبة وغيرهمن الصحف والمواقع الأسفيرية نشر محضر اجتماع اللجنة الإدارية التي ناقشت أمر تعيينه بالهيئة وهي وثيقة معتمدة لا جدال فيها!
وفقا لمعطيات تقرير لجنة التدقيق الداخلي وهي لجنة منبثقة عن مجلس إدارة الهيئة العربية ويرأسها (آنذاك) ممثل المملكة العربية السعودية (مرفق نسخة من التقرير بتوقيع رئيس اللجنة وهامش بخط يد الشرهان) فإن تكاليف سفر وإقامة وحوافز اللجان الخاصة بالهيكلة تزيد بنسبة 412% عن أساس مبلغ عقد الاستشاري البالغ (42000) اثنان وأربعون ألف دولار. هذا بخلاف أن التكلفة الإجمالية للهيكلة التي قام بها خبير واحد فقط بلغت (215100) مائتان وخمسة عشر ألف ومائة دولار بزيادة قدرها (45000) خمس وأربعون ألف دولار عن التكلفة التي دفعتها الهيئة لشركة برايس وتر هاوس كوبريشن (PWC) والذي كان إجماله (170000) مائة وسبعون ألف دولار لإجراء هيكلة إدارية للهيئة والذي تم إيقافه من قبل رئيس الهيئة، هذا مع الفارق الكبير بين الجهتين من حيث السمعة والخبرة والممارسة لعمليات الهيكلة دوليا وإقليميا (ونعني بالجهتين شركة برايس وتر هاوس والاستشاري الذي قام بهيكلة الهيئة منفردا رغم حساسية ومكانة الهيئة التي يصعب على شخص واحد مهما أوتي من علم هيكلتها). ورغم ذلك لم يتوقف أحد أمام هذه الجريمة مكتملة الأركان.. لم يسألوا الشرهان ومن معه عن المعايير التي عليها في المفاضلة بين مؤسسة برايس وبين الاستشاري وبين الاستشاري (ماليا – فنيا – إداريا)؟ وهل اتبعتها إدارة الهيئة في اختيار الاستشاري الذي قام بهيكلة الهيئة وإجراء المقارنة بينه وبين مؤسسة برايس التي تتمتع بسمعة عالمية في هذا الإطار؟
حينما لم يجد الشرهان ومن معه من فاقد تربوي من يوقفهم تمادوا في مخالفاتهم الفاضحة والمقرفة، حيث أصدر الشرهان قراره رقم (137) لسنة 2011 متجاوزاً به محتويات الدليل الإداري المعتمد من مجلس إدارة الهيئة، والذي أنشأ بموجبه وظائف لمستشارين زراعي واقتصادي ومالي وإداري واستثماري، وقام السيد/الشرهان فعليا بتسمية اثنين أحدهما اقتصادي والآخر استثماري (أحدهما هندي.. نعم هندي يعمل في مؤسسة عربية في مثل هذا المنصب الحساس) وتم وضعهما في أعلى درجات سلم الرواتب (الدرجة الخاصة) دون الرجوع لمجلس الإدارة أيضا أو أخذ موافقته. كما تضمن قرار الشرهان رقم (137) تجاوزا آخر لمحتويات الدليل الإداري المعتمد من مجلس إدارة الهيئة، بإنشاء مجموعة من الوظائف لم ترد في الدليل المعتمد والذي تم تجربة جميع الموظفين على الوظائف الواردة فيه، وباختصار شديد فإن هناك (7) وظائف فقط هي المطابقة للدليل الإداري مقابل (65) وظيفة قام الشرهان ومن معه بإنشائها من خارج الدليل الإداري الذي اعتمده مجلس إدارة الهيئة منذ عام 2010 دون تحديد مهام تلك الوظائف ومسئولياتها ونطاق إشرافها وغيرها من المتطلبات الأساسية. مما أسفر عن وضع مختل تمثل في وجود مجموعة من الوظائف التي ما زالت شاغرة في الهيكل المعتمد (مع ملاحظة اختبار موظفين عليها لمدة عام كامل)، وهذه المخالفات جميعها تم تضمينها في تقرير لجنة التدقيق الداخلي المرفق، وهي كفيلة بمحاكمة ذلك الشرهان بتهمة تبديد الأموال العامة أو السفه أو خيانة الأمانة.
