الهلال يرفض السقوط.. والنصر يخدش كبرياء البطل    قصة أغرب من الخيال لجزائرية أخفت حملها عن زوجها عند الطلاق!    الجيش ينفذ عمليات إنزال جوي للإمدادات العسكرية بالفاشر    كيف دشن الطوفان نظاماً عالمياً بديلاً؟    محمد الشناوي: علي معلول لم يعد تونسياً .. والأهلي لا يخشى جمهور الترجي    مطالبة بتشديد الرقابة على المكملات الغذائية    تستفيد منها 50 دولة.. أبرز 5 معلومات عن الفيزا الخليجية الموحدة وموعد تطبيقها    السودان..الكشف عن أسباب انقلاب عربة قائد كتيبة البراء    حادث مروري بمنطقة الشواك يؤدي الي انقلاب عربة قائد كتيبة البراء المصباح أبوزيد    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء سودانية تخطف قلوب المتابعين وهي تستعرض جمالها ب(الكاكي) الخاص بالجيش وتعلن دعمها للقوات المسلحة ومتابعون: (التحية لأخوات نسيبة)    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء سودانية تخطف قلوب المتابعين وهي تستعرض جمالها ب(الكاكي) الخاص بالجيش وتعلن دعمها للقوات المسلحة ومتابعون: (التحية لأخوات نسيبة)    شاهد بالصورة والفيديو.. "المعاناة تولد الإبداع" بعد انقطاع الماء والكهرباء.. سوداني ينجح في استخراج مياه الشرب مستخدماً "العجلة" كموتور كهرباء    شاهد بالفيديو.. تاجر خشب سوداني يرمي أموال "طائلة" من النقطة على الفنانة مرورة الدولية وهو "متربع" على "كرسي" جوار المسرح وساخرون: (دا الكلام الجاب لينا الحرب والضرب وبيوت تنخرب)    بالفيديو.. شاهد رد سوداني يعمل "راعي" في السعودية على أهل قريته عندما أرسلوا له يطلبون منه شراء حافلة "روزا" لهم    برشلونة يسابق الزمن لحسم خليفة تشافي    البرازيل تستضيف مونديال السيدات 2027    السودان.."عثمان عطا" يكشف خطوات لقواته تّجاه 3 مواقع    ناقشا تأهيل الملاعب وبرامج التطوير والمساعدات الإنسانية ودعم المنتخبات…وفد السودان ببانكوك برئاسة جعفر يلتقي رئيس المؤسسة الدولية    عصار تكرم عصام الدحيش بمهرجان كبير عصر الغد    إسبانيا ترفض رسو سفينة تحمل أسلحة إلى إسرائيل    مدير الإدارة العامة للمرور يشيد بنافذتي المتمة والقضارف لضبطهما إجراءات ترخيص عدد (2) مركبة مسروقة    منتخبنا فاقد للصلاحية؟؟    قيادي سابق ببنك السودان يطالب بصندوق تعويضي لمنهوبات المصارف    شاهد بالصورة.. (سالي عثمان) قصة إعلامية ومذيعة سودانية حسناء أهلها من (مروي الباسا) وولدت في الجزيرة ودرست بمصر    آفاق الهجوم الروسي الجديد    كيف يتم تهريب محاصيل الجزيرة من تمبول إلي أسواق محلية حلفا الجديدة ؟!    شبكة إجرامية متخصصة في تزوير المستندات والمكاتبات الرسمية الخاصة بوزارة التجارة الخارجية    يوفنتوس يتوج بكأس إيطاليا للمرة ال15 في تاريخه على حساب أتالانتا    إنشاء "مصفاة جديدة للذهب"... هل يغير من الوضع السياسي والاقتصادي في السودان؟    