قبيل الإنتخابات العامة التى جرت فى السودان العام 2009.. تسربت معلومات عن حصول أحزاب سياسية بعينها على تمويل من الدولة .. أو الحزب الحاكم .. لا أحد يجزم .. ولكن النتيجة أن شباب وطلاب المؤتمر الوطنى .. أو ممثلين عنهم .. قد سارعوا للقاء رئيس الحزب رئيس الجمهورية .. محتجين وساخطين على إقبال الحزب على هذه الخطوة المنكرة .. وهى دعم الخصوم السياسيين وتقويتهم .. ويقال أن الرئيس قال لهم .. إنتو دايرين إنتخابات فطيسة ..؟ وقال لهم .. ألا تثقون فى أنفسكم وفى حزبكم ..؟ وقال لهم .. لهذه الأحزاب حق فى هذا البلد كما للمؤتمر الوطنى .. ثم قال لهم .. نحن عاوزين إنتخابات حقيقية بخصوم أقوياء .. ولم يفيدنا الراوى برد فعل اولئك الشباب والطلاب ..! وبعد سنوات من تلك الواقعة .. كان مجموعة من من يسمون بإعلاميي المؤتمر الوطنى يحتجون لدى جهاز الأمن على السماح بقيام ( خيمة الصحفيين ) بإعتبارها منشطا يستهدف التوجه الحضارى .. رغم أن ستين فى المائة من ضيوفه من رموز ذلك التوجه .. وأنه تجمع يسارى يستهدف إستقرار البلاد .. رغم أنه منشط مفتوح يرتاده حتى بعض اولئك الذين كانوا فى ذلك الإجتماع .. وكانت المفاجأة فى ذلك الإجتماع .. أن ممثل الجهاز قال لهم .. لماذا تنتظرون من الجهاز فعل أى شىء .. ؟ لماذا لا تنظمون أنشطة مناوئة تسحب البساط من تحت أقدام هؤلاء اليساريين ..؟ وبعد تلك الواقعة بعام واحد لم يكن هناك نشاط مناوىء ولا يحزنون .. ولكن الذى حدث .. أن تلك الجماعة .. أو ربما غيرها.. قد نجحت فى إقناع جهاز الأمن أو التأثير عليه .. فتم حظر قيام خيمة الصحفيين .. من قبل جهاز الأمن .. لعامين متتاليين ..! كل ما سبق .. مجرد مقدمة لموضوعنا الرئيس .. وهو البحث عن حزب المؤتمر الوطنى فى موضوع الحوار الوطنى المطروح الآن .. والسؤال .. و حتى لا يختلط الأمر على الناس .. عن المؤتمر الوطنى الحزب .. وليس المؤتمر الوطنى الحاكم .. وثمة بون شاسع بين الإثنين .. ! إن المعارضة التى تتحدث اليوم عن مطلوبات الحوار ومقوماته وتهيئة مناخه .. قد فات عليها مطلب مهم جدا .. وهو كيف يكون المؤتمر الوطنى حزبا مثل بقية الأحزاب .. ؟ كيف يقطع الحبل السرى الذى يربط بين الحزب والدولة ..؟ بل كيف يقتنع أعضاء المؤتمر الوطنى أنه قد آن أوان فطامهم من الرضاعة من ثدى الدولة .. ؟ والرضاعة هذه ليست بالضرورة أن تكون أموالا تتدفق من هنا وهناك .. وقد يكون الحزب أثرى من الدولة .. وهذه مسألة أخرى .. بل الأسوأ من هذا .. إحساس هذا الحزب أنه يمتلك الدولة .. وأن كل أموره يمكن أن تقضى عبر مؤسسات الدولة .. وأسوأ من هذا وذاك إحساس بعض افراد هذا الحزب أن إسم الحزب هو جواز المرور فى أى مكان .. ثم ظن قواعد الحزب أنه ليس مطلوبا منها أى دور .. غير الإحتشاد .. والهتاف .. والتصفيق .. حسب الطلب .. والذين ينتقدون ضعف أنشطة المعارضة أو محدودية جمهورها .. فات عليهم أن المؤتمر الوطنى .. الحزب .. ما يزال غائبا .. وهذا اكبر مهدد للحوار والتحول الديمقراطى .. إن اكبر ضمانة للمعارضة .. وأبلغ تطمينات يمكن أن تتلقاها .. هو رؤيتها للمؤتمر الوطنى .. حزبا يمشى بين الأحزاب ..فاعلا .. لا مفعولا له ..!! [email protected]