كاتب عراقي اذا مَا اقررنا جدلا بوجود ربيع وخريف في الثورا ت العربية التي عصفت بالوطن العربي، فان الذي مضى وسمي بثورات الربيع العربي اثبتت الوقائع والحقائق الدامغة انها ليست ربيعا بل خريفا عاصفا ادى بمعظمها الى شتاء قارسا طال امده ولم يبد بالافق القادم ربيعا له. فلو ابتدأنا بالعراق كما وصفه عملاء الاحتلال بانه "اول ربيع للعرب"، فلم نشم منه اية رائحة للورود بل كانت كل الروائح المنتشرة فيه للدم والبارود ولم تحقق الثورة الاحتلالية الغاصبة له اي تقدم بل زادت من معاناة هذا الشعب الاصيل وفجرت الحرب الطائفية وشبح التقسيم وسلمت ثروات البلد التي كانت اصلا ملكا له الى الشركات الاجنبية ووزعت اراضيه واباره النفطية بين الدول المعتدية على حقوقه كايران والكويت.. واصبح العراق الان في مهب الريح تتلاعب به كيفما تشاء واصبح بامس الحاجة الى ربيع حقيقي يخلصه من جليد الشتاء القاسي.. اما تونس الخضراء وبعد ان انتفض الشعب ضد الدولة البوليسية التي اذاقت هذا الشعب الحر المضياف الامرين وكتمت انفاسه وطموحاته..سرقتها منه الامبريالية العالمية ليصبح ربيعها وبالا عليها.. وتطفو الانقسامات على السطح وتتصارع القوى العالمية لفرض سطوتها وسياستها لخلق نظام موالي لامريكا واسرائيل والغرب، ومازال الصراع قائما ولاامل بحله الا بربيع حقيقي ينقذ البلد من المحنه التي وقع فيها. اما مصر قلب العروبة النابض وبعد انتفاض الشعب ضد نظام حسني الموالي بامتياز وبمرتبة الشرف "لامريكا واسرائيل" وبعد ان استشعرت امريكا بخطر الثورة القادمة عليها وعلى مدللتها "اسرائيل" باشرت بمد اذرعها الاخطبوطية لتنال من ربيعها وتقلبه وبالا خريفيا عليها وتقلب "الطابق طبق" كما يقال بالمثل الشعبي العراقي، وما هي الا سنة واحدة حتى اججت الاقتتال الداخلي بين ابناء مصر العروبة ولتخلق عداءات وهمية بمسميات محددة لتقلب ربيعها خريفا.. ومازالت المؤامرة مستمرة على مصر العروبة بهدف اخناعها للاستراتيجية الامريكية في المنطقة. اما ماسمي بربيع اليمن فقد اتضح للشعب اليمني الشقيق انه خريفا، حيث ان النظام السابق في اليمن لم يكن بعيدا عن الارادة الامريكية.. وعندما اراد الشعب التخلص من هذا النظام تدخلت اليد الامريكية الاثمة لتقلب الطاولة وتستثمر الثورة لصالحها ووتقوم باطلاق يد القاعدة فيها لتؤكد حق تدخلها في اليمن واستثمارها الموقف لصالحها ولتساهم باغراق هذا البلد الذي كان "سعيدا" لتقلبه تعيسا وتعيد وجودها الستراتيجي فيه، وتبعد شعبه عن اي شمة ربيع حقيقي. اما سوريا الابية هذا البلد الجميل الطيب بشعبه المعروف بامانه، المعتز بعروبته وبدينه والتي ادمت قلب كل عربي شريف، فبعد ان اراد شعبه التخلص من طغاة العصر القابضين على خناقه منذ عقود ولم ير منهم الا العنجهية والشعارات الرنانة الفارغة التي ليس لها وجود في القاموس السياسي السوري والعربي.. وانه فقط تمكن من تحقيق شيء واحد هو اهانة شعب عريق عنيد شجاع اراد ان يزيل هذا النظام وشعاراته الفارغة والذي لم يطبقها بواقع الحال الا على اسكات واخراس شعبه العربي الابي وهاهو ربيع سوريا يدخل في خضم الاجندات الامبريالية العالمية التي تقاسمتها امريكا وروسيا ومازال شتاءه قارسا قاسيا عمق جراحات الشعب السوري ومعها جراحات الشعب العربي الذي يأن لألام شقيقه السوري الذي لاوجود في الافق لاي ربيع له الا بعد التوافقات والمصالح الامبريالية في المنطقة... وبعد كل هذه الالام القاسية على المشهد العربي باكمله لم يجد هذا الشعب العريق اي متنفس له يريحه من الامه وتدخلات امريكا والغرب بشؤونه وزرعها لكل مايمكنها من فتن وحروب للسيطرة على هذا المارد العظيم الذي اذا استفاق قلب موازين العالم، وهو ما تستشعره امريكا والغرب بحق وتعمل بكل مااوتيت من قوة ومكر خبيث لعدم افاقة هذا المارد العظيم وتغرقه بالظلام والجهل.. ويلوح في افق العرب خيط امل وتفاؤل كبيرين في اول ربيع حقيقي وذلك في السودان، فالعرب اليوم يستبشرون خيرا من نهضة الشعب السوداني الشقيق الذي عانى على مر العصور من تسلط الطغم الحاكمة عليه مستغلين الفقر والعوز الذي يعانيه هذا الشعب الطيب الاصيل.. والذي لم يجد من نظام البشير الذي سرق منهم ثورتهم ضد الطاغي جعفر النميري وليستغل حب الشعب للدين الاسلامي ويحكمهم باسم الاسلام الذي سرعان مااتضح لهم كذبه وادخل ابلد في صراعات داخلية وخارجية اسفرت اهمها عن انفصال الجنوب لرضى امريكا والغرب ، والتي لم ترض عنه رغم ذلك.. وجميع التوقعات الحالية على الساحة السودانية وبالحسابات العربية الخالصة، فان السودان تعيش اليوم المخاض الحقيقي لربيع عربي زاهر سيقلب الموازين في المنطقة وسيغير الوجه الحقيقي للثورات وسيكون مثالا حقيقيا لما تؤمن به الجماهير العربية من خلاص من الانظمة الغبية الفاشلة.. وستحصل الثورة السودانية شاء البشير ام ابى.. الفرصة متاحة للانظمة العربية اليوم لمصالحة شعوبها اكثر من اي وقت مضى للتخلص من الهيمنة الامريكية على العالم باستغلال الازمة الاقتصادية والبرلمانية في امريكا والعمل على اسقاط النظام الامريكي من خلال الاقتصاد ، وهذا الكلام موجها اولا الى دول الخليج العربي التي لولا دعمها للاقتصاد الامريكي لسقطت امريكا منذ سنين ، وهي فرصة ذهبية ستطيح بامريكا كما اطاحت بالاتحاد السوفيتي من قبله وهي سهلة التحقيق وليست فيها اي عقد ولكنها تحتاج الى شجاعة الرجال وصدقهم مع الله ومع شعوبهم.. فياترى هل من مبادرة تاريخية بهذا الاتجاه.. ام اننا سنرى من يتلقف امريكا بكلتا يديه وبحضنه بهدف رضاها عنه ودعمها اياه.. وللتاريخ نقول ان امريكا ساقطة لامحالة وسيسقط معها كل قزم تابع لها. المستقبل نيوز