عثمان ميرغني يكتب: السودان… العودة المنتظرة    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني في الموازي ليوم الأربعاء    وسط توترات بشأن رفح.. مسؤول أميركي يعتزم إجراء محادثات بالسعودية وإسرائيل    "تسونامي" الذكاء الاصطناعي يضرب الوظائف حول العالم.. ما وضع المنطقة العربية؟    "بسبب تزايد خطف النساء".. دعوى قضائية لإلغاء ترخيص شركتي "أوبر" و"كريم" في مصر    شاهد بالصورة.. حسناء السوشيال ميديا "لوشي" تنعي جوان الخطيب بعبارات مؤثرة: (حمودي دا حته من قلبي وياريت لو بتعرفوه زي ما أنا بعرفه ولا بتشوفوه بعيوني.. البعملو في السر مازي الظاهر ليكم)    حتي لا يصبح جوان الخطيبي قدوة    5 طرق للتخلص من "إدمان" الخلوي في السرير    انعقاد ورشة عمل لتأهيل القطاع الصناعي في السودان بالقاهرة    أسامه عبدالماجد: هدية الى جبريل و(القحاتة)    "المايونيز" وراء التسمم الجماعي بأحد مطاعم الرياض    محمد وداعة يكتب: ميثاق السودان ..الاقتصاد و معاش الناس    تأهب في السعودية بسبب مرض خطير    باحث مصري: قصة موسى والبحر خاطئة والنبي إدريس هو أوزوريس    الفيلم السوداني وداعا جوليا يفتتح مهرجان مالمو للسينما في السويد    بنقرة واحدة صار بإمكانك تحويل أي نص إلى فيديو.. تعرف إلى Vidu    أصحاب هواتف آيفون يواجهون مشاكل مع حساب آبل    كيف يُسهم الشخير في فقدان الأسنان؟    هنيدي ومحمد رمضان ويوسف الشريف في عزاء والدة كريم عبد العزيز    أسترازينيكا تبدأ سحب لقاح كوفيد-19 عالمياً    تنكُر يوقع هارباً في قبضة الشرطة بفلوريدا – صورة    معتصم اقرع: حرمة الموت وحقوق الجسد الحي    يس علي يس يكتب: السودان في قلب الإمارات..!!    يسرقان مجوهرات امرأة في وضح النهار بالتنويم المغناطيسي    بعد عام من تهجير السكان.. كيف تبدو الخرطوم؟!    العقاد والمسيح والحب    أمس حبيت راسك!    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فتحية البدوي رفيقة درب التجاني الطيب تتذكر : هذا الحدث هزني وغيّر حياتي.. استطعنا أن ندخل الميدان السرية للتجاني داخل زنازين الأمن.. بهذه الحيلة نفدت من الشرك الأمني
نشر في الراكوبة يوم 24 - 11 - 2013

رحل الاستاذ التجاني الطيب بابكر تاركاً لنا ارثا عظيما من النضال ونكران الذات و من القيم والمباديء وهي خير زاد لنا ونحن نواصل مسيرتنا في النضال ضد الديكتاتورية والشمولية وحكم القهر والتسلط ،عامان مرا علي رحيله لكنه حاضراً في كل ركن من الميدان ...في التحرير في المقاومة في الكتابة بمسؤولية ..في اجتماع التقييم .....التقينا السيدة فتحية البدوي رفيقة دربه والتي عانت وقاست معه وصبرت طوال حياتهما المشتركة لتسرد لنا جانبا من ذكريات النضال :
كمال / إيمان
**هل يمكن تسليط القليل من الضوء علي علاقتكما الأسرية أنت والتجاني قبل الزواج ؟
= أنا فتحية البدوي بابكر بنت عم التجاني وزوجته بعد ذلك ، والدي كان يعمل في تجارة العيش ووالدتي آمنة بلة علي فرح . ونسكن بحي العرب امدرمان .تزوجت التجاني ، وغني في حفلتنا الفنان أحمد المصطفي .
