يكاد الذين عرفوا الراحل خوجلي عثمان عن كثب يجمعون على أن هذا الرجل لم يكن مجرد مطرب، أنه كان عالي الإنسانية في تعاملاته، أما الذين لم يكتب لهم سوى مشاهدته والاستماع اليه يغني فربما شعروا بهذه الإنسانية العالية تطفر من تفاعله الصادق والعميق مع ما يغنيه لا سيما في : ان درنا نشكي وين نشكي ليكا وين نلقى دنيا تجمعنا بيكا ما قتا بتجينا يا حليل مجيكا ان ضاع عمرنا محسوب عليكا انتا البتنهي وانتا البتأمر ان درتا نشقى وان قلتا نصبر اسمعنا مره وحاتنا عندك اسمعنا مره الدنيا تبقى ما فيها مره والكون يلالي بهجه ومسره حن في عمرنا شايفنو مره (2) كل ما يفعله "لك" الإنسان تستطيع أن تصنع أو تشتري آلة "تعفيه" منه : غسيل الملابس، عجن الدقيق وخبزه وتقطيعه وإحضاره لك مع إدامه وغموسه حيث تجلس أو تنام، تركيب الصواميل والمسامير الدقيقة في مصانع السيارات والأجهزة الالكترونية، القيام بالعمليات الحسابية المعقدة، مراقبة (الداخل والمارق) في الحتات المهمة، توجيه السيارات والطيارات والصواريخ إلى مساراتها الآمنة بدقة واتقان، ولكن لا ولن نستطيع أن نخلق آلة (تبادلنا) المشاعر الإنسانية... مهما نظّر ديفيد ليفي ومهما بحث ومهما ألف الكتب وعقد المؤتمرات وورش العمل لن يستطيع – على سبيل المثال – أن يخلق روبوتاً (رجلا ً آليا ً ) يغني اسمعنا مرة كما غناها المرحوم (خوجلي عثمان)، ولن يستطيع أن يخلق (زوجة آلية) تمنح زوجها (الآدمي) الدفء والحنان والسكينة..إلخ وإن ظن أو أيقن أنه لا يحول بينه وبين ذلك إلا القليل من الوقت والبحث والابتكار. (3) وديفيد ليفي المذكور هنا ليس هو المتطرف الاسرائيلي المعروف والذي شغل في فترة من الفترات منصب وزير الخارجية الاسرائيلية والذي بلغ به تعصبه أنه ظن أن الحكومتين الامريكية والاسرائيلية تحميان عرفات من انتقامه هو وأمثاله وليس هو طبعاً ديفيد ليفي منسي المتوفى 1885 والذي كان رئيساً للطائفة اليهودية في زمانه الذي فات وغنايه الذي مات.. ديفيد ليفي المقصود هنا، سيداتي آنساتي ساداتي، هو اللندني الإقامة الأدنبري المولد الارتيفشيالنتلجنسوي التخصص (من الذكاء الاصطناعي ) الشطرنجوي الشهرة ذلك الذي يصر على أن من الممكن (ترقية) الإنسان الآلي لأداء مهام عاطفية ووجدانية خاصة. (4) في رسالة الماجيستير التي قدمها ليفي بعنوان: "العلاقات الحميمة مع شركاء اصطناعيين"، قال إن الروبوت "سيصبح أكثر شبهاً بالإنسان من حيث المظهر والوظيفة والشخصية، بحيث يمكن للإنسان أن يقع في حبه ويبادله المشاعر والأشواق وحتى يتزوجه [على سنة من ؟] ." وقال ليفي: "السؤال ليس إذا كان هذا سيحدث أم لا، وإنما متى سيحدث؟ وأنا مقتنع بأن الجواب سيكون أقرب مما نعتقد." ورغم أن اختصاص الروبوتات، رونالد آركين، من معهد جورجيا للتكنولوجيا في أطلنطا، لا يعتقد أن الزواج من الروبوت سيكون مسموحاً به بحلول العام 2050، إلا أنه يقول: "كل شيء ممكن، وأنه ليس لمجرد عدم منحه الشرعية فإن الناس لن يحاولوا ذلك". وكان مؤسس شبكة الأبحاث الروبوتية الأوروبية، هنريك كريستينسن، قد تنبأ أن الناس يمكنهم تتبادل المشاعر مع الروبوت في غضون خمس سنوات، وهو ما يعتقده ليفي أيضاً. (5) نحن لا ننكر أن الإنسان، أي إنسان، يمكن أن يقع في (عشق) روبوتاية حليوونة تصمم لهذا الغرض، وربما كان ممكناً أيضاً أن تعشق امرأة آدمية فتىً آلياً وسيماً، ولكن الروبوتات – سيداتي آنساتي سادتي – لن تقع في حب أحد لأن الروبوتات ببساطة لا ذات لها، والذات هذه مسألة روحانية وفلسفية وسيكولوجية، خارج إطار قدرات ديفيد ليفي وزملائه على البرمجة والتصميم.. لو يسمعنا مرة. فتحي البحيري صحيفة الحقيقة