تحلّق حوله مجموعة من الناس ينتظرون (الظفر) بقطع القصب الحلوة التي تبدو نظيفة وطازجة. تفنّن الرجل في تقطيعها بصورة مدهشة ومشهِّية يسيل لها اللُّعاب. إنه عيسي الهادي، باذع القصب الذي التقته (الأهرام اليوم) إبان جولة في السوق بعدما شد انتباهنا بمهارته الفائقة في التقطيع. الهادي قال إنه يمارس هذه المهنة منذ العام 2001م دون توقُّف مع حبه لها لأنه يكسب منها الرزق الحلال (واالحمدلله). وأردف أنه يأتي بالقصب من سنار ولديه كثير من الزبائن المداومين، وأشار إلى إنه تمرّس في عملية تنظيفه وتقطيعه ليكون جاذباً لزبائنه وأهدى «الأهرام اليوم» قطعة صغيرة تذوّقتها وسألت الزبائن: فقال ياسين أحمد إنه يأتي كل يوم ليأخذ حصته من القصب لأن البائع يتمتع بصفات خاصة فهو نظيف ويرتدي ملابس نظيفة وتعامله (حلو) مع الزبائن وخاصة الذين يأتون كل يوم ويخصهم ب(الزيادة) وهذه وحدها تكفي. وتحدث لنا مصطفى عن إعجابه بقصب السكر وقال أنا لا أحبه لكن أولادي يحبونه بصورة غريبة جداً لدرجة جعلتني أحبه وكل يوم آخذ كمية كبيرة منه (عشان أولادي ما يتشاكلوا) لذلك أحرص أن تكفي حاجتهم وأحس بحبهم له وأنهم في قمة السعادة رغم أن ثمنه زهيد وفائدته كبيرة. ماما فهيمة قالت: أنا من السلطنة الزرقاء من سنار وأعشق قصب السكر لأن مذاقه حلو ويعيدني إلى طفولتي وصباي بطعمه اللذيذ، وأكدت أنها لا ترغب في أن تعطيه لأي شخص قريب منها لأنها تحبه وتحب أن تذهب مزارعه قبل أن يأتي إلى السوق لأنها تحس بحلاوته وهو سامق في حقوله يتمايل مع الرياح في شموخ. وفي السياق قالت أسماء أنها تحب قصب السكر بصورة كبيرة وكل يوم تشتريه لطعمه الحلو، وأردفت أن أخواتها الصغار بالمنزل يترقّبن عودتها محمّلة به على أحرّ من الجمر. فقد اعتادت عليه وإذا نسته يوماً تحس بنوع من التقصير تجاههن يخرج في صمت من عيونهن الصغيرة دون كلام. أما أماني فقالت إنها تعشق قصب السكر جداً رغم عدم رغبتها في المواد السكرية الجافة، وأبانت أنها تأخذه لتعويض المواد السكرية ولكنها تتوخى الشخص الذي تبتاع منه لذلك لديها زبائن بعدد أصابع اليد الواحدة تأخذ منهم وإذا لم تجدهم تعود دارها حزينة جداً لأنها تحبه جداً كما أنها تستمتع وهي تأكل القصب في المكان المخصص له وتكون في كامل راحة البال وفي قمة المزاج وتدندن بالنغمات الرائعة التي تعشقها بقدر حبها لقصب السكر. وأبان أيمن أنه من كنانة أرض الخير، وقصب السكر له موسم محدد ويتلذذون به ويأكلونه في مجموعات مع أسرهم في جو من الدردشة والمرح، وأردف أنه (أدمنه) لدرجة جعلت أهل كنانة يطلقون عليه لقب (أيمن سُكّر)! وخرجت «الأهرام اليوم» من السوق وتركت العديد من الزبائن تمضغ أفواههم جزيئات قصب السكر في حنوٍ بالغ وعيونهم نصف مُقْفلة. الاهرام اليوم