لم يكن يحلم سوى بعمل وأجر يفي بالتزاماته تجاه اسرته الكبيرة ، حلم دفع ثمنه البعد عن وطنه وأهله ومسقط راسه وذكرياته ، ولكن القدر كان يرسم خط اخر لرحلته التي لم تكتمل حتى الان ونهايته التي باتت مجهولة والتي لم تعرف حتى كتابة هذه السطور ما بين ردهات سجن في دولة اخرى او ان جثته قد التهمتها أسماك القرش في ذلك المكان القصي ، لم تكن قصته وحده وانما قصة الكثيرين من ابناء جيله الذين اعلنت وزارة الخارجية السودانية عن فقدانهم امس وتوقعت موتهم غرقا على سواحل دولة اندونسيا ،الخبر وجد صدى واسع بين وكالات الانباء و الصحف العالمية وطرح تساؤلات جديدة حول الاسباب التي تدفع بالشباب الى مثل تلك المغامرة وماهو دور الدولة في التقليل من هذه الظاهرة . /////////// تحذير ومخاطر في تنامي واضح لظاهرة الهجرة الغير شرعية اعلنت وزارة الخارجية عن فقدان ما يقارب(13)مواطن سوداني و توقعت الخارجية ان المفقودين قد ماتو غرقا على سواحل إندونيسيا، بينما تم احتجاز 9 اشخاص من قبل السلطات الإندونيسية، وهم فى طريقهم إلى استراليا ، وحذرت وزارة الخارجية على لسان ناطقها الرسمي ابو بكرالصديق بشدة من مخاطر الهجرة الغير الشرعية وتحديدا التي تتعلق بالدول الاسيوية (اندونسيا ، ماليزيا ) وغيرها بغرض العبور الى دولة استراليا للحصول على اللجوء السياسي ، لم تقتصر تصريح وزارة الخارجية على التحذير فقط ، بل انها اكدت ان مثل تلك السلوكيات تعرضها بلاشك لملاحقة سلطات الهجرة بتلك الدول لمخالفة المهاجرين السودانيين لقواعد الهجرة كما ان ذلك من شانه ان يعرض المهاجرين من قبل تجار البشر ، منوهة الى وجود شبكات لمهربين محترفين يعملون في تهريب البشر من خلال اغراءات لطالبي الهجرة غير المشروعة ، واكد الصديق في تصريحات صحفية ان عدد من الجهات تقدم اغراءات للشباب وتوقع بهم في فخ الحصول على اقامات في استراليا بكل سهولة في مقابل مبالغ مالية طائلة.. القضية ادخلت وزارة الخارجية في خطوات عديدة لم تكن في الحسبان حيث طالبت سفارة السودان فى جاكرتا من إدارة الهجرة بوزارة الخارجية المزيد من المعلومات عن المفقودين ، وقال الناطق الرسمي باسم الخارجية إن المهاجرين بطريقة غير شرعية يتعرضون للعديد من المخاطر وسوء المعاملة من قبل المهربين، بجانب الاحتجاز من قبل سلطات هذه الدول لعدم حصولهم على التأشيرة اللازمة للدخول. ///////////////////// توجيه رئاسي مع طلائع يونيو من العام الجاري وجه نائب رئيس الجمهورية د. الحاج الأجهزة الأمنية ببذل المزيد من المجهودات لمحاربة وسد قنوات تهريب البشر بالتنسيق مع الولايات لمكافحة هذه الظاهرة ، ودعا آدم إلي أهمية تبسيط الإجراءات في المعاملات الهجرية وتوفيق أوضاعهم والسعي للموازنة ما بين تخفيض الرسوم الهجرية والمحافظة علي الإيرادات المدرجة لموازنة الدولة ، في المقابل أجاز البرلمان منتصف العام الجاري مشروع (قانون جوازات السفر والهجرة لسنة 2012) وتضمن مشروع القانون 32 مادة تتناول كافة الأعمال الهجرية والخاصة بتنظيم الدخول والخروج وتنظيم الوجود الأجنبي ومعالجة العديد من الأفعال التي لم تكن مجرمة في القوانين السابقة ، واستحدث المشروع جريمة تهريب البشر من وإلي خارج السودان وتوقيع جزاءات رادعة على مرتكبيها