دخل شلل عمل الحكومة الفيدرالية الأميركية أمس يومه الثاني، في حين وصلت المفاوضات بين الحزبين الرئيسين إلى طريق مسدود. ولم تظهر أي علامات على انفراج وشيك في موقف الحزبين الجمهوري والديمقراطي مع تمسك كل جانب بموقفه وتحميل الطرف الآخر اللوم. وفي حين بدا الحزبان بعيدين عن التوصل إلى اتفاق حول مشروع قانون الإنفاق، عبر كثيرون عن الخشية من أن إغلاق الحكومة قد يستمر لأسابيع. وحذر وزير الخزانة جاك ليو من عجز في دفع فواتير البلاد ما لم يسع الكونغرس إلى التوصل لحل قبل السابع عشر من أكتوبر (تشرين الأول) الحالي موعد مناقشة رفع سقف الاقتراض للولايات المتحدة. وكان مفترضا أن يعقد الرئيس باراك أوباما اجتماعا مع رئيس مجلس النواب الجمهوري جون بينر وزعيمة الأقلية في المجلس الديمقراطية نانسي بيلوسي وزعيم الأغلبية الديمقراطية في مجلس الشيوخ هاري ريد، وزعيم الأقلية السيناتور الجمهوري ميتش ماكونيل، بمشاركة وزير الخزانة ونائب الرئيس جو بايدن، مساء الأربعاء لبحث إعادة فتح نشاطات الحكومة الفيدرالية وعواقب الإغلاق على الاقتصاد الأميركي. وقال متحدث باسم رئيس مجلس النواب جون بينر: «نحن سعداء لاقتناع الرئيس بأن رفضه التفاوض غير مبرر وليس واضحا ما إذا كان الاجتماع سيمثل بداية لمحادثات جدية بين الطرفين». واضطر الرئيس أوباما إلى تأجيل زيارته لماليزيا والفلبين والاكتفاء بزيارة إندونيسيا وبروناي فقط، ليتفرغ للتعامل مع أول إغلاق للحكومة الفيدرالية في عهده. وسيوفد أوباما مكانه وزير خارجيته جون كيري. وكان مفترضا أن يغادر أوباما السبت إلى بالي لحضور قمة منتدى التعاون الاقتصادي لدول آسيا - المحيط الهادي (أبيك) وإلى بروناي لحضور قمة دول شرق آسيا ثم يزور ماليزيا والفلبين، في جولة تستغرق أسبوعا. وقالت المتحدثة باسم مجلس الأمن القومي كاتلين هايدن: «تأجل سفر الرئيس إلى ماليزيا والفلبين لأنهما في الجزء الأخير من جدول رحلة الرئيس. لم نتمكن من وضع الجدول الزمني للرحلة بعد، ومن الجانب اللوجيستي لم يكن ممكنا المضي في رحلات في وقت تواجه فيه الحكومة الإغلاق». واستمر مجلس النواب مساء أول من أمس وصباح أمس في مناقشة اقتراحات قدمها أعضاء الحزب الجمهوري لإعادة فتح بعض الأجزاء من الحكومة وتمرير مشاريع قوانين لإعادة فتح قطاعات الحكومة خاصة المتنزهات الوطنية وإدارة شؤون قدامي المحاربين والخدمات في العاصمة واشنطن. واعتبر الديمقراطيون ذلك حلولا جزئية، وأبدوا إصرارا على ضرورة أن يكون إقرار الميزانية كاملا دون تجزئة. واعتبر رئيس مجلس النواب جون بينر في مقال افتتاحي بصحيفة «يو إس إيه توداي» أن النواب الجمهوريين يرون ضرورة الحفاظ على استمرار عمل الحكومة والتعامل بصدق مع المشكلات التي نواجهها في مجلس الشيوخ، داعيا الديمقراطيين والرئيس أوباما إلى «تغيير المسار والبدء في العمل معنا نيابة عن الشعب الأميركي». وقال النائب الجمهوري إريك كانتور زعيم الأغلبية بمجلس النواب: «لا أحد منا يرغب في استمرار إغلاق الحكومة. نحن نقول للديمقراطيين في مجلس الشيوخ تعالوا وتحدثوا إلينا لكن لا أحد يجلس على الجانب الآخر من الطاولة». وأشار إلى أن الديمقراطيين في مجلس الشيوخ رفضوا مناقشة المقترحات التي قدمها الجمهوريون. وأظهرت استطلاعات للرأي أن الأميركيين يلقون باللوم في إغلاق الحكومة على الحزب الجمهوري. وأبدى 72 في المائة من الأميركيين اعتراضهم على إغلاق نشاطات الحكومة وألقوا باللوم على الحزب الجمهوري، وهو ما يمكن أن يؤثر سلبا على مساعي الحزب لاستعادة سيطرته على مجلس الشيوخ في انتخابات عام 2014. وأشار الاستطلاع الذي أجرته شبكة «سي إن إن» الإخبارية إلى أن معظم الأميركيين يعتقدون أن الجمهوريين يتصرفون «مثل الأطفال المدللين» في هذه المعركة. وأظهر الاستطلاع انقساما حول ما إذا كان الرئيس أوباما يتصرف كشخص مسؤول. وكان الرئيس أوباما قد ألقى باللوم في إغلاق الحكومة الفيدرالية على أعضاء الحزب الجمهوري في الكونغرس واتهمهم بتحقيق أهدافهم الخاصة على حساب آلاف الموظفين. وقال أوباما: «إن أعضاء الكونغرس قرروا إغلاق الحكومة بسبب اعتراضهم على قانون واحد، وأريد أن يعرف الأميركيون أن ذلك جرى بسبب رفضهم لقانون الرعاية الصحية». ودعا الرئيس أوباما أعضاء الكونغرس لإعادة فتح الحكومة الفيدرالية وإعادة الموظفين للعمل وألا يضعوا الأميركيين رهنا لتحقيق مطالبهم السياسية والآيديولوجية. وأشار أوباما إلى التأثيرات السلبية للإغلاق على الشركات الصغيرة وعلى الموظفين وعلى الاقتصاد الأميركي. وأعلن أوباما عن رقم هاتفي وموقع مشروع الرعاية الصحية على الإنترنت، حاثا الأميركيين على الدخول والتسجيل في الموقع ودفع الكونغرس للموافقة على قانون الرعاية الصحية. وأوضح أن آلاف الأميركيين يموتون بسبب عدم وجود برنامج رعاية صحية لهم. وقال إن 85 في المائة من الأميركيين لديهم رعاية صحية، بينما يعاني 15 في المائة من الأميركيين لعدم الحصول على تلك الرعاية.