ارتجل الحزب الحاكم دعوات للحوار مع القوى السياسية ، ابرزتها صحف الامس، بدت كمحاولة لاحتواء ردود الافعال السلبية ، التى اثارها خطاب الرئيس فى بورتسودان، فى اوساط القوى السياسية، وانقاذ دعوة الحزب الحاكم، للحوار الوطنى، التى أطلقها فى 27 من يناير الماضى، والتى وجدت قبولا وتاييدا من المجتمع الدولى، . وبقدر ما كان خطاب بورسودان محرجا ، للقوى التى راهنت على الحوار مع الحزب الحاكم ، خاصة حزبى الامة والمؤتمر الشعبى ، فان الخطاب، فيما يبدو ، قد اثار من الارتباك ، فى اروقة الحزب الحاكم ، ما اثاره خطاب القاعة. مايعزز الاستنتاج الرائج فى بعض الاوساط السياسية ، بشأن بروز خلاف جديد فى صف النظام والحزب الحاكم،وتصادم للارادات، حول الموقف مما أسمى بمبادرة الحوار الوطنى، والتى لاتزال – بعد مرور اكثر من شهر- على طرحها، مجرد عنوان لاكثر،واعلان نوايا لا يصدقه الواقع. اذ تلاحظ استمرار سياسة التضييق على الحريات العامة ، خاصة حرية الصحافة والتعبير والتجمع السلمى، الى جانب استمرار الحرب وطغيان خطاب الحسم العسكرى، الذى رافق مفاوضات اديس ابابا حتى نهايتها الفاشلة، والتى تتصادم مع مطلوبات تهيئة مناخ الحوار التى ترفعها القوى السياسية. اذ ان هذا التحول الدرامى فى موقف الحزب الحاكم ازاء الحوار الوطنى ، عشية انعقاد مجلس السلم الافريقى لتقييم محصلة الجولة الفائنة من مفاوضات اديس ابابا، قد يلقى بظلال سلبية على مستقبل الجولة القادمة. فى هذا الاطار، دعت الخارجية الامريكية ، الى حوار سياسى شامل لايجاد حلول لكل النزاعات السودانية، فى بيان اصدرته يوم السبت الماضى ، نددت فيه باعمال العنف التى تعرض لها مدنيون جنوبى نيالا ،مؤخرا.وهو تطور ذو مغزى فى الموقف الامريكى، تجاه الدعوة للحوار الشامل كطريق مفض للحل الشامل، وتجاه وثيقة الدوحة. فالحوار الذى يتوقع له – وفق قادة الوطنى- ان يبتدئ ، وفق تلك الدعوة المرتجلة ، منذ اليوم الاثنين ، يحمل فى داخله ، ايضا، تناقضاته الاجرائية، على الاقل ، ابتداء من التحضير والاعداد بالتنسيق مع الاطراف المعنية ، والتى ستنتهى به للفشل المحتوم. فقد سارعت القوى المعنية – عدا المؤتمر الشعبى- الى رفض الدعوة ، وتأكيد اشتراطاتها مضادة للاشتراطات ، التى برزت فى خطاب البشير، ولم يتخلف حزب الامة القومى عن ذلك. فقد اعتبر خطاب الرئيس فى بورسودان ، يوم الجمعة الماضية ، بمثابة اغلاق لباب الحوار مع القوى السياسية بالداخل، بعد وقت وجيز من انهيار مفاوضات اديس ابابا، والتى كان ينتظر منها، وفق مقترح الوساطة،ان تمهد الارضية الملائمة لانطلاقة الحوار الوطنى، مما يضع الازمة السياسية امام احتمالات الانفجار. فقد حدد الرئيس موقفا قطعيا ونهائيا من قضايا ، كان ينتظر ان تكون بعضا من اجندة ، الحوار الوطنى ، اواى حوار يجرى بين حزبه وبقية الاحزاب، لاسيما المعارضة منها.