في خطوة لاقت انتقادات واسعة, قررت حكومة جنوب السودان وقف الحملات التي تدعو إلى إجراء استفتاء من جانب واحد في منطقة أبيي المتنازع عليها مع السودان خلال الشهر الحالي. ورأى مراقبون في هذا القرار تراجعا من جانب جوبا عن إجراء الاستفتاء, في حين أرجعه آخرون إلى زيارة منتظرة للرئيس السوداني عمر البشير لجوبا. وقد تسلمت إذاعة وتلفزيون دولة الجنوب رسميا خطابا من وزير الإعلام قرر فيه وقف جميع البرامج التي تتناول الاستفتاء, ويشمل الحظر الذي أعلنت عنه وزارة الإعلام والبث وسائل الإعلام الحكومية من إذاعة وتلفزيون. وبينما يرى بعض المهتمين بالشأن العام بجنوب السودان في هذه الخطوة تراجعا من الحكومة عن إجراء الاستفتاء في أكتوبر/تشرين الأول الجاري، يرى البعض الآخر فيها تعبيرا عن حسن نية لتمهيد الطريق أمام مفاوضات رسمية متوقعة بين الرئيس سلفاكير ميارديت ونظيره السوداني عمر البشير نهاية هذا الشهر لمناقشة مستقبل أبيي. ونصت اتفاقية السلام الشامل لعام 2005 التي أنهت الحرب الأهلية على إجراء استفتاء على مستقبل المنطقة مطلع العام 2011, لكن الاستفتاء لم يتم بسبب الخلاف على من يحق لهم التصويت في هذا الاقتراع. تبريرات وكان مجلس الأمن والسلم التابع للاتحاد الأفريقي قد تبنى مقترحا قدمه رئيس اللجنة الأفريقية المكلفة بالتوسط في النزاع ثابو مبيكي، ينص على إجراء الاستفتاء لمنطقة أبيي هذا الشهر. لكن جوباوالخرطوم مختلفتان على أحقية التصويت، حيث ترفض الأولى مشاركة قبيلة المسيرية فيه، بينما ترفض الثانية استبعاد القبيلة منه. وبرر مايكل مكوي وزير الإعلام والبث والناطق الرسمي باسم حكومة جنوب السودان في تصريحات صحفية، القرار بجملة من الأسباب، منها أن البرامج الموجهة بشأن أبيي غير مسؤولة في تناولها للقضية, وتستخدم من خلالها ما سماها "لغات بذيئة". وأضاف أن قراره يقضي أيضا بوقف أي حملات في الإعلام الرسمي تروج لإجراء الاستفتاء في أبيي، وتابع أنه يجب الانتظار لمعرفة نتائج التحركات السياسية التي تجري لحسم قضية المنطقة، لكنه قال إن البرامج التي صدر أمر بوقفها يمكن أن تُبث مجددا بعد إعادة صياغتها. وتجري في جوبا حاليا حملة شعبية كبرى تروج لإجراء استفتاء من طرف واحد لتحديد مصير منطقة أبيي. وتدعو الحملة إلى استفتاء قبيلة "دينكا نقوك" التي تجاور قبيلة المسيرية في المنطقة، من طرف واحد. لكن مسؤولا كبيرا في وزارة خارجية جنوب السودان -فضل عدم ذكر اسمه- كشف للجزيرة نت عن زيارة مرتقبة للرئيس البشير إلى جوبا نهاية الشهر الجاري. وقال المسؤول إن الزيارة ستناقش مسألة أبيي, وإن من الطبيعي أن تتخذ الحكومة تدابير بشأن تلك الحملات الإعلامية، مضيفا أنه في العرف الدبلوماسي يجب اتخاذ مثل هذه القرارات لإبداء حسن النوايا في التفاوض. أتيم سايمون اعتبر أن القرار يمثل قرار مضرّ وكانت حكومة جنوب السودان قد صرّحت من قبل بأنها متمسكة بضرورة تنفيذ مقترح الاتحاد الأفريقي القاضي بإجراء الاستفتاء هذا الشهر. وأُعلن أن كافة أبناء قبيلة دينكا نقوك العاملين في الخدمة المدنية بجنوب السودان سيغادرون إلى أبيي للمشاركة في الاستفتاء. ووصفت اللجنة القومية لدعم الاستفتاء -وهي لجنة شعبية شكلها ناشطون جنوبيون- قرار الحكومة حظر التناول الإعلامي لاستفتاء أبيي بالمضر لترتيبات العملية, واعتبرت أنه توجد مواقف متضاربة للحكومة. وقالت اللجنة على لسان الناطق الرسمي باسمها أتيم سايمون مبيور إن القرار لا يمثل الموقف العام لمجلس الوزراء, وإنما يعبر عن وجهة نظر وزير الإعلام. وحسب قول سايمون, فإن تلك الخطوة تضعف حجج الحكومة التي منحت أبناء دينكا نقوك إجازات مفتوحة استعدادا للاستفتاء. لكن المتحدث ذاته أشار إلى أن القرار الذي جاء متزامنا مع الإعلان عن زيارة مرتقبة للبشير يهدف فقط إلى دعم العلاقة مع الخرطوم. المصدر:الجزيرة