ماذا نتوقع من جرائم تدميرية كهذه غير الفشل الذي أنتج شللا تاما للهيئة وأنشطتها، فالهيئة أصبحت خاوية تماماً من الخبرات ولا يوجد من بينها حاليا من يمكن وصفه بالخبير، ويكفيكم إذا عرفتم بأن هيئة كهذه بها شخصين فقط يحملون درجة الدكتوراه حاليا وأحدهما تجاوز عمره الستين (أي بقاءه يخالف قوانين ولوائح العمل والتوظيف بالهيئة)، كلاهما (حاملي الدكتوراه الاثنين) غير متخصصين لا في الدراسات الاقتصادية أو الإدارية أو المالية، فتخيلوا حالة كهذه أنى لها بالنجاح والتقدم. وعموماً يمكن إيراد بعض صور الفشل والتراجع في ما يلي:
1- إدارة المشروعات: لم تدخل الهيئة في أي مشروع جديد منذ استلام الشرهان وبأي نسبة مساهمة حتى الآن، بل تراجعت استثماراتها كما أوضحنا في العرض المختصر الذي بدأنا به هذا التعقيب، إذ كيف تدخل الهيئة في مشروعات تحتاج لدراسة وتقييم وبحث وإدارة المشروعات ليس بها اقتصادي واحد؟!
2- إدارة الاستثمار: تركز استثمارات الهيئة على المحافظ الاستثمارية ويديرها مستشار خارجي فيما يقوم مدير الاستثمار الحالي الذي يفتقر لأهم مقومات شغل هذه الوظيفة سواء من حيث الخبرة أو المؤهل بتسجيل وإحالة الخطابات الواردة من المستشار الاستثماري الفعلي ولا عمل له فيها ويمكن لرئيس الهيئة الجديد وبسهولة شديدة التأكد من ذلك، مما يزيد القناعة بعدم جدواه لغياب الدور الذي يؤديه بالأساس. فالواقع يقول بأن للهيئة مستشار استثماري يدير أعمالها فعلياً من الخارج فما الفائدة من إدارة للاستثمار (مدير إدارة وموظفين برواتب ضخمة لا يفعلون شيئا غير تحويل الخطابات الواردة من الخارج لرئيس الهيئة وإرسال ردوده للخارج)؟
3- الإدارة القانونية: هذه أساس بلاوي ومشاكل الهيئة، فعلى الرغم من تمتع مديرها بأعلى درجة وظيفية (بعد رئيس الهيئة) وهي الدرجة الخاصة ويتقاضى راتباً يقارب ال12 ألف دولار في الشهر ومعه اثنين ممن يطلقون على أنفسهم خبراء قانونيين لا يقل راتب الواحد منهم عن 4 آلاف دولار شهرياً مع ثلاث باحثين قانونيين وسكرتيرة وفي الإجمالي يتقاضون رواتب سنوية لا تقل عن 200 ألف دولار في العام، إلا أنهم ساهموا في إغراق الهيئة وإدخالها في متاهات وسوح المحاكم بعدم درايتهم وافتقارهم للتأهيل العلمي، ولا أبلغ على ذلك من استعانتهم بمكتب مستشار قانوني خارجي تتكفل الهيئة بأتعابه، ولا يوجد من بين هذا الجيش الجرار من يجرؤ على تمثيل الهيئة في أصغر قضية أو دعوة ويقتصر عملهم فقط على مراجعة عقود الموظفين وتبادلها مع الشئون الإدارية، ونعتقد بأن رئاسة الهيئة الجديدة بحاجة للسؤال عن ما هي معطياتهم ومردودهم وجهودهم التي يستحقون عليها كل هذه الرواتب طالما أنهم لا يفعلون أي شيئ ويستعينون بمكتب قانوني خارجي في كل صغيرة وكبيرة، فالأولى لرئاسة الهيئة مراجعة هذه الوضعية المختلة واستقطاب من هم قدر هذه المسئولية أو الاستغناء عنهم والاعتماد على المكتب القانوني الخارجي وتوفير هذه الرواتب الكبيرة لخزينة الهيئة. وحتى مكتب المحاماة الخارجي فاشل لأنه ظل يخسر القضايا واحدة تلو الأخرى وكل ما يفعله هو الانتقال بها لمراحل التقاضي الأعلى رغم علمه الأكيد بخسران الهيئة للقضية المعنية ولكنها المكابرة والتلاعب بالهيئة فكل ما يهم المكتب هو عمولاته وكلما زادت مراحل التقاضي ارتفعت عوائده من الهيئة. وظلوا يوهمون الشرهان والآن الرئاسة الجديدة بأن الهيئة حصينة ولا يمكن مقاضاتها بينما الواقع هو حتمية التزام الهيئة بالقوانين والحصانة لا تعني التغول على القوانين ولكنها لتسهيل الأعمال، والدليل الكم الهائل من القضايا التي كسبها الجميع على الهيئة والآن وصلت آخر مراحل التقاضي وسيتم التنفيذ وسنرى ماذا ستفعل القيادة الجديدة للهيئة؟
4- الشئون الإدارية: دورها غائب تماماً ويقتصر فقط على تسجيل حضور وذهاب العاملين وأجازاتهم ويفشلون حتى في أبسط الإجراءات المتعلقة بحفظ الملفات وتسوية مستحقات نهاية الخدمة التي تقوم بها الإدارة المالية.