التجاني عرف السجن والمعتقلات حتي قبل زواجنا ، فقد قبض عليه في مظاهرة ، وتم إخفاء الخبر عن الأسرة ، وحوكم بالغرامة 75 جنيه ( وكانت باهظة يومها ) أو بالسجن عاماً ، كان أخوه أحمد يعمل في مصلحة الأشغال في الشرق وأظنها القضارف فأخذ سلفية مرتب 3 شهور دفع بها الغرامة لإخراج التجاني وأرسل زوجته وأولاده إلينا في حي العرب ليسكنوا معانا لأنه لم يكن يستطيع بعد السلفية أن يفتح بيت .
بعد هذا الحدث فصل التجاني من العمل وكان مدرساً ، ولم يعمل بعد ذلك فقد تفرغ للحزب الشيوعي
من الأشياء التي أذكرها أن التجاني قبل زواجنا كان يخفي بعض الأوراق في شجرة ليمون في بيتنا بحي العرب ، وكانت الوالدة تخشي أن يكتشفها ناس الأمن ، فلما يجي تفتيش تذهب ناحية الليمونة ، ولما ينتهي التفتيش التجاني يقول ليها كنت ح ( تكشفينا) علي سبيل المزاح
أول إختفاء للتجاني :
أكتر حاجة هزتني وزعلتني وغيرت حياتي كان انقلاب عبود وما كنا فاكرين إنو حاجة زي دي بتحصل . أذكر أن التيجاني حضر من الخارج عشية انقلاب نوفمبر وقال لنا بكرة في انقلاب وكان أخي دفع الله معنا بالبيت ،فقال للتجاني هل سينجح الانقلاب والناس كلها بتتكلم عن انقلاب حيحصل ؟ فرد التجاني يمكن تسليم وتسلم او انقلاب رجعي .
صبيحة الانقلاب صحا التجاني من بدري ، وعند السادسة والنصف صباحاً جلس علي الأرض أمام الراديو فسمعنا المارشات العسكرية والبيان الاول هنا قال التجاني الانقلاب حصل وأنا خارج وما تقلقوا علي يمكن أغيب 3 أو 4 يوم .هذه كانت أول تجربة لنا وكنا صغار في السن وهو كان صغيراً ، لدي خروجه قلت ليه ما تقطع اخبارك فرد علي كان غبت أيام ما تقلقوا دي . في الحقيقة الانقلاب كان أول بلوي تحصل لي في حياتي. بعد أربعة أو خمسة أيام رسل لينا زول شال ليه ملابس وقال لينا هو كويس ، منذ ذلك الحين لم أعرف الإطمئنان وكنت أعيش في قلق وخوف .
بعد حوالي 6 شهور سمعنا من الجرايد إنو اعتقلوه ، وتفاصيل الاعتقال كما روتها الجرائد إن التجاني كان ماشي في الشارع وجات عربية نورت في وشو فعرفه أحد أفراد الأمن وتابعه إلي أن قبضوا عليه لا أدري كم مكث من الزمن في المعتقل لكنهم لم يسمحوا لي بزيارته فقط كانوا يستلمون الأشياء التي نرسلها له .
الأمن الزمن داك كان جنب الراهبات ، لا أذكر هل حوكم في ذلك الاعتقال أم لا لكنني أذكر أنه حوكم ب 3 سنين سجن ونقل إلي الفاشر . أنا كنت حامل لما اعتقلوه ، بعد فترة قرأنا في الجرائد أنهم أحضروه للخرطوم وح يقدموه لمحاكمة فاتصلنا بالأستاذ المحامي ميرغني النصري ومعاه زميل تاني فطمأنونا وساعدونا وقالوا لينا ما تنزعجوا . كنت طيلة هذه المدة وأنا حامل أعيش علي أعصابي ، في ليلة المحكمة أنا ولد بنت وفي الصباح أهلنا ذهبوا للمحكمة والتقوا التجاني وهو نازل من الكومر قالوا ليه البت مبروكة، لما طلع من المحكمة وداير يركب العربية قالوا ليه نسميها منو قال صفية ، أذكر أن صفية ولدت في اكتوبر 1959 وتوفيت بعد عام واحد .
