حملتْ وسائط إعلامية بالأمس نبأ مفاده أن بعض المصلين في أحد مساجد الخرطوم، وقفوا مناصرة لتنظيم(داعش)بالعراق، وإن الهيئة الشعبية لمناصرة الشعوب وقفت نفس الموقف. كان يمكن تجاهل هذين الموقفين بإعتباره تعبيراً عن حرية الرأي، لكن هؤلاء الذين يقفون ويتظاهرون تأييداً لتنظيم الدولة الإسلامية بالعراق والشام لا يحتجون على ممارسات وسياسات دولتهم( الإسلامية) المزعومة بالسودان، والتي لم تنتج سوى الفساد والفقر والديكتاتورية. ولو كانوا خرجوا لتأييد داعش بسبب تهميش أهل السنة بالعراق، فأهل السودان السنة جميعهم مهمشين إلا منسوبي المؤتمر الوطني ومن دار في فلكهم. يمثل تنظيم داعش قمة أزمة أيدلوجيا الإسلام السياسي كونه لا يحمل أي فكرة سوى القتل، وكونه يحلم بدولة مترامية الأطراف لا برنامج لها ولا فكرة سوى إخضاع وإرهاب غير المسلمين وأي طوائف إسلامية أخرى لا تنضوي تحت لواء داعش. وداعش نفسها تخدم أجندة رأسمالية مفضوحة تود أن تقسم بلدان الشرق الأوسط خدمة لمشروع الشرق الأوسط الجديد. فقد دخلت على الخط فأجهضت الثورة الشعبية السورية، بل وقاتلت القوى السورية المسلحة عرباً وأكراداً فنصرت نظام بشار الأسد من حيث لا تدري. تنظيم داعش مرتزقه كون أنهم يأتون لأجل الغزو والسلب والمال من جهات عدة ليردعوا أمن الشعوب في العراق وسوريا باسم الجهاد. أن نفس منطق داعش تبناه نظام الإنقاذ في تسعينات القرن الماضي، حيث شنَّ الحروب الجهادية التي دارت في الجنوب، فأدت إلى فصله فيما بعد، وهاهي الحروب تندلع في جنوب كردفان والنيل الأزرق باسم الجهاد وتكرِّس فكرة تقسيم السودان إلى دويلات أكثر من ذي قبل، هؤلاء الذين يخرجون لنصرة داعش ولا ينصرون شعبهم في نضاله ضد الديكتاتورية هم أنفسهم المستفيدون من هذا النظام سياسياً واقتصادياً واجتماعياً ولا غرابة. الميدان