اذ أكد فى خطابه ، انه لاتفكيك للانقاذ ،ولا حكومة قومية او انتقالية ولاتأجيل للانتخابات ،عن موعدها المحدد سلفا. لكن د.مصطفى اسماعيل، امين العلاقات السياسية بالحزب الحاكم ،اعلن فى تصريحات صحفية ان الرئيس سيبدأ لقاءات بقيادات القوى السياسية ابتداء من يوم الاثنين العاشر من مارس الجارى، بمافيها لقاء البشير والترابى، وفق ماورد بصحيفة اليوم التالى ، واكد ان آليات ومخرجات الحوار وبدايته ومكان انعقاده، ستعلن قبل نهاية هذا الاسبوع . وقد اصدر حزب الامة ،بيانا اشار فيه الى تصريحات ، لم يحددها، ولم يحدد مصدرها، قال انها" صدرت مؤخرا – حسب ماجاء فىجريدة الايام – تسمم مناخ الحوار ،وتهدم الثقة بدلا من الحرص على بنائها ، واشار- حسب الصحيفة - الى انه اذا اتضح ان الحزب الحاكم يرفض استحقاقات النهج القومى للحوار، ويدعو الى حوار يضع هو شروطه، فان حزب الامة سوف ينفض يده من حوار لا ينفع الوطن ولا يحقق مطالب الشعب المشروعة ، حسب تعبير البيان، فى تغيير ملموس لموقف الحزب الذى بدا متحمسا لمبادرة المؤتمر الوطنى ، لما اسماه بالتغيير فى نهجه. فيما رفض حزب المؤتمر السودانى احد احزاب التحالف الم،عارض الدعوة التى تلقاها- بالفعل - من الحزب الحاكم للمشاركة فى الحوار.ورهن مشاركته فى اى حوار بالحريات وبقيام حكومة انتقالية. وعد محمد ضياء الدين، القيادى البعثى، فى تصريح لصحيفة التغيير، حديث الرئيس البشير فى بورسودان، برفض الحكومة القومية والانتقالية وعدم تاجيل الانتخابات ، بانه الموقف الحقيقي للمؤتمر الوطنى .وقال :" ان المؤتمر الوطنى غير جاد فى الحوار "،و"كل مايأمله هو كسب الوقت لمعالجة اشكالاته الداخلية". مؤكدا – وفق الصحيفة -عدم مشاركة حزبه فى الحوار. ونقلت الصحف عن صديق يوسف، القيادى الشيوعى، قوله انه لايهمهم – كحزب- شكل الحكومة قومية او انتقالية ،لكن يهمهم تنفيذ ثلاثة شروط هى تجميد القوانين المقيدة للحريات، ووقف اطلاق النار، واشراك المتمردين فى الحوار ،الى جانب الاتفاق على آلية معينة للحوار مع الوطنى. وقد عاد حزب الامة ، للاقتراب من الموقف ،الذى تتبناه مكونات تجمع قوى الاجماع الوطنى، من الحوار، بصياغة اشتراطاته ،او ما اسماها مقترحات او استحقاقات للنهج القومى ،وتتمثل فى : اعلان آلية الحوار الوطنى ،التى يرأسها شخص مستقل متوافق عليه ،واتخاذ اجراءات لبناء الثقة، تتعلق بمالات احداث سبتمبر الماضى وبالمعتقلين السياسيين، وبالحريات وبحرية الصحافة ،وبايجابية موقف المعارضة من الحوار". وفيما يلف الغموض موقف الشعبى ، فان، فان الموقف من الحوار الوطنى قد اسهم فى اعادة الاصطفاف السياسى ، على اساس من الاشتراطات والاشتراطات المضادة، مايضع مبادرة الحوار فى طريق مسدود، بانتظار تنازلات ملموسة وحقيقية من قبل الحزب الحاكم ، خاصة فى جبهة السلام والحريات. [email protected]