بعد أن أكمل التجاني فترة سجنه خرج ، لفترة وكنت قد تعودت علي المصائب ، ثم اعتقل وتم ترحيله إلي ناقيشوط التي لم أسمع بها في حياتي إلا بعد أن سجن بها ، آنذاك أنا كنت في حي العرب مع أهلي .
بعد ثورة اكتوبر 1964 :
=أيام ثورة اكتوبر كنا ساكنين في ابوروف ، حصلت مشاكل في الجامعة مشي حضر الندوة وجانا قال ما بقعد في البيت الزمن داك مافي مرة بتقعد براها مشيت حي العرب وحصلت بعد داك ثورة اكتوبر ، بعد اكتوبر وأيام الثورة الاولي ما كان موجوداً بالمنزل ، بعد استقر النظام رجع وكنا في حي العرب .
الذهاب إلي براغ :
=علي أيام حل الحزب الشيوعي كنا في براغ ، وكان التجاني يعمل في مجلة قضايا السلم بتكليف حزبي . اذكر أن التجاني في يوم ما كان راكب تاكسي ولاقاه أحد التشيك و قال له انتو كسبتو القضية وقبيل اذاعوها الصباح ، وكان يقصد قرار المحكمة العليا بشأن بطلان حل الحزب الشيوعي ، التجاني من الفرحة شال القروش كلها أداها سواق التاكسي ، وجاء يدق في الباب قلت ليه انت نسيت الجرس ولا شنو ؟ فكلمني وقال لي نمشي السودان قلت ليه اكتب لي ناس الحزب رسالة واعرف الحاصل وفعلا القضية ما مشت لي قدام والقرار الحكومة ابت تنفذه .
قعدنا زي سنتين هناك بعد داك رسلوا ليه قالوا ليه تعال الحزب . رجعنا ، جينا أيام الديمقراطية ، كانت ديمقراطية لكن نحن ما فيها – تقصد الحزب الشيوعي ،
بعد 19 يوليو 1971 .. الإختفاء الطويل
=لما جات 19 يوليو التجاني ما جاء راجع البيت ، كان في موكب تأييد وسمعنا انو ناس بابكر النور خطفوا طيارتهم بعد داك ظهر نميري . التجاني ما جاء راجع بنسمع الضرب والموت وكان في حظر تجول من 7 م ، إبنتي عزة اتجننت قالت أبوي دا إلا حصلت ليه حاجة ، كان في زوج اختي في البيت عمر محمد خير قال لي نمشي نفتشو وقلت ليه في حظر تجول قال لي نقول ليهم عندنا زول مفقود قمنا طلعنا زي الساعة 11 بالليل من حي العرب في الشوارع كان بلاقينا البوليس وفي الكوبري – كوبري امدرمان – منعونا ، عزة قالت ليهم ابوي يمكن مرمي في مستشفي أو ميت، العساكر قالوا ليها ابوك منو كلمتهم خلونا نمشي ، كانت لحظات مرعبة لما جينا في المشرحة غلب عزة تعاين للناس الميتين وكلنا ما قدرنا نعاين للذين بداخلها ، قالوا لينا مافي قائمة واصبروا بعد يوم يومين الاشياء بتظهر . جينا راجعين البيت مافي أي خبر بعد اسبوع رسل لينا خبر انو كويس والناس تطمئن بعد ذاك ( جبدنا نفسنا شوية ) بعد سنة من داك حتي شفناه
كنت في تلك الأيام بمشي لي فاطمة أحمد ابراهيم وسميرة اسحق زوجة زميل استشهد بنزيف القرحة كان في المعتقل ورفضوا اسعافه كانت ايام قاسية
**هل كنت تلاقين التجاني في سنوات اختفائه بعد 1971 ؟
=بعد سنة من إختفائه عمل لينا مواعيد في عيادة دكتور حسن شريف ( توفي ) وتقابلنا هنالك ،
بعد ما اختفي واستقر كنت بشوفو طوالي سكن في بيت مع أسرة وبينهم نفاج ، كنت بدخل بي بيت الأسرة وامشي ليه بالنفاج .
