نفت الحكومة السودانية أمس تورطها في تهريب أسلحة إيرانية وسورية إلى حركة “حماس" الفلسطينية و"حزب الله" اللبناني، بعدما كشفت برقيات دبلوماسية أميركية سربها موقع “ويكيليكس" ونشرتها صحيفتا “جارديان" البريطانية و"نيويورك تايمز" الأميركية أن الولاياتالمتحدة حذرت السودان وسوريا وعدة دول عربية أفريقية من مغبة السماح بذلك، مستخدمة في حالات كثيرة معلومات استخبارات سرية قدمتها إسرائيل. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية السودانية معاوية عثمان خالد “لا نسمح بنقل أي نوع من السلاح عبر السودان إلى أي جهة". وذكرت برقيات لوزارة الخارجية الأميركية أن الإدارة الأميركية حذرت حكومة السودان في شهر يناير العام الماضي من السماح بتسليم أسلحة إيرانية إلى “حماس في قطاع غزة إبان العدوان الإسرائيلي على القطاع أواخر عام 2008 ومطلع العام الماضي. وأوضحت أنه تم إبلاغ دبلوماسيين أميركيين بأن يعبروا عن “قلق غير عادي" للسلطات السودانية. وأضافت أن 3 دول عربية أُخرى وتشاد أحيطت علماً بالخطط الإيرانية المزعومة وجرى تحذيرها من أن تسليم أي شحنات أسلحة سيمثل انتهاكا لقرارات مجلس الأمن الدولي القاضية بحظر صادرات الأسلحة الإيرانية. وأبلغ وزير الخارجية السوداني حينها دينق ألور مسؤولاً أميركياً بأن الرد الرسمي لبلاده سيكون عدم السماح بقدوم أسلحة من إيران، ليرد عليه المسؤول الأميركي بالقول “إن أي تغير، ولو بسيط، في هذا الموقف سيكون غير ملائم". وذكرت تقارير إعلامية أن طائرات حربية إسرائيلية قصفت قبل ذلك بشهرين قافلة في شرق السودان يشتبه في أنها كانت تهرب أسلحة إلى “حماس"، مما أسفر عن مقتل أكثر من 30 شخصاً. ونقلت عن مسؤول أميركي قوله إنه تم تحذير السودان مسبقاً بشأن شحنة تلك الأسلحة. وسجلت البرقيات المذكورة أن الخرطوم اتهمت بعد ذلك واشنطن بشكل غير رسمي بشن غارتين جويتين في المنطقة ذاتها في شهري يناير وفبراير العام الماضي أسفرا عن مقتل 88 شخصاً وتدمير 31 سيارة وشاحنة. وفي مارس التالي، أخطرت الولاياتالمتحدة الأردن ومصر بخطط إيرانية جديدة لإرسال شحنة “معدات عسكرية فتاكة" إلى سوريا ليتم نقلها بعد ذلك إلى السودان ثم إلى “حماس"، طالبة إجبار الطائرات على الهبوط لتفتيشها أو حرمانها من التحليق في أجواء الدولتين إلا أنه لم يتضح ما حدث بعد ذلك. وفي أبريل العام الماضي، ذكرت برقيات أميركية أن وزير الداخلية المصري اللواء حبيب العادلي كان وراء تفكيك خلية لحزب الله في سيناء و"خطوات لوقف تدفق أسلحة إيرانية من السودان عبر مصر إلى غزة". وفي نهاية ذلك الشهر أبلغ مدير المخابرات المصرية اللواء عمر سليمان مسؤولين أميركيين بأن مصر تحقق نجاحاً في منع إيران من تمرير دعم مالي إلى “حماس". وأوردت قوله “أرسلت مصر رسالة واضحة إلى إيران مفادها بأنها إذا تدخلت في مصر فإن مصر ستتدخل في إيران، مضيفاً أن المخابرات المصري بدأت بالفعل تجنيد عملاء في العراق وسوريا". وذكرت برقيات أخرى أن اليمن مركز نقل الأسلحة لحركة" حماس" ومجموعات تنظيم “القاعدة" في القرن الأفريقي مثل حركة “الشباب" في الصومال. وقالت إن كمية كبيرة من الأسلحة تُنقل من اليمن إلى السودان عبر البحر الأحمر على متن زوارق وبعد إفراغها تُنقل شمالاً في سيارات عبر السودان إلى قطاع غزة. وأظهرت الوثائق الدبلوماسية السرية الأميركية أن سوريا كانت تمد “حزب الله" اللبناني بالصواريخ والقذائف سراً أوائل العام الماضي، في حين كان الرئيس الأميركي باراك أوباما يجدد العلاقات بين واشنطندمشق وحصل على تطمينات بعكس ذلك. وحملت إحدى البرقيات المسربة احتجاجاً من وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون إلى الرئيس السوري بشار الأسد على هذا “الخداع"، قالت فيها “خلال اجتماعاتنا، جرى تأكيد أن سوريا لا تنقل أي صواريخ جديدة إلى حزب الله اللبناني ومع ذلك علمنا بالجهود السورية الحالية لإمداد حزب الله بصواريخ ذاتية الدفع". وأضافت ينبغي أن أؤكد أن هذه الأنشطة تشكل مصدر قلق عميق لحكومة بلادي ونحذركم بقوة من مثل هذا التصعيد الخطير". وفي نوفمبر العام الماضي، حذرت برقية من القائم بالأعمال الأميركي في دمشق من أن “إصرار سوريا على دعم الحشد العسكري لحزب الله ولا سيما بإمدادات الصواريخ طويلة المدى والصواريخ الموجهة قد يخل بالتوازن العسكري ويتسبب في أحداث أكثر تدميراً بشكل كبير من الحرب الإسرائيلية على لبنان عام 2006 “. وجاء في وثائق أخرى أن تهريب الأسلحة مصدر قلق كبير لواشنطن . وعلى سبيل المثال محاولة تاجر أسلحة صربي بيع بنادق لليمن وبيع الصين تكنولوجيا صواريخ لباكستان وتصدير الهند مواد كيميائية يمكن استخدامها في صنع غاز حربي. كما استعملت كوريا الشمالية شركة مناجم كتغطية لعملياتها ومصارف في الصين وهونج كونج لبيع أسلحتها وحاول الدبلوماسيون الأميركيون في ربيع العام العام الماضي منع بيعها قاذفات صواريخ لليمن، ولكن من دون جدوى على ما يبدو.