5- المراجعة الداخلية: ساهمت كثيرا في ترسيخ تجاوزات الشرهان ومن معه وتغاضت عن عكس ذلك لسلطات الهيئة العليا مما شجع الشرهان ومن معه على الاستمرار إلى أن بلغت الهيئة قاعها الحالي وتعتبر شريكاً في كل الفساد والمخالفات التي وقعت وما تزال حتى الآن.
6- إدارة الأبحاث: يكفي أن بها ثلاثة أشخاص أعلم من فيهم يحمل ماجستير في البيئة وسندع لكم الحكم.
لقد حاولنا بعرضنا هذا تسليط الضوء بشكل أكثر تفصيلاً عن بعض أهم النقاط بوجهة نظرنا المتواضعة، ونضم صوتنا للسيد المحترم م. عمر شرفي، بأن نتوجه بالدعوة للسيد رئيس الهيئة الجديد قائلين إننا نتطلع إلى إصلاحك لحالة الهيئة المتأزمة، ولعلك تتفق معنا بأن الإصلاح يبدأ بإزالة مسببات الإخفاق وأوردنا لك بعضها ونكرر أهمها وهو إزالة مظاهر الفساد القائمة الآن.. فالسادة وزراء المالية والاقتصاد العرب (أعضاء مجلس المساهمين) قاموا بواجبهم المتمثل في بتر رأس الفساد الشرهان وتركت لك مهمة إزالة أذرع ذلك الفساد وتنظيف الهيئة وإخراجها من البرك الآسنة التي وقعت فيها، ولتعمل على استقطاب وجلب الخبراء الحقيقيون والمؤهلون الذين يمكنك الاعتماد عليهم وصحبتهم دون حياء أو خوف، لا سيما وأنتم في مواجهة مسئولية تاريخية لا تقبل بأية حال من الأحوال التسويف والمماطلة طالما كانت الأمور واضحة. هذا بخلاف قرار مجلس المساهمين منكم بوضع خطة استثمارية عاجلة وتنفيذها خلال الفترة القادمة عقب قرارهم بزيادة رأس مال الهيئة دعما لجهود الأمن الغذائي بالمنطقة، ولا نعتقد بأنك تستطيع تنفيذ كل هذه الإنجازات بهذا المستوى المتواضع من العاملين معك الآن، باختصار يا سيادة رئيس الهيئة الجديد أنت في محك حقيقي لإثبات أكثر من حقيقة، أولها الجدية في الإصلاح، وثانيها استقطاب الخبرات التي تتناسب مع مكانتك ومكانة الهيئة، وثالثها استعادة هيبة وسمعة الهيئة ورابعها تنفيذ توجيهات مجلس المساهمين وتحقيق الأهداف المرجوة من الهيئة وتأكد بأن الجميع معك ويشدون من أزرك.
ونختم بتوجيه الشكر لصحيفتي الصحافة والأهرام اليوم اللتين فتحتا صفحاتهما ومنحتانا مساحات واسعة وغالية ورحبة منهما لتنوير قيادة الهيئة الجديدة وتعريف الرأي العام بما يدور في دهاليز هذه الهيئة، والشكر كذلك للسيد المهندس/شرفي لمبادرته وشجاعته الاستثنائية في قول الحقيقة والنصيحة في زمن عز فيه على البعض وجبن البعض الآخر عن قولها.. ولنا عودة.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.