اعتقال التجاني والكمين الأمني :
= ذات يوم مشيت كالعادة ، فتح لي الباب ولد وخطيت لي خطوتين تلاتة قمت لقيت لي اتنين تانين فاستغربت جدا ، لكن قلت في نفسي حصلت حاجة . لما دخلت لقيتهم خمسة الكلام دا كان زي الساعة 2 ، كنت بمشي ليهم بعد ما تطلع ست البيت من الشغل كانت مدرسة وبجي بعد ما تجي من المدرسة ، قلت ليها الناس ديل شنو ؟ قالت لي ادخلي مافي حاجة قمت دخلت لقيت البيت مقلوب والقيامة قايمة ، فقالت لي جانا تفتيش أمس بالليل وقالوا لينا امشوا الشغل عادي وقعدوا في البيت عشان الناس البجوهم يجوا عادي وأي زول يجي يقبضوه ، قاموا ناس الأمن سألوها قالوا ليها دي منو قالت ليهم خالتي وقلت ليهم انا خالتها وجيت من امدرمان ، وبعد داك استجمعت شجاعتي وقلت ليها انت بس أي زول يدخل بيتكم ويفتشوا. الناس ديل شنو في وليه تخليهم يقلبوا بيتك وزوجك وينو ؟ قالت لي في الشغل ، افتعلت الهياج بينما كانت اعصابي بايظة ، ولكن الكلام ما جاب فايدة ، لما طلعوا انا كنت قايلة التجاني قاعد بالجانب الآخر كتبت ليه ورقة صغيرة ودخلتها تحت الباب هم ما شافوها ، لما ذهبوا قالت لي ست المنزل أن التجاني ذاتو اخدوه بالليل وخلونا قاعدين وقالوا لينا امشوا شغلكم عادي ، خرجت وأنا لا أري الطريق وكادت عربة أن تدهسني لولا أن سائقها نزل وأمسكني من يدي وصاح غاضباً انت جاية من وين ؟ . جيت البيت وما كلمت زول 3 يوم ما طلعت من الاوضة ، وما مشيت لي أي زول من الزملاء قلت أجيب لي شبهة ليهم ثالث يوم جانا أمين محمد الطيب ، قال لي امبارح جانا تفتيش عرفت أن ناس الأمن لم يعرفوا شخصية التجاني إلا بعد يومين من اعتقاله
.بعد داك مشيت للمحامي ميرغني النصري ، قال لي انت امشي اقعدي في البيت واطمئني مشوا الامن وسألوا منه ، بقوا ليه حماية دي استمرت 10 شهور لحدي ما قدموه لمحاكمة .
زنزانة مظلمة :
=في الأمن كما حدثني التجاني كان في زنزانة مظلمة ، وممنوع من الورق والأقلام ، كنت عبر طرق عديدة أدخل له ( سنن) أقلام الرصاص وورق وبعض الجرائد ومن ضمنها الميدان السرية ، وهو كان يرسل عبري رسائل للحزب بنفس الطريقة .
لما ذهب لسجن كوبر كنت الاقيه بانتظام والمقابلات في أحيان كثيرة في مكتب مدير السجن .