وحصر تسجيل كل أجنبي داخل البلاد في إطار ضبط الوجود الأجنبي ، وفي سياق متصل اعلنت المفوضيه العليا لشئؤون اللاجئين التابعه للامم المتحده ان عدد اللاجئين السودانيين في مصر بلغ اكثر من (22) الف و(280) لاجئا وب لجؤ واضافت المفوضيه ان عدد اللاجئين الذين غادروا مصر خلال شهري يناير وفبراير الماضيين لإعادة توطينهم ببلدانهم بلغ اكثر من54 مواطن سوداني ، خبير العلاقات الدّولية د. صلاح عبد الرّحمن الدّومة يرى أنّ البطالة هي السبب في دفع الشباب لطلب اللجوء السياسي والهجرة غير الشرعية للبحث عن منافذ للعمل خارج الحدود فى وقت تضاءلت فيه فرص العمل داخل الوطن وتقلصت فيه إمكانيات الهجرة القانونية بدرجة كبيرة بعد ان أغلقت الدول الأوروبية باب الهجرة بشكل كبير وفرضت قيودا صعبة بعد تصاعد موجات الارهاب فى العالم، وقال الدومة ل(الاهرام اليوم) ان اللجوء (المنظّم) لا يحقّق أيّ نوع من الأضرار السياسيّة والاقتصاديّة والأمنيّة على الدّولة المستضيفة، مطالبا بضرورة السيطرة على اللاجئين من قبل جهات الاختصاص حتى لا تتسبّب تزايد الظاهرة في احداث ازمة . ////////////////////// لجوء من وإلى السودان كشفت تقاريررسمية صادرة عن (معتمدية اللاجئين) إنّ جملة اللاجئين السودانيين الذين عادوا من دول الجوار في الفترة بعد توقيع اتفاقية السلام في العام 2005م وحتى سبتمبر من العام2009م بلغ عددهم اكثر من (328.004) لاجئ. وتتواصل عمليات عودتهم حيث عاد خلال شهر أغسطس اكثر من (32) لاجئا من كلّ من أفريقيا الوسطى، يوغندا ومصر، بالإضافة لأسرة واحدة عادت خلال سبتمبر 2009م. أمّا العودة المنظمة فقد كانت خلال شهر أغسطس لعدد (6) أسر وفي المقابل وصف وزير الدّولة بالدّاخلية بابكر أحمد دقنة في تصريحات صحفية ان عمليّات اللجوء وتهريب البشر من الظواهر ذات التزايد المستمر ، منبّهاً إلى أنّ ظاهرتي الاتجار بالبشر والتهريب من شأنهما ان يعرضا البلاد لكثير من الأمراض التي تهدّد أمن المواطن، مؤكّداً أنّ عمليّات تهريب البشر تديرها عصابات بالداخل والخارج، تستخدم وسائل اتصال حديثة مقابل أموال طائلة تصل إلى (10) آلاف جنيه لتهريب الفرد الواحد، ولعل هذا بدوره ما يفتح قوس الاستفهام حول الآليات التي يجب أن تتّبعها الدّولة في الحدّ من ظاهرة التسلّل عبر الحدود حتّى لا يدفع المواطن الكلفة الباهظة ، وفي زاوية اخرى من القضية كشفت مصادر ل(الاهرام اليوم) عن استمرار عمليّات رصد البيانات الخاصة بطالبي اللجوء بالعاصمة والولايات، حيث تصل لرئاسة المعتمدية المعلومات عن إعدادهم ، وعدد الذين تمّ مدهم بأذونات تحرّك وعدد الذين يتلقّون خدمات علاجيّة وتعليميّة، وذلك لرفعها يومياً لمعتمد اللاجئين، الذي بدوره يقوم باخطار الجهات الرسميّة بها، وبحسب احصائيات نهاية العام 2012م ، وفي المقابل ايضا ظل السودان يعاني كثيرا من قضية اللجوء السياسي والتسلل الى داخل اراضيه من قبل مواطني الدول ذات الحدود المشتركة الامر الذي القى بظلاله سلبا على البنية التحتية للدولة فقد بلغ عدد طالبي اللجوء بمركز (الشقراب) بالولايات الشرقيّة (11756) وذلك منذ مطلع هذا العام من الإريتريين والإثيوبيين والصوماليين، وقد كانت تفاصيلهم (11384) إريترياً، (190) صومالياً، (182) إثيوبياً.