ليلة إنقلاب الجبهة الإسلامية :
=حوالي 3 صباحاً دق الباب ، التجاني ذهب وفتحه ، كان في ضابط لونه اصفر ومعه آخرين قالوا للتجاني القيادة العامة عملت انقلاب وقالوا يتحفظوا عليك ، وكان يقول للتجاني نحن مستعجلين بينما كان التجاني يجهز بعض المستلزمات من غيار ومعجون وخلافه ، بعد داك عرفت أن الضابط قتل في نفس الليلة أمام السلاح الطبي ،
السفر للقاهرة :
= لم يأت بعد ذلك التجاني للبيت حتي بعد أن خرج من الاعتقال ، ثم عرفنا أنه وصل مصر ،
أتت قوة من الأمن في نهار يوم ، ولم نكن موجودين ، فتسلقوا الحائط وفتشوا البيت ،ربما كانوا يعتقدون أن خبر وصول التجاني لمصر كان بغرض التمويه . حدثنا أحد الجيران بأن أحد الصحفيين المشهورين ( الأخوان) كان برفقة أفراد الأمن .
مع التجاني في مصر :
= كانت حياة التجاني بمصر كلها عمل شاق لأجل الحزب والتجمع ، كانت هنالك رقابة أمنية مصرية عليه ، سافرت معه مرة لأسمرا ، وكان يجلس طويلاً علي مكتبه بالبيت يكتب ويقرأ ويتابع أخبار السودان . كما كانت اجتماعات التجمع تأخذ الكثير من وقته .
لم يرتاح يوماً في حياته:
**ماذا يمكن أن تقولي عن هذه السنوات الحافلة ؟
= كنت أحياناً أشفق علي التجاني من حياة المطاردة والسجن والاعتقال ، وأقول لنفسي أنه لم يرتاح يوماً في حياته ، لكنني استدرك بأنها الحياة التي وجد فيها التجاني نفسه وعاش بها ولأجلها .. من أجل حزبه ومبادئه ولأجل الناس والبشرية ، كان يفرح عندما يكون العمل الحزبي ماشي كويس ، ويغضب عندما يساء للحزب الشيوعي .
في ذكرى رحيل الأستاذ تيجانى الطيب: السيف بالقلم
بقلم الأستاذ مصطفى عبدالقادر المحامي
رحم الله التيجانى الطيب وغفر له , كان ابا واخا وكان خير جليس , مدافعا عن انسان السودان , مبرأ من كل عيب صادقا صدوقا شجاعا باسلا تعلمنا منه الكثير, كل كلمة كتبها لاي كذب ولايُكذب, زاملناه فى كثير من المعتقلات .كان معلما لنا وأستاذا , تعلمنا منه الصبر والصمود والوفاء , احْب شعبه ووطنه واحبْه شعبه .
ودعناه بالبكاء والالاف من ابناء هذا الوطن لا يقولوا سوى انه كان قمة وكان بحرا وكان امة وكان ناطقا بالحكمة والعدل والاحسان , مدافعا عن مواطنيه وعن حقوقهم وكرامتهم رحم الله التيجانى الطيب وغفر له بقدر ما قدم لشعبه .
من دفاع الأستاذ التجاني الطيب أمام محكمة أمن الدولة العسكرية 1980
ليست هذه اول مرة اواجه فيها القضاء، فانا مناضل منذ الصبا الباكر، اي قبل اكثر من اربعين عاما، و الفضل في ذلك يعود الى ابي و معلمي الذي كان قائدا لثورة 1924 في شندي و ظل وطنيا غيورا حتى وفاته قبل شهور، كما يعود الى جيلنا العظيم جيل الشباب الذي حمل اعباء نهوض الحركة الوطنية و الديمقراطية الحديثة. و انني اعتز بانني كنت من المبادرين و المنظمين البارزين لاول مظاهرة بعد 24 و هي مظاهرة طلاب المدارس العليا في مارس 1946، و اعتز بانني كطالب في مصر اديت نصيبي المتواضع في النضال المشترك مع الشعب المصري الشقيق ضد الاستعمار و حكومات السراي و الباشوات و نلت معه نصيبي المتواضع من الاضطهاد باعتقالي سنة و قطع دراستي، واعتز بانني شاركت مع رفاق اعزاء في كل معارك شعبنا من اجل الحرية و التقدم الاجتماعي و الديمقراطي، و قمت بدوري المتواضع في بناء الحركة العمالية و تنظيماتها و نقاباتها و الحركة الطلابية و اتحاداتها، و اعتز بانني في سبيل وطني و شعبي شردت و اعتقلت و سجنت و لوحقت و انني لم اسع الى مغنم ولم اتملق حاكما و لا ذا سلطة و لم اتخلف عن التزاماتي الوطنية كما اعتز بانني ما زلت مستعدا لبذل كل تضحية تتطلبها القضية النبيلة التى كرست لها حياتي، قضية حرية الوطن و سيادته تحت رايات الديمقراطية و الاشتراكية. و لست اقول هذا بأية نزعة فردية فانا لا اجد تمام قيمتي و ذاتي و هويتي الا في خضم النضال الذي يقوده شعبنا و قواه الثورية، الا كمناضل يعبر عن قيم و تطلعات و اهداف ذلك النضال، الا عبر تاريخ شعبنا و معاركه الشجاعة التى بذل و يبذل فيها المال و الجهد و النفس دون تردد في سبيل الحرية و الديمقراطية و التقدم الاجتماعي، انني جزء لا يتجزأ من هذا التاريخ المجيد و هذه القيم و التطلعات النبيلة. ان هدف السلطة من تقديمي لهذه المحاكمة ليس شخصي بالدرجة الاولى و انما مواصلة مساعيها لمحو التاريخ الذي امثله و التطلعات التى اعبر عنها.. و لكن هيهات. وشكرا على سعة صدركم
خرج حزبنا ولم ينكسر ..وتضحياته تضئ تاريخ الوطن
وجاء في مذكرات المناضل التيجاني الطيب الكثير من السرد التاريخي للوقفات المضيئة للحزب الشيوعي السوداني ولنضالات الحركة الجماهيرية بالبلاد ككل ويواجه المطلع علي المذكرات تفكيك السرد المتسق والمتماسك , ورغم ذلك نجتزء بعض مما ورد في المذكرات حول مسيرة الحزب النضالية :
(لقد واصل الحزب الشيوعي السوداني نضاله رغم الأنواء والصعوبات والمؤامرات التي استهدفت اقتلاعه من الحياة السياسية ومن أرض السودان، لكن تمكن أعضاؤه نساء ورجالاً، شيباً وشباباً وبالمواجهة الفكرية والإنسانية وبالمقاومة الباسلة في الانتصار في معركة بقاء الحزب الطويلة وفي صد كل ما من شأنه عرقلة المسيرة الطويلة وبالحفاظ على المعاني والكبرياء الذي يحتاجه إزدهار تجربة الحزب ومجمل التجربة الاشتراكية وقيم العدالة الاجتماعية وفي أرض السودان مما هو مفروض أن يناله شعبنا، فكانت التجربة هي إنما أعطاه الحزب على التحديد من تمكين تلك التجربة من أن تستمر رافعة الرأس بين التجارب والصراع بين بشاعة الرأسمالية وبين أماني شعبنا في التقدم والعدالة والازدهار.
لقد خرج حزبنا من تجربته الطويلة، وما اعتراها من محن وبه حساسية ضد كل أنواع الوصاية عليه، إنني هنا أتحدث عن قناعات مصدرها تجربة رفاقي الشيوعيين السودانيين، ومصدرها التضحيات التي بذلوها حتى بلغت الاستشهاد النبيل ووقوفهم في وجه القوى المحلية والخارجية وأقول هذا من منطلق الضمير مقتنعاً بخطأ كل المواقف التي ضاعفت في عذاب الشعب ا لسوداني وضد الحزب معاً. وقد وصلت في النهاية إلى القناعة بأن لا بديل لمستقبل وطننا سوى الاشتراكية، وهذه القناعة ليس مصدرها مشاعر أو ارتباطات أو وراءها مواقف دوغمائية أو غير ذلك، بل مصدرها الحيوية التي أظهرها الشيوعيون السودانيون وحرصهم على مستقبل شعبنا وحريته ووطننا ووحدته، لقد كان الحزب وما يزال، بل من حسن الحظ أن يسجل له التاريخ أنه يزداد يوماً بعد يوم تفهماً لمجمل الصورة السياسية وبداخلها الاحتياجات الوطنية، مقاتلاً عنيداًن ومحاوراً مرناً، وحزب علاقات من طراز فريد.
لابد أن أشير هنا إلى التغييرات التي اجتاحت المجتمع الدولي في نهاية القرن العشرين وفي ذلك ما يتعلق بالتجربة الاشتراكية ثم انهيارها، وأقول أن بلادنا ما تزال في حاجة لنظام عادل يقوم على اشتراكية متطورة ومنقاة من الشوائب وأن لدى شعبنا متسعاً لصراع الأفكار والأيديولوجيات شرط أن تنطلق من منطلق الولاء للسودان، وأن يكون السودان فيها هو البداية والنهاية خاصة بعد أن تحولت غالبية أقاليم السودان إلى مادة ملتهبة يشعلها مشعلوها أو يطفئونها ساعة يشاءون.
قالوا عنه:
في التقدير يمكن للمرء أن يسرد كتباً ومجلدات عن المواقف التي ميّزت حياة الراحل العظيم الأستاذ التيجاني عمن سواه من السياسيين الذين احترفوا السياسة، أو إن شئت فقل امتهنوا السياسة، وبعضهم ابتذلها تنظيراً وتفعيلاً، ولسنا في حال بسط الموازيين وتقييم الناس وأفعالهم ف (كل نفسٍ بما كسبت رهينة) ولكننا نستذكر ذلك لنؤكد فيما نحن لسنا في حاجة لتأكيده، في أن الفقيد الراحل الأستاذ التيجاني أختط لنفسه منهجاً أقرب للمثالية، كان سياسياً متصوفاً، وزاهداً متبتلاً، وبسيطاً متفرداً، الأمر الذي أضفى على شخصيته سحراً وجاذبية ومنحه تلك الكاريزما الآثرة، حتى ليكاد المرء أن يقول أنه أسس لنفسه مدرسة فريدة، حتماً ستكون نموذجاً لكل من أراد مجداً لنفسه ورقياً وتقدماً وإزدهاراً لوطنه!
الاستاذ فتحي الضو
ومن موقعه في قيادة الحزب الشيوعي، وطيلة فترة نضاله الممتدة منذ مشاركته في الحلقات الأولى لتأسيس الحزب حتى رحيله المفجع، لعب الراحل الأستاذ التجاني الطيب دورا متميزا ومحوريا ولعل أميز مساهمات الراحل كانت دوره في تجربة التجمع الوطني الديمقراطي، 1989 – 2005، والتي شهد بها معاصروه من قيادات وقواعد القوى السياسية السودانية، وكل الجهات الإقليمية والدولية التي تعاملت مع التجمع. وما أن يمر بذهن أي من هؤلاء شريط مساهمات الراحل في نشاط التجمع، إلا وقفزت إلى مقدمة ذاكرته: المبدئية والإلتزام بالإتفاق والموضوعية- الشجاعة والصراحة والصرامة في الحق، غض النظر عن من يقف أمامه- المساهمة الحقيقية في تقيم وإقتراح كل ما يمكن أن يطور العمل- الوطن أولا، وفوق المصلحة الحزبية، أما المصلحة الخاصة فلا توجد في القاموس- التجرد ونكران الذات، وعمق الفكرة مع بساطة طرحها- المسافة الواحدة والمتساوية من جميع أطراف التحالف- السياسة ليست نفاق وخداع، ولا "لف ودوران"- البعد الإنساني الملموس في التعامل مع الآخرين.
دكتور الشفيع خضر